الرّياضيات، تخصُّصٌ سيأخذك إلى عوالمَ أخرى من التّجريد. إنّها ليست كما يظنُّ الكثيرون، حساباتٌ وأرقامٌ، نعم الرّياضيات الحقيقيّةُ مختلفةٌ تمامًا عن مجرّدِ كونِها حساباتٌ، الرّياضيات فرعٌ عميقٌ من فروعِ المعرفةِ، ليست ضمن العلوم، لأنَّها لا تتبع الطّريقةَ العلميّةَ. توجد الرّياضياتُ في كلِّ مجالٍ وتخصّصٍ، حتّى في تلكَ الّتي تبدو بعيدةً عنها – كعلومِ اللُّغات مثلًا - إذ أنَّ دراستَكَ للرّياضياتِ قد تخوّلكَ لاستكمالِ الدّراسةِ في تخصّصٍ آخر – كالفيزياءِ أو البرمجةِ مثلًا - في الدّراساتِ العليا.

الرّياضيات هي اللُّغة العليا، ليست لغةُ الطّبيعةِ وحسب، بل أشملُ وأعمّ.

قسمُ الرّياضيات يشملُ عدّةَ تخصُّصاتٍ، هي الرّياضياتُ النّظريّةُ، والرّياضياتُ التّطبيقيّةُ مثل: الرياضيات الاكتوارية، والإحصاء الرّياضيّ والمعادلات التّفاضليّة . ودراسةُ الإجازةِ في الرّياضيات لكلِّ قسمٍ من الأقسام هي أربعُ سنواتٍ - قد تختلفُ وذلك باختلاف الجامعةِ-. و ما ستدرسونه خلالَ الأربعِ سنواتٍ من دراستكم للرّياضيات سيكون:

السّنة الأولى : أسس الرّياضيات، مثل حساب التّفاضل و التّكامل، والهندسة التّحليليّة وتحليل المتّجهات، والجبر الخطيّ. بالإضافة لتعلُّم بعض لغات البرمجة، حيث يرتبط الاثنان ارتباطًا وثيقًا. بالإضافةِ لمبادئ الإحصاءِ الرّياضيّ.
السّنة الثّانية: أسسُ التّحليل الحقيقيُّ، والمعادلات التّفاضليّة والبنى الجبريّة والبرمجة والخوارزميّات . أيضًا ستدرسون الفيزياء الخاصّة بالرّياضيّين كالميكانيك والمعادلات الفيزيائيّة الرّياضيّة.
السّنة الثّالثة: وتنقسمُ فيها الدّراسة إلى مسارَين حيث يبدأ التّخصص بين رياضياتٍ نظريّة ورياضياتٍ تطبيقيّة ويكون أساس التّخصُّصِ رغبةُ الدّارس الّتي يبنيها على معرفته في السّنتين الأولى والثّانية:
المسار الأوّل : لاختصاصِ الرّياضيات النّظريّة ويشمَل موادًا منها : نظريّة القياس والتّحليل العدديّ والهندسةُ التّفاضليّة كما سيتابع التّعمُّق في التّحليل العقديِّ ، والميكانيك النّظريّ ونظريّة البيانِ .
أمّا المسار الثّاني : فهو لاختصاصِ الرّياضيات التّطبيقيّة وفيه نستطيع دراسة موادٍ على رأسها نظريّة الحَوسَبة وتحليلُ الخوارزميّات والذّكاء الصُّنعيّ وتحليل المتّجهات وغيرها.
السّنة الرّابعة: حيث يتابع دارس اختصاص الرّياضيات النّظريّة الدّراسةَ في موادَ ممتعةٍ من مثلِ نظريّة الشّبكات، ونظريّة المعادلات، ونظريّة الأعداد، ونظريّة التّقريب، والتّحليل التابعيّ.
أمّا دارس اختصاص الرّياضيات النّظريّة فله نصيبٌ أيضًا في مواد لاتقلُّ متعةً أو أهميّةً كتحليلِ النُّظم، وبحوث العمليّات، والنّمذجة الرّياضيّة، والخوارزميّات البيانيّة وغيرها .

قد تختلف مسميّاتُ الموادِ بين جامعةٍ وأخرى لكنك في النّتيجةِ ستكونُ قد تعرّفتَ على كثيرٍ من الموادِ الممتعةِ والّتي ستفتحُ لكَ أبوابًا كثيرةً للتّفكيرِ والاستنتاجِ وقراءةِ العلومِ والمحيطِ بطريقةٍ مجرّدةٍ ومختلفة.

بعد التّخرج، يُفضّلُ البعضُ استكمالَ الدّراسةِ وخاصةً في التّخصُّصات المرتبطةِ بالفيزياءِ النّظريّةِ، أو البرمجةِ وعلومِ الحاسوبِ المختلفةِ والّتي لايخفى على أيٍٍّ منّا أهميّتها ودورها في حياتنا العمليّة والعلميّة. أما من يرغبون بالعمل خارجَ أُطرِ المجالِ الأكاديميّ والبحثيّ فمجالاتُ العملِ كثيرةٌ، لأنَّ الرّياضيّينَ يكتسبونَ مهاراتٍ كبيرةٍ في التّفكيرِ ومعالجةِ البياناتِ خلالَ دراستهم. و تشمل الفُرصُ الوظيفيّةُ:

- التّدريسَ في المدارسِ الثّانويّة.
- تحليلُ البياناتِ في الشّركات.
- العملُ في المؤسّساتِ العلميّةِ والبحثيّةِ في النّمذجةِ ونحوها.
- بعد التّخصّصِ في البرمجةِ، يمكن العملُ في تطويرِ لغاتِ البرمجةِ ونحوَها.

الرّياضياتُ تخصُّصٌ أكاديميٌّ في الغالبِ، لذلكَ ننصحُ الرّاغبينَ بدخولهِ الاستمرارَ في المجالِ الأكاديميِّ، حيثُ تتوفَّرُ الوظائفُ والرّواتبَ الجيّدة!

ولاتنسوا أبدًا : "الرّياضياتُ هي المفتاحُ و البابُ للعلومِ!" – غاليليو غاليليه-