رحلة الدنمارك من الفقر إلى الازدهار
الجغرافيا البشرية والعلوم الإقليمية >>>> الجغرافيا الاقتصادية
هل تذكرون أحلام بائعة الكبريت؛ الطفلة التي تموت من برد الدنمارك القارس؟
هذه القصة ليست خيالية بالكامل فقد أنتج الكاتب هانس أندرسون هذا العمل في النصف الأول من القرن التاسع عشر (1)، عندما شهدت الدنمارك سوءًا في الوضع الاقتصادي، وتُعد الدنمارك من الأمثلة القوية التي عانت من اللامساواة منذ تاريخ ليس ببعيد (2).
تقع الدنمارك في شمال القارة الأوروبية وتشكِّل جزءًا من الدول الإسكندنافية الثلاث إلى جانب النرويج والسويد، ويحيط بها بحر البلطيق وبحر الشمال، وعاصمتها كوبنهاغن، ويبلغ عدد سكانها 5.9 مليون نسمة ومساحتها 43,561 كم² (3,4).
عانت الدنمارك في القرن التاسع عشر من مشكلات اقتصادية كان أبرزها الفجوة الاقتصادية بين الفقراء والأغنياء (2,4)، ومن أسباب زيادة الفجوة بين الطبقات عدم ازدياد أجور العمال العاديين بوتيرة الزيادة نفسها في الدخل المتوسط في الاقتصاد، ممَّا أدَى إلى ازدياد التفاوت في الدخل (4).
شهد المجتمع الدنماركي نموًّا اقتصاديًّا كبيرًا، واتَّسم عمومًا بانخفاض الفقر في العام 1914م (5)، وذلك بعد خطوات عديدة لتحسين اقتصاد الدنمارك، فعلى سبيل المثال بدأت الدولة بتصدير منتجات جديدة حينذاك كاللَّحم المقدد والأطعمة المعالجة بدلًا من تصديرها القمح، وأقامت تعاونيات ناجحة على مستوى البلد، ويرى البعض أن هذا النجاح يعود إلى التجانس الثقافي لدى الشعب الدنماركي (6).
وعلى الرغم من فقر الدنمارك في الموارد الطبيعية وخصوصًا الفحم الحجري الذي يُعدُّ عنصرًا مهمًّا لتوليد الطاقة، لكنَّ ذلك لم يشكِّل عقبة أمامها؛ إذ سمحت علاقاتها التجارية الجيدة باستيراد الفحم الحجري بسهولة، وساهم في ذلك موقعها الجغرافي وموانئها الكثيرة إلى جانب رخص أسعار المواصلات وازدهار النقل في القرن التاسع عشر (6).
وبعد استقلال الدنمارك عن ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ اقتصادها بالنمو والانفتاح دوليًّا وازدادت صادراتها، وهي من الدول المؤسسة للأمم المتحدة في العام 1945م، وقد أصبحت عضوًا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في العام 1972م وعضوًا في حلف الناتو في العام 1949م، وتتصدَّر الدنمارك الآن قائمة الدول المتقدِّمة والمدافعة عن حرية التجارة وحقوق الإنسان (7).
المصادر: