سلسلة أنتونيو غاودي (ج2): La Sagrada Familia
العمارة والتشييد >>>> التصميم المعماري
(أثناء البناء عام 1925)
لقد تم تعيين المعماري غاودي مسؤولاً عن إتمام المشروع سنة 1883 بعمر 31 سنة، على أعقاب خلاف بين متعهدي المعبد والمعماري الأصلي Francisco de Paula del Villar y Lozano، حيث أن غاودي حافظ على المسقط الأفقي اللاتيني المتصالب، كأي كاتدرائية قوطية نموذجية، ولكنها خرجت عن القوطية بعدة نواحي واضحة. أكثرها وضوحاً، أن غاودي طور نظام أعمدة بزوايا قباب بمقطع قطع زائد للقضاء على الحاجة للدعامات الطائرة. تنقل الأحمال الأفقية عن طريق الأعمدة الداخلية عوضاً عن العوز لعناصر خارجية.
تستخدم كنيسة العائلة المقدسة أشكال ثلاثية الأبعاد تتألف من أسطح مُحكمة تتضمن قطوع زائدة ومكافئة وأشكال حلزونية ومخروطية. هذه الأشكال المعقدة تسمح باستخدام بناء أرق وأدق وتحسن من المعالجة الصوتية للمعبد وجودة الإضاءة.
استخدم غاودي نماذج جصية لتطوير التصميم بما في ذلك نماذج بمقياس 10\1 لصحن الكنيسة الرئيسي بارتفاع وعرض خمسة أمتار وعمق مترين. كما أنه ابتكر أيضاً نظام من السلاسل والأوزان المعلقة من أرضية المعبد إلى السقف في النموذج، ولقد استمد من هذا النموذج زوايا الأعمدة اللازمة والقبب والأقواس. هذه الأشياء واضحة من خلال الأعمدة المائلة في الواجهة التي تدعى بواجهة العاطفة أو الألم لأنها تمثل شغف المسيح أوألمه، حيث تذكّرنا الأعمدة بالنظام الإنشائي العامل بالشد ولكنها حقيقةً تعمل بالضغط.
تضمّن تصميم غاودي رمزية دينية في كل جانب من جوانب الكنيسة المقدسة وذلك لخلق صورة مرئية أشبه بلوحة تجسد المعتقدات المسيحية. لقد قام بتصميم ثلاث واجهات تعتبر أيقونات معمارية للكنيسة سميت بواجهة المجد والميلاد (ميلاد السيد المسيح) والعاطفة أوالألم، وكانت الواجهات تواجه الجنوب والشرق والغرب على الترتيب. إن النحت في واجهة الميلاد يتميز بالنعومة والبروزات المعقدة وكان يشرف عليها غاودي بنفسه. تتميز واجهة العاطفة أو الألم بأعمال جوسيب ماريا Josep Maria Subirachs حيث أن منحوتاته الزاويّة تزيد من طابع الحداثة على المعبد. من الجدير بالذكر أيضاً أن النحات أيستور سوتون Etsuro Sotoo هو المسؤول عن زخارف النوافذ والتيجان والتي ترمز إلى القربان المقدس.
الصحن المركزي للكنيسة يرتفع إلى علو 45 متر ومصمم ليشبه غابة من ركائز متعددة من الجرانيت، كما أن الركائز تتغير بالمقطع العرضي من القاعدة إلى الأعلى بتزايد عدد الرؤوس ليتحول من شكل متعدد الأضلاع إلى شكل دائري. الأعمدة الرفيعة والتي تتقسم إلى قسمين تأسر العين لتحول الانتباه للأعلى حيث يخرج الضوء من خلال ثقوب دائرية في الأقبية، وتنتهي هذه الأعمدة ببلاطات زجاجية خضراء وذهبية موضحة خطوط القطع الزائد، وهي مستمدة من الطابع المعماري لمدينة البندقية.
بمجرد الانتهاء من البناء، سوف تتميز كنيسة العائلة بثمانية عشر برجاً تم تشكيلها لتقديم منظر مميز للمعبد كيفما نظرت إليه. أبراج الجرس الأربعة التي تمثل الرسل تتوِّج كل واجهة تصل إلى 100 متر بالارتفاع، وفي الطرف الشمالي هنالك برج يمثل السيدة مريم العذراء سوف يُشيَّد فوق المحراب، كما أن البرج المركزي سيصل ارتفاعه إلى 72 متراً.
حتى مع استمرار البناء، يوجد أجزاء قديمة يتم تنظيفها وترميمها، حيث اعتمد المعبد بشكل كامل على التبرعات الخاصة منذ نشأته، وتأخر إنجازه كثيراً نتيجة نقص التمويل. حدثت انتكاسة كبيرة خلال الحرب الأهلية الإسبانية، حيث دُمِّرَت ورشة عمل غاودي بما في ذلك الكثير من الوثائق التي تركها خلفه.
اعتمدت الأجيال اللاحقة من حرفيين ومهندسين معماريين على المخططات والنماذج المتبقية للتقدّم بالمشروع، متمسكة برؤية غاودي قدر الإمكان. كنتيجة لذلك، فإن تصميم المعبد أصبح ثمرة التعاون المشترك الممتد لقرون. ينظر غاودي إلى المشروع على أنه عمل جماعي على مدى الأجيال. يقول غاودي: "أنا سأكبر ولكن هنالك اخرين سيأتون بعدي. ما يجب المحافظة عليه هو روح العمل، ولكن يجب على حياة العمل أن تعتمد على الأجيال التي ستستلمه والتي سيعيش معها ويجسدها."
في العقود الأخيرة، تبنت كنيسة العائلة المقدسة تكنولوجيا التصميم الرقمي والبناء. حيث استخدم المعماريون والحرفيين العديد من برامج التصميم الحديثة مثل Rhinoceros، Cadds5، Catia، and CAM لفهم الأشكال الهندسية المعقدة وإظهار شكل تصوَري للمبنى بشكل كامل. كما يتم حتى الان استخدام النماذج الجصية كأداة في التصميم، لكن يتم نحت هذه النماذج الآن باستخدام الطابعات الثلاثية الأبعاد لتسريع العملية. كما صدر حديثاً فيديو رقمي يظهر الكنيسة كما هي متوقعة عند الانتهاء.
يعد هذا الصرح من أهم أعمال المعماري غاودي ومن أهم الصروح المعمارية في مدينة برشلونة..وعلى الرغم من عدم الانتهاء من أعمال البناء حتى الآن إلا أن أعداد هائلة من السياح تزور هذا المكان كل عام..
شاركونا بآرائكم..
المصدر:
هنا
مصدر صورة الغلاف:
هنا
حقوق الصور:
© Expiatory Temple of the Sagrada Família