القزم الأبيض, السوبرنوفا, والزومبي!
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ويضيف الباحثون أن هذه الاكتشافات قد تسلط الضوء على أصل نوع غامض من الانفجارات النجمية المعروف بالسوبرنوفا من النوع Iax . انفجارات السوبرنوفا هي أقوى الانفجارات النجمية الموجودة في الكون، وتكون ساطعة إلى درجة أن يفوق ضوئها مؤقتا ضوء المجرة كاملة.
يعتقد العلماء أن هذا النوع من الانفجارات النجمية، المعروف بالسوبرنوفا Ia، يحصل عندما تنتقل كمية كافية من الغاز من نجم ما إلى قزم أبيض مرافق له ليُحفز بالتالي انفجاراً نووياً استثنائياً. على أية حال، لم يُشاهد الباحثون في الواقع النجوم التي أدت إلى هذه الانفجارات، ما يجعل من أصل هذه الانفجارات غير محدداً.
يقول الباحث المشارك Saurabh Jha والفلكي في جامعة Rutgers في بيسكاتاوي ‘‘ظلّ العلماء لعقود يبحثون عن النجوم المسببة لهذا النوع من الانفجارات. النوع Ia مهم لأنه يُستخدم من أجل قياس المسافات الكونية الشاسعة وتحديد سرعة توسع الكون".
من أجل تعلم المزيد عن انفحارات السوبرنوفا الناتجة عن النجوم الأقزام البيضاء نظر الفلكيون إلى انفجار يُعرف بـ SN 2012Z، الذي اُكتشف بوساطة مرصد ليك خلال البحث عن انفجارات السوبرنوفا في العام 2012. تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا أيضاً كان قد التقط صوراً للمجرة التي تحتضن هذا السوبرنوفا وهي المجرة NGC 1309 الواقعة على بعد 110 مليون سنة ضوئية - في الأعوام 2005، 2006 و2010 قبل أن يحصل الانفجار.
ساعدت هذه البيانات القديمة الباحثين على اكتشاف النجم الذي ولد انفجار السوبرنوفا. ويبلغ احتمال أن النجم الذي اكتشفوه متعلق بحدوث انفجار السوبرنوفا نفسه 99% وفقاً للباحثين.
يقول كورتيس مككولي، المؤلف الرئيسي للدراسة ‘‘كنا متحمسين جداً بخصوص رؤية النظام السابق لهذا السوبرنوفا. لم يُشاهد أي شخص نظاماً مولداّ لانفجارات السوبرنوفا الناتجة عن الأقزام البيضاء ضمن بيانات الانفجارات السابقة ولذلك توقعنا أننا لن نرى ذلك أيضاً. ولكن الطبيعة تفاجئنا وهذا الأمر مثير دوماً". توقع الفلكيون أن النظام السابق للسوبرنوفا سيكون خافتاً إلى درجة لا يمكن معها مشاهدته كما هي الحالة مع الأبحاث السابقة عن أسلاف السوبرنوفا من النوع la. لذلك كانت مفاجئة مككولي كبيرة عندما وجد شيئا في الصور السابقة لموقع انفجار السوبرنوفا.
SN 2012Z عبارة عن نوع غامض من الانفجارات النجمية المعروفة بالسوبرنوفا من النوع Iax. وقد تم تحديد هذا النوع للمرة الأولى منذ 12 عاماً، واُعتقد في الأساس أنها شبيه أكثر خفوتاً للسوبرنوفا Ia الأكثر شيوعاً.
أما الآن فيبدو أن هذا النوع من السوبرنوفا ينتمي إلى صنف مختلف تماماً. حتى الآن، حدد الفلكيون أكثر من 30 سوبرنوفا من هذا النوع الاستثنائي، الذي يحصل بمعدل يصل إلى خُمس معدل حدوث السوبرنوفا من النوع Ia، لكنه يحرر كمية من الطاقة مابين 1 إلى 50%. من طاقة انفجارات السوبرنوفا من النوع la.
وجد الفلكيون أن النظام السلف لـ SN 2012Z تألف كما يبدو من قزم أبيض ونجم مرافق أزرق ولامع. اقترح الباحثون أن المرافق عبارة عن "نجم هليوم"، حيث تم تجريده من طبقاته الخارجية المكونة من الهيدروجين بسبب جاذبية القزم الأبيض.
‘‘توضح نتائجنا أن بعض انفجارات السوبرنوفا القزم الأبيض تنتج عن قزم أبيض يجذب المادة القادمة من نجم لامع مرافق لتتجمع كقرص حول القزم الأبيض" كما يشرح فريق البحث. بدلاً من تدمير النجم المنفجر – كما كان معتقداً عن ما تسببه انفجارات السوبرنوفا -ربما ترك السوبرنوفا المسمى SN 2012Z ورائه قزماً أبيضاً شبه ميت، وهو ما يدعوه أعضاء الفريق بـ "النجم الزومبي".
يقول احد أعضاء فريق البحث رايان فولي الفلكي من جامعة الينوي ‘‘هناك مؤشرات تدل أنه من الممكن أن القزم الأبيض لم يتدمر بشكلٍ كامل".
تقترح هذه الاكتشافات أن انفجارات السوبرنوفا من النوع Ia تختلف في المنشأ عن السوبرنوفا من النوع Iax . على سبيل المثال الصور الملتقطة قبل وبعد إنفجارات السوبرنوفا SN 2014J وSN 2011fe (وهي انفجارات من النوع Ia) كانت قادرة على كشف وجود أي نجم أزرق مولد لهذا الانفجار إن وجد. ولكن لم يتم رؤية أي من هذه النجوم. يقول قائد فريق البحث "يبدو من المؤكد أن معظم انفجارات السوبرنوفا المعتادة من النوع Ia لا يمكن أن يتواجد فيها نجم مرافق أزرق كما في حالة الانفجارات من النوع Iax.
بدلاً من ذلك، تُشابه انفجارات السوبرنوفا من النوع Iax أحد انفجارات النوفا النجمية -انفجارات نجمية أقل طاقة بكثير – والمعروف بإسم بـ V445 Puppis، وهو انفجار حصل في درب التبانة واكتشفه الفلكيون في عام 2000. انفجارات النوفا تشبه انفجارات السوبرنوفا من النوع Ia من ناحية أنها تحصل عندما يقوم قزم أبيض بجذب وتجميع كمية من الوقود (أي الغاز) القادم من نجم مرافق، لكن لا تقوم النوفات بتدمير نجومها بشكلٍ كامل كما هي الحالة مع السوبرنوفات -كما كان يُعتقد سابقاً.
أضاف الباحثون أن النظام السابق لـ V445 Puppis يتألف من قزم أبيض ونجم هليوم مرافق -ربما بشكلٍ مشابه تماماً لحالة السوبرنوفا SN 2012Z.
أحد السيناريوهات المحتملة التي وضع الباحثون نموذجا لها حول هذا النظام هو كونه في الأساس يتألف من نجمين كتلة أحدهما أربعة أضعاف كتلة الشمس، والثاني يمتلك كتلة تبلغ 7 أضعاف كتلة الشمس. بدأ النجمان تبادل وقود الهليوم والهيدروجينk فيمابينهما ذهاباً وإياباً وفي النهاية تحول النجم الأكبر إلى قزم أبيض يتمتع بكتلة تصل إلى كتلة الشمس تقريباً -وفقاً لاقتراحات الباحثين. وبدوره تضخم حجم النجم الأزرق المرافق وألقى بطبقاته الخارجية حتى أصبح عبارة عن نجم هليوم بكتلة تصل إلى ضعفي كتلة الشمس. بعد ذلك، قام القزم الأبيض بسحب الكتلة من مرافقه الأزرق حتى أدى ذلك لانفجاره كسوبرنوفا من النوع Iax ناسفاً ما يُعادل نصف كتلته، بدلاً من موته بالكامل.
على أي حال، يعترف الباحثون بأنهم غير قادرين الآن على استبعاد الاحتمالات الأخرى بخصوص هوية النجم الأزرق الذي شاهدوه. على سبيل المثال، يُمكن أن يكون نجما ذو كتلة مابين 30 إلى 40 ضعف كتلة الشمس وانفجر بالتالي مدمراً نفسه.
لحل المسألة بشكل كلي، يقول Jha بأن الباحثين ‘‘سيقومون بمراقبات مستقبلية للنظام في وقتٍ متأخر من العام 2015 بالاعتماد على تلسكوب هابل الفضائي بعد تلاشي ضوء السوبرنوفا‘‘.
هناك احتمالين: إما أن الباحثون لن يروا أي نجم على الإطلاق وهي الحالة التي سيكون عندها سلف السوبرنوفا عبارة عن نجم فائق، أو أن نجم هليوم سيكون هناك. يقول Jha، ‘‘لكن سيكون قد تغير جراء الانفجار. كما نأمل أيضاً أن نشاهد النجم الزومبي المتبقي".
المصدر: هنا
حقوق الصورة: NASA and ESA، Curtis McCully and Saurabh W Jha (Rutgers)، Ryan J Foley (Illinois)