تأثير زيجارنيك (Zeigarnik Effect)
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
فهذا الأثر الذي اكتشفته عالمة النفس السوفيتية بلوما زيجارنيك، يوضح الميل لتذكر المهام التي تحصل مقاطعتها والمهام غير المكتملة على نحوٍ أفضل من تلك التي أُكملت، فقد لاحظت العالمة هذا الأثر بدايةً عند النوادل الماهرين، الذين بدا أنهم يتذكرون الطلبات طالما أنها قيد التنفيذ، ونسيانها تمامًا وعلى الفور بمجرد الانتهاء منها وتقديمها؛ إذ طورت أدمغتهم نظامًا لمعالجة الطلبات بسهولة، يُختصَر بعبارة واحدة: "المهام غير المكتملة هي كل ما يهم !" (2).
إن القدرة على التذكر هي مهارة تطورية، اكتسبها الإنسان لتعزيز فرصه في البقاء والازدهار العام، مما يشكل من تأثير زيجارنيك دليلًا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالثبات التحفيزي عند الفرد لإنجاز المهام والقدرة على عملية التعلم؛ إذ تستمر المهام غير المكتملة بالظهور في أذهاننا حتى اللحظة التي تكمل فيها (2,3).
كما وجدت العالمة أن الأشخاص الذين عبروا عن مستويات عالية من الطموح كانوا أكثر عرضة لتذكر المهام غير المكتملة من أولئك الذين لديهم مستويات متوسطة منه، كذلك فقد خلص الباحثون في هذا المجال أن المتفوقين غالبًا ما يتذكرون المهام غير المكتملة وفقًا لدافعهم الداخلي لخوض المجهول وإتقانه، وبالمقابل يُعتقد أن الأفراد ذوي الرغبة المنخفضة للإنجاز يقمعون على نحو غير واعٍ الذكريات عن المهام غير المكتملة بوصفها مصدرًا للقلق والتهديد المستمر (1,3).
فأدمغتنا لن تسمح لنا بالراحة قبل أن تتمكن من شطب المهام غير المكتملة التي يفترض أن تكون ذات صلة بمجال عملنا أو دراستنا حتى تكون هذه العملية مفيدةً لنا، وإلا يمكن أن يؤدي تأثير زيجارنيك إلى نتائج سلبية، فعلى سبيل المثال، قد تشكل كل رسالةٍ تظهر على الهاتف النقال ولم تُقرَأ بعد مصدر قلقٍ مستمر لأنها مهمة لم فرضها علينا الآخرون ولما تنجز (2).
وبذلك يمكن أن يطبق تأثير زيجارنيك في عديد من المجالات منها:
فحص عديد من علماء النفس والتربويين الآثار المترتبة على تأثير زيجارنيك على التعلم، عمومًا يعتقد مختصو التوعية أنه في حالة مقاطعة التعلم واستئنافها لاحقًا، فمن المرجح تذكر المعلومات التي حصل تعلمها في أثناء تلك المهمة.
ويشار إلى فائدة دراسة موضوع ما على فترات زمنية قصيرة، وقد يؤدي أخذ فترات راحة في منتصف العمل إلى استرجاعٍ أفضل.
قد يُقترَح من أجل تجنب عملية التسويف، أن يتخذ المرء الخطوة الأولى نحو إكمال المهمة في أسرع وقت ممكن قبل إتمامها لاحقًا (1).
لطالما استخدم المعلنون تأثير زيجارنيك بوصفه وسيلة لجذب انتباه وذاكرة المشاهدين، إذ تأكدت أرجحية تذكر الإعلانات التجارية المتقطعة أكثر من تلك غير المتقطعة، فقد حُدد نوع المنتج واسم العلامة التجارية له وتقديم وصف تفصيلي لمحتويات كل من الإعلانات المتقطعة (1).
يستخدم عديد من الرياضين أيضًا تأثير زيجارنيك لتحقيق أدائهم المتميز في الوقت المناسب؛ إذ يمكنهن من إنقاص التوتر قبل المباراة والتركيز على نحوٍ كامل على مهمة غير المكتملة.
على سبيل المثال، العداء الأولمبي يوسين بولت (Usain Bolt)، قبل أهم مسابقاته مباشرة، كان يلعب ألعاب الفيديو، وعمدا كان يترك المباراة النهائية غير منتهية مما يجعل دماغه يفكر في هذه اللعبة الإلكترونية بدلًا من التوتر المتراكم للمباراة النهائية الأولمبية (2).
وهذا ما يظهر أهمية أثر زيجارنيك، فقد يشكل عند استخدامه في أهم الأهداف غير المكتملة مع مزيد من الانضباط الذاتي أسلوبًا في النجاح والإنجاز (2).
المصادر: