معايير (ISO) للعلوم الجغرافية
الجغرافيا البشرية والعلوم الإقليمية >>>> الجغرافيا الرقمية ونظم المعلومات الجغرافية
مع التطورات المتسارعة التي يشهدها علم الجغرافيا والاستشعار عن بعد ومراقبة الأراضي وتطويرها، زادت القدرة التقنية لإنتاج المعلومات الجغرافية المكانية على نحوٍ كبير خلال العقود الماضية، ولتسهيل الوصول الفعال إلى هذه المعلومات، عُزِّزت ووحِّدت البنى التحتية للبيانات المكانية، مع الأخذ في الحسبان أنَّ البيانات الوصفية ضرورية لوصف الخدمات الجغرافية، ولذلك فقد حدَّدت هيئات التقييس مثل المنظمة الدولية للمعايير (ISO) نماذج بيانات وصفية للمعلومات الجغرافية (1).
وقبل استعراض بعض من هذه النماذج، لا بد في البداية من التعريف بمنظمة (ISO)؛ المنظمة الدولية للمعايير، وهي اتحاد عالمي لهيئات المعايير الوطنية التي تُنفَّذ عن طريقها أعمال إعداد الوثائق الخاصة بالمعايير الدولية تحت إشراف اللجان الفنية؛ إذ تشترك بعض المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في العمل، وتقدم اللجنة الفنية (ISO/TC 211) مخطوطة أنموذجية ناظمة للمعلومات الجغرافية والجيوماتيكية (المعلومات الجيوماتيكية: هي المعلومات المُنتجة من التقنيات المستخدمة في تحليل البيانات المكانية والمعلومات الجغرافية)، وتوفِّر هذه الوثيقة مخطَّطات مفاهيمية لوصف وتمثيل ومعالجة الخصائص المكانية للعناصر الجغرافية، ومجموعة من العمليات المكانية المتوافقة مع هذه المخططات؛ إذ تؤدِّي إلى زيادة القدرة على مشاركة المعلومات الجغرافية بين التطبيقات الهندسية المتعددة والتي سستُستَخدم من قبل نظام المعلومات الجغرافية ومطوري البرامج ومستخدمي المعلومات الجغرافية لتوفير هياكل ووظائف مفهومة باستمرار للبيانات المكانية (2).
تحدد (ISO/TS 19139-1) المواصفات الجغرافية القياسية وفقًا للغة ترميز (XML) محددةً للمفاهيم الجغرافية والبيانات التعريفية لها تبعاً لمعيار (ISO 19115-1) (3).
ويحدد (ISO 19115-1) المطوَّر في عام 2014م المعلومات الجغرافية والبيانات الوصفية المطلوبة لوصف الخدمات الجغرافية المكانية؛ كاكتشاف الموارد ومدة ملاءمتها للاستخدام وكيفية الوصول إليها، وقد طُوِّرت معايير (ISO) على نحوٍ كبير لتسهيل البحث والتقييم والوصول والتوظيف المناسب للموارد الجيومكانية؛ إذ حُدِّثت المعايير بناءً على الخبرة المكتسبة في التطوير والاستخدام للبيانات الجغرافية (4).
إضافةً إلى ذلك، تحدِّد وثيقة (ISO 19111) المخطط المفاهيمي للإسناد المكاني وفقًا للمعرِّفات الجغرافية، وهو بذلك يضع أنموذجًا عامًا للإسناد الجغرافي المكاني محدِّدًا مكوناته الرئيسية بالاستناد إلى الإحداثيات طبقًا للمواصفات القياسية؛ إذ تمكِّن هذه الوثيقة منتجي البيانات من تحديد أنظمة الإسناد المكاني باستخدام المعرِّفات الجغرافية وتساعد المستخدمين على فهم المراجع المكانية المستخدمة في مجموعات البيانات، فهو يتيح إنشاء المعاجم الجغرافية بطريقة متَّسقة ويدعم تطوير معايير أخرى في مجال المعلومات الجغرافية (5).
كما قدَّمت (ISO14001) الصادرة عام 1995م بالتوازي مع العلوم الجغرافية أول معيار ناظم للإدارة البيئية والذي يضم مجموعة من الإجراءات الرسمية المساعدة للشركات في تقليل آثارها السلبية على البيئة؛ إذ حدَّدت الوثيقة ست خطوات إلزامية وهي: إنشاء سياسة بيئية، وتقييم التأثيرات البيئية الحالية، والمسؤوليات، والامتثال القانوني، وإنشاء نظام إدارة داخلي، ومراجعة الأداء البيئي دوريًّا وإعداد بيان عام للتنفيذ، وتعيين مدقق للتأكد من أن الإجراءات متوافقة مع نظام الإدارة البيئية (6).
كما قَّدمت اللجنة التقنية (ISO TC211) المخطَّط المفاهيمي الأول لأنظمة إدارة الأراضي التي تهدف إلى تنظيم العلاقة بين الإنسان والأرض من خمسة جوانب أساسية هي: الأطراف (الأشخاص والمنظمات)، والوحدات المكانية (قطع الأراضي أو المباني)، والحقوق والمسؤوليات والقيود (حقوق الملكية)، والمصادر المكانية (المسح)، وأخيرًا التمثيلات المكانية (الهندسة والطوبولوجيا) (7).
ولا تقتصر معايير (ISO) على المجال الجغرافي فحسب، بل تشمل تقريبًا كل العلوم الحياتية التي تتطلب نمطًا ملزمًا للعمل الموحد والمنسَّق عالميًَّا لتحصيل أكبر قدر ممكن من التوافق بين الجهات الحكومية وغير الحكومية ضمن الاختصاص الواحد، أو تحديد الارتباطات والعلاقات التعاونية بين مختلف العلوم، بهدف تحقيق الجدوى المثلى لاستخدام الموارد.
المصادر: