إناث تنتهي من الجنس بشهية مفتوحة لالتهام الذكر
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء
1- الأخطبوط:
تعتبر أنثى الإخطبوط من الكائنات الأكثر سوداوية وقتامة، فهي تقتل شريكها أثناء التزاوج وتخنقه بثلاثة من أذرعها. لكن كيف يختنق الأخطبوط؟ فهو لا يستنشق الهواء، حتى أنه لا يملك رقبة .. فكيف يحصل ذلك بالضبط ؟
كما هو معروف، يتكون جسم الأخطبوط من رأس كبير و8 أذرع عضلية، يحوي رأس الأخطبوط كل أعضاء الجسم وأجهزته جميعاً في كيس جلدي كبير يحيط بالجسم يعرف بالمعطف. ومن المحيط الدائري لنهاية المعطف تمتد الأذرع الثمانية.
يحدث الاختناق عندما تلتف ذراع -واحدة على الأقل- من أذرع الأنثى حول قاعدة معطف شريك التزاوج، فتشكل عائقاً يمنع وصول المياه المنعشة إلى الغلاصم حارماً الحيوان من مصدر الأوكسجين.
تتلامس الأَخْطَبوطات مع بعضها بالأذرع في حالتين فقط: التزاوج والاعتداء (العراك)، و يبدو أنه في تلامس التزاوج تحديداً، تحدث الحالتان معاً.
في أحد أنواع أخطبوطات إندونيسيا (الأخطبوط الأزرق الكبير Octopus cyanea) يزيد حجم الأنثى على الذكر غالباً (طول جسمها يبلغ 7.5 إنش مقابل 6 إنشات له). تتم عملية التزاوج خارج وكر الأنثى، حيث يولج الذكر ذراع التزاوج في معطفها على مسافة آمنة مفترضة. لكن وبعد حوالي 15 دقيقة من التزاوج، تقترب الأنثى ببطء من الذكر، تندفع باتجاهه بسرعة بحركة تشبه الاحتضان، تطوق معطفه بذراعيها الأماميتين، تسحبه ليصبح قريباً، ثم تلف ذراعيها حول معطفه بإحكام لتخنقه.
يستجيب المسكين بمحاولة التراجع والهرب خلسة، لكن الأنثى تواصل قبضتها عليه وتطوقه لمدة دقيقة كاملة قبل أن تلف ذراعاً إضافية حوله، بعد ذلك بدقيقتين، يتوقف عن الحركة مستسلماً. تغطيه بأذرعها وتسحبه فيما بعد إلى وكرها ليكون عشاءها إضافةً لكونه رفيق الموعد (مصدر 1).
2- العناكب:
إن إناث العنكبوت شرهات متعطشات للافتراس، وتتنوع الفرائس على موائدها لتشمل أحياناً شركاء التزاوج. ولأسباب قيامهن بذلك فرضيات عدة أهمها ببساطة صغر حجم الذكر. تكون الذكور أكثر عرضة لأن تؤكل إذا كان حجمها أصغر بكثير من حجم الإناث، الأمر الذي يؤثر على الأرجح في سهولة الإمساك بها وافتراسها. ففي أحد أنواع العناكب الذئبية (Hogna helluo) لا تـُفترس الذكور الكبيرة من قبل الإناث أبداً، بينما تفترس الصغيرة بنسبة 80٪. إنها لمأساة أن تؤثر هذه الصفة البسيطة على علاقة العناكب العاطفية.
في مفارقة مثيرة للاهتمام، يبدو أن هذه العلاقة الغريبة لم تفض إلى عملية تطورية مع الزمن. فلو افترضنا حدوث تطور، فسيزداد حجم الإناث من أجل أن تفترس ذكوراً أكثر، وهذا لم يحدث، لأنه في تلك الحالة ستصبح كل الذكور عبارة عن وجبة للإناث الكبيرة، وسيجعل التطور حجم الذكور يتناقص أيضاً، عندها لن يتمكن الذكر من الحصول على شريكة أبداً!. بدلاً من ذلك، يمكن اعتبار ظاهرة التهام الشريك الجنسي نتيجة ثانوية للتطور بسبب كبر حجم الإناث وصغر حجم الذكور المفترسة. (مصدر 2)
يعد عنكبوت الأرملة السوداء مثالاً آخر شهيراً في عائلة العناكب على هذه الظاهرة. شاهد هذا الفيديو:
هنا
3- فرس النبي:
في سلوك التهام أبناء الجنس أثناء الجنس لدى فرس النبي، يلاحظ صراع بين رغبتي التزاوج والبقاء على قيد الحياة، فالذكر يقرر القيام بهذه المقاربة ببطيء وحذر لما فيها من تهديد كبير لمصير ذريته المستقبلية.
يقول العلماء أن ما يقود لهذه التضحية هو جوع الذكر للجنس وجوع الأنثى للطعام. أحد أنواع فرس النبي Tenodera sinensis يصل طوله إلى الـ 15 سم وتقضي 16% من أفرادها بعد زف العريس للعروس مباشرةً في البرية. ولمعرفة كيف تتغير هذه النسبة في الأسر وما الذي يقودها فعلاً، وُضعت إناث مجوّعة وأخرى مغذّاة وقسمت كل مجموعة أيضاً إلى إناث تمارس التزاوج يومياً وأخرى وحيدة.
بالطبع كانت الإناث أكثر خطورة عندما كانت جائعة لكن الذكور كانت مستعدة لتحمل المخاطر في ظروف التجويع كما أنها كانت تبادر أيضاً في ظل التجويع الجنسي لها حتى وإن كانت الإناث خطرة.
النكتة هي في أن الإناث -السمينات- وبسبب كبر حجمهن يكونن على حافة الموت جوعاً بشكل دائم (يالها من شراهة)، كما أن ذكورها أغنى وأدسم بالمغذيات من بضعة صراصير مجتمعة ... وتقرر الأنثى أنها لن ترفض هذا الطبق في النهاية كما لو أنه تقدم لها مع هدية؛ هي مأدبة فاخرة .... المفارقة أيضاً أن فرس النبي يدعى Praying Mantis أو السرعوف المصلي ويبدو أن صلاته ما هي إلا للقاء الشريكة فلقائها هو آخر ما يفعله (المصدر 3).
شاهد هذا الفيديو المثير لافتراس الأنثى الذكر دون أي مقاومةٍ من هذا الأخير:
هنا
4- مزدوجات الأرجل:
ذكور عديدة مغلوب على أمرها تنتمي لأنواع أخرى تعاني من هذه الظاهرة في مملكة الحيوانات فمزدوجات الأرجل amphipods التي تعيش في المياه العذبة (يتبع لها برغوث الماء) تتبع ممارسةً مشابهة بتغذيها على أبناء جنسها.
الموضوع أكثر تعقيداً هنا فبراغيث الماء تتغذى أفرادها على بعضها عشوائياً Cannibalism بشكل غير مرتبط بالتزاوج لكن مع بعض الضوابط بين الجنسين.
وضعت ذكور بالغة وحدها في تجربة، كما وضعت أناث بالغة وحدها في مجموعة ثانية، بالإضافة إلى بالغين من الجنسين معاً في مجموعةٍ ثالثة وأفراد يافعين في مجوعة رابعة. لوحظ حدوث الافتراس في كل المجموعات بين الأفراد في طور الانسلاخ. وقد كان الافتراس ضمن المجموعة الواحدة يتسارع عندما تكون الأفراد ضعيفة أثناء مرورها بالانسلاخ خصوصاً لصغيرة الحجم منها.
الملفت أن شراسة الذكور كانت أقل تجاه الإناث المنسلخة حديثاً منها تجاه الذكور حتى أنها كانت تدافع عن الإناث أحياناًً. ربما ليست شهامة بقدر الرغبة بالحفاظ على النوع. لكن مهلاً فليسوا بهذه الدرجة من الإيثار، حيث وجد بتجويع الذكور حصول ظاهرة الافتراس الجنسي المعاكس Reversed Sexual Cannibalism (أي بعكس ما لاحظناه في الأنواع السابقة) حيث هاجمت الذكور الإناث وافترستها. الأمر برمته إذاً يمكن أن يفسر بأنه توازنٌ بين الحاجة لإشباع رغبة الجوع ورغبة التزاوج (المصدر 4).
5- مجدافيات الأرجل:
قد يتخذ الـ Cannibalism مظهراً مختلفاً كما يلاحظ في بعض أنواع القشريات حيث تنظم الأفراد من تعدادها بالتغذي على صغارها .... نعم إنه منطق مروّع.
قلبت دراسة مجدافيات الأرجل copepods في البحر النرويجي المفاهيم العلمية حول كيفية معرفة تعداد الأفراد من خلال تعداد ضحاياها بدلاً من النظر إلى مواليدها. وجد بأن معدل موت البيض في أحد أنواع المجدافيات يرتبط مباشرةً بوفرة إناث هذا النوع في المكان. كما لوحظ أن زيادة عدد الإناث البالغة القادرة على وضع البيض لعشرة أضعاف لا يؤدي إلى زيادة مماثلة بنسبة البيض الحي الموجود. حسنٌ يبدو أن الإناث هنا قررت التهام الذكور والإناث معاً حتى قبل أن تصل إلى البلوغ.
تعد القشريات الصغيرة ومن بينها المجدافيات من أكثر الحيوانات متعددة الخلايا عدداً في المحيطات ولها دور مهم في الشبكة الغذائية البحرية. من الأهمية بمكان فهم آليات تكاثرها لأنها تؤثر مباشرةً على تعداد الأسماك التي نأكل.
بعيداً عن الغرابة أو الطرافة في أن تأكل الإناث الذكور يعتبر الـ Cannibalism في عالم الحيوان مدعاة للوقوف عنده لما له من أهمية في فهمنا لشركائنا في الكوكب (المصدر 5). ويعتقد الباحثون في هذا المجال أننا لو أخبرنا الأطفال بهذه الأنواع فسيجدون في مراقبتها وتعلم سلوكها موضوعاً أكثر جذباً وتشويقاً من الديناصورات ... فما رأيكم ؟
مصدر 1: هنا
مصدر 2: هنا
مصدر 3: هنا
مصدر 4: هنا
مصدر 5: هنا
مصادر الصور:
هنا
هنا
هنا
هنا