هل إننا أمام الانقراض الجماعي السادس؟؟
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
تواجه الفيلة والحيوانات الكبيرة الأخرى خطر الانقراض بشكل متزايد، جيث أن التنوع البيولوجي الحالي لكوكب الأرض هو الأكبر في تاريخ الكوكب فهو نتيجة لـ 3،5 مليار سنة من التجارب والأخطاء التطورية، ولكنه عرضةٌ للتحول. إذ يحذّر فريق دولي من العلماء بأن فقدان الحيوانات وتراجع أعدادها يجعلنا نعاصر في هذه الأيام ما يبدو أنه بدايات حدوث الانقراض الجماعي السادس في تاريخ كوكب الأرض.
لكن ما هو الانقراض الجماعي؟ ومتى حدثت الخمسة السابقة منه ؟
الانقراض الجماعي هو حدث يصيب التنوع الحيوي للكائنات الحية فيقضى على أعداد كبيرة جداً منها في فترة زمنية قصيرة جيولوجياً مدمراً سلاسل أحيائية كاملة. تختلف أسباب الانقراض الجماعي فقد تكون نيزكاً ضرب الأرض أو طفحاً بركانياً هائلاً أدى الى تغيير المحتوى الكيميائي للغلاف الجوي والمائي للأرض. مرت الأرض بخمسة أحداث انقراض جماعي سابقةو هي بحسب أقدميتها:
1- الأول: نهاية العصر الأوردوفيسي Ordovician لـ 60-70% من الأنواع، يصنف كثاني أعظم انقراض من حيث عدد الأجناس.
2- الثاني: نهاية العصر الديفوني Devonian لـ 70% من الأنواع واستمر لـ 20 مليون عام؛
3- الثالث:نهاية العصر البرمي Permian وهو الأعظم لـ 96% من الأنواع، احتاجت الفقاريات 30 مليون سنة لتتعافى منه؛
4- الرابع:نهاية العصر الترياسي Triassic، أيضاً لـ 75% من الأنواع الباقية، انقرضت معظم الأركوصورات archosaurs والبرمائيات الكبيرة؛
5- الخامس: نهاية العصر الطباشيري لـ 75% من الأنواع. وانقرضت خلاله كل الديناصورات
بالعودة إلى انقراضنا السادس الذي نعيشه اليوم حسب اعتقاد العلماء فقد انقرض أكثر من 320 نوع من الفقاريات الأرضية منذ العام 1500م، ويظهر تعداد الأنواع المتبقية انخفاضاً في الوفرة بنسبة 25%، وتبدو هذه الحالة المريعةجليةً أيضاً في اللافقاريات. وبينما حدثت حالات الانقراض السابقة كنتيجة للتغيرات الطبيعية على مستوى الكوكب والضربات الفضائية الكارثية، فإن النفوق الحيوي الحالي قد يكون مرتبطاً بالنشاط البشري.
بالنسبة للفقاريات، فقد قُدِّرَ أن 16 – 33% من جميع أنواعها مهدّد أو معرّض للخطر على المستوى العالمي، حيث تواجه الحيوانات الضخمة منها مثل الفيلة وحيوانات وحيد القرن والدببة القطبية وغيرها من الكائنات حول العالم، أعلى معدّل من التراجع بمنحى يطابق أحداث الانقراض الجماعي السابقة.
وتميل الحيوانات الأكبر إلى أن تكون ذات معدلات نمو منخفضة مع انخفاض نسلها، وهي تحتاج إلى مواطن بيئيةأكثر استقراراً لتبقى أعدادها قابلة للنمو. حيث أن أحجامها وكتلتها الجسمية الكبيرة تجعلها طرائد سهلة وجاذبة للبشر.
وعلى الرغم من أن هذه الأنواع تمثل نسبة منخفضة من الحيوانات المعرّضة للخطر، فإن فقدانها سوف يكون له تأثيرات تهدد استقرار بقية الأنواع و– في بعض الحالات – الازدهار البشري.
على سبيل المثال، أجريت تجارب سابقة في "كينيا" بعزل بقع معينة من الأرض عن الحيوانات الكبيرة مثل حيوانات الزرد (الحمير الوحشية) والزرافات والفيلة، وتمت مراقبة كيفية تفاعل النظام البيئي هناك مع هذا التعديل. اكتسحت القوارض هذه المناطق بسرعة كبيرة إلى حدِّ ما، وازدادت كمية الأعشاب والشجيرات، وتناقصت كثافة وضغط التربة، وأصبحت البذور والملاجئ متوفرة بسهولة، كما انخفض خطر الافتراس و سرعان ما وصلت أعداد القوارض إلى الضعف مع ما تأويه من طفيليات مما أدى لزيادة انتشار الأوبئة.
وتؤكد الدراسة أنه حيثما توجد كثافة سكانية عالية من البشر، يكون هناك نسبة عالية من تقهقر للوفرة الحيوانية، وزيادة أعداد القوارض وكنتيجة لذلك نسب عالية من الأمراض وانتقالها وانتشارها.
وقد حدد العلماء أيضاً اتجاهاً مقلقاً في تقهقر الحيوانات اللافقارية، فقد تضاعف عدد البشر في الــ 35 السنة الأخيرة، وبنفس هذه الفترة، تناقصت أعداد اللافقاريات مثل الخنافس والفراشات والعناكب والديدان بنسبة 45%.
وكما هو الحال بالنسبة للحيوانات الكبيرة، فإن هذا التراجع يعود قبل كل شيء إلى فقدان البيئة الطبيعية واضطراب المُناخ العالمي، ويمكن أن يكون لذلك تأثيرات أكبر على حياتنا اليومية. مثلاً، تلقّح الحشرات حوالي 75% من محاصيل العالم، أي ما يقدّر بــ 10% من القيمة الاقتصادية للتموين الغذائي العالمي، وتلعب الحشرات دوراً كبيراً في تحليل وتدوير المواد العضوية إلى مواد مغذّية، مما يساعد في ثبات إنتاجية النظام البيئي. في الولايات المتحدة وحدها، تصل تكاليف مكافحة الحشرات باستخدام المفترسات المحلية إلى حوالي 40 مليار دولارٍ سنوياً.
إن الحلول الممكنة معقدة، مع ذلك، فإنّ التخفيض الفوري لنسبة الممارسات التي تؤدي إلى تغيير البيئة والاستغلال الجائر لها يمكن أن يساعد، إلا أنَّ هذه الطرق يجب أن تعدّل لتلائم المناطق والحالات الفردية، ومع ارتفاع الوعي البشري بخصوص هذا الانقراض الجماعي المستمر والعواقب المرتبطة، سيكون هناك أملٌ في دفع هذا التغيير.
إن انقراض الحيوانات ليس اختفاءها عن سطح الأرض فحسب، بل هو خسارة دورها الوظيفي الحاسم في النظام البيئي فحيثما تلعب دوراً هاماً يجب أن نعيرها شيئاً من الأهمية.
من المفارقة أننا ننظر لموضوع تقهقر الحيوانات على الأرض كظاهرة غامضة، ولكننا سنصل إلى اليوم الذي لن تعود فيه غامضة عندما نلمس نتائجها الواضحة والمتزايدة على الأرض ورفاه الإنسانية.
(*) تراجع حمولة الحيوانات Defaunation: هو أحد عمليات النظام البيئي، التي ينخفض فيها تعداد وتنوع الحيوانات المفترسة والعاشبة بسبب الضغوط البشرية، مما يفقد النظام البيئي العوامل المتحكمة والمنظمة له. من أهم أسباب هذا التراجع الصيد غير المشروع.
مصدر المقال :
هنا
مصدر الصورة:
هنا