حقنة جديدة تعكس أعراض مرض السكري عند الفئران
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
يقول الباحثون الآن أنهم وجدوا علاجاً محتملاً قد يتمكن من إعادة فعالية الإنسولين إلى طبيعتها و المحافظة على سكر الدم في مستوياته الطبيعية بحقنة واحدة فقط!! وتم تحقيق ذلك دون أعراض جانبية في الفئران على الأقل.
ترى هل في الأمر مبالغة؟؟ أم أن العلماء حقاً على مشارف الوصول إلى علاج لمرض السكري ينهي معاناة الكثيرين؟؟
دعونا نقرأ السطور التالية حتى نعرف أكثر عن هذا الدواء المعجزة.
سنبدأ أولاً ببعض المعلومات المختصرة عن مرض السكري:
ينقسم مرض السكري إلى نوعين أساسين لهما فروع كثيرة:
السكري من النمط 1: يهاجم جسم المريض في هذا النمط خلايا بيتا في جزر لانغرهانس في البنكرياس و التي تعمل على إفراز الإنسولين. و بالتالي فإن الجسم يفقد أحد الهرمونين الاساسيين في تنظيم مستوى سكر الدم (الآخر هو الجلوكاجون).
السكري من النمط 2: يتم إفراز الإنسولين بشكل طبيعي لدى المصابين بهذا النوع (في بادئ الأمر)، لكن خلايا الجسم لا تستجيب له بشكل كامل و من ثم تقاوم تأثيره. يحاول البنكرياس أول الأمر التعويض عن قلة حساسية الخلايا بضخ المزيد من الإنسولين، و لكن مع مرور الوقت يتوقف عن صنع ما يكفي. لذلك فإن كثيراً من المصابين بهذا النمط يلجأون إلى التداوي بحقن الإنسولين و خافضات السكر الفموية معاً.
ما هو الإنسولين؟؟
الإنسولين هو الهرمون الذي تفرزه خلايا بيتا من جزر لانغرهانس الموجودة في البنكرياس. يعمل هذا الهرمون على إدخال الجلوكوز (سكر العنب، و هو مصدر الطاقة الرئيسي في جسم الإنسان) إلى الخلايا (بصورة خاصة: الخلايا الشحمية Adipose و خلايا العضلات)
الخلل في إفراز الإنسولين أو عدم حساسية الخلايا له يؤديان إلى ارتفاع سكر الدم و الذي يؤدي بدوره إلى العديد من المشاكل الصحية.
العلاج الجديد:
قام فريق دولي من العلماء بقيادة مايكل داونز و رونالد إيفانز من مؤسسة سالك للدراسات البيولوجية بالتقصي عن بروتينٍ واعد يدعي بالـ (عامل نمو الأرومة الليفية 1، Fibroblast Growth Factor FGF-1).
تم سابقا اقتراح إمكانية أن يلعب هذا العامل البروتيني دوراً في تنظيم حساسية الخلايا للإنسولين؛ فالفئران التي تفتقر لهذا العامل تطور لديها الداء السكري بسرعة عند إخضاعها لحمية غنية بالمواد الدهنية.
في هذه الدراسة الجديدة قام الباحثون بحقن بروتين الـ FGF-1 في دم الفئران المصابة بالسكري و وجدوا تأثيراً فعالاً خافضاً للجلوكوز، دون أن تظهر أعراض جانبية مثل: زيادة الوزن، خسارة الكثافة العظمية أو تراكم الدهون في الكبد، و التي يمكن أن تظهر لدى استخدام خافضات السكر الفموية. نُشرت نتائج هذا البحث في مجلة نيتشر Nature الشهيرة في السادس عشر من تموز عام 2014.
كانت جرعة واحدة كافية لاستعادة تركيز سكر الدم إلى مستواه الطبيعي و دام تأثير الحقنة لعدة أيام. عمل العلاج المستمر بتكرار الحقن على مدى شهر على عكس مقاومة الإنسولين و استعادة قدرة الجسم الطبيعية على تنظيم مستوى سكر الدم. وحتى مع هذه الجرعات العالية لم تظهر أعراض جانبية خطيرة كما لم يحدث هبوط حاد في مستوى سكر الدم كما يحدث مع الكثير من مرضى السكري الذين يستخدمون خافضات السكر الفموية.
إضافة إلى ذلك، لم ينجم عن حقن الفئران السليمة ببروتين الـ FGF-1 تأثير ظاهر، و لم يؤثر في الفئران التي لا تنتج الإنسولين مطلقاً، مما يجعله فعالاً فقط بوجود الإنسولين و يعمل معه و من خلاله لاستعادة مستوى سكر الدم إلى طبيعته.
نستطيع أن نستخلص مما سبق أنه ليس لهذا البروتين أي تاثير على المصابين بالسكري من النمط 1 و الذين يعتمدون غالباً على حقن الإنسولين في تنظيم سكر الدم.
مازال الفريق البحثي بحاجة إلى معرفة كيفية و آلية عمل بروتين الـ FGF-1 ، و لكن إن استطاعوا أن يثبتوا بأنه فعال لدى استخدامه على البشر، فسيكون لهذا البروتين قدرة علاجية هائلة ليس فقط لمرضى السكري نمط 2 و إنما للعديد من الأمراض الاستقلابية المشابهة و التي تتسم بقلة الحساسية للإنسولين أو مقاومته.
فقد قال الدكتور إيفانز في تصريح إخباري: "إن التحكم بالجلوكوز هو مشكلة كبيرة في مجتمعنا، و يقدم العلاج ببروتين الـ FGF-1 طريقة جديدة قوية و غير اعتيادية للتحكم بمستوى الجلوكوز في الدم"
رغم أن العلاج ما زال في بداياته و لم تتم تجربته إلا على الفئران حسب المقال المنشور، إلا أنه قد يكون أملا لمرضى السكري من النمط 2 ليستعيدوا حياتهم الطبيعية و يتخلصوا من هذا الكابوس الذي أرق البشر لفترة طويلة.
تظهر الصورة العديد من الكريات البيضاء الصغيرة و هي عبارة عن خلايا مملوءة بالشحوم موجودة لدى فئران سمينة مصابة بالداء السكري من النمط 2.
أما هذه الصورة تظهر النسيج الكبدي لنفس الفئران المذكورة أعلاه بعد أن تمت معالجتها بحقن متتابعة من بروتين الـ FGF-1. و تظهر الصورة انخفاض نسبة الشحوم في الخلايا و ذلك لاستبدال تلك الشحوم بالسكر بعد أن استعاد الإنسولين قدرته على إيصال السكر إلى داخلها، و أصبحت هذه الخلايا تشبه إلى حد كبير خلايا النسيج الكبدي لدى الفئران السليمة.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا