ماهي 39;الفجوة المزيفة39; وكيف يمكن الاستفادة منها لتحسين أداء النواقل الفائقة؟
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
وتشكل هذه النتيجة ذروة أبحاث استمرت لعشرين عاماً في جامعة ستانفورد وقسم الطاقة في مختبر المسرع الوطني في ستانفورد SLAC وتهدف لتحديد فيما إذا كانت هذه "الفجوة المميزة" مساعدةً أو معيقةً للناقلية الفائقة، والتي يمكن أن تغير حياتنا بجعل نقل التيار الكهربائي، والحوسبة ومجالات أخرى أكثر فعاليةً طاقياً.
وقد أظهرت الدراسة الجديدة بوضوح أن الفجوة الطاقية هي إحدى الأمور التي تقف في وجه عمل الناقلية الفائقة عند درجات حرارة أعلى من التي تعمل بها عادةً. يقول الباحث الرئيسي ماكوتو هاشيموتو Makoto Hashimoto "لدينا الآن دليل واضح على أن الفجوة الطاقية تنافس وتكبح الناقلية الفائقة، فإذا كان بإمكاننا بطريقة ما إزالة هذا التنافس أو معالجته بطريقة أفضل؛ فربما سنتمكن من رفع درجات الحرارة التي تعمل عندها هذه المواد فائقة الناقلية".
استخدم الباحثون في هذه التجارب تقنيةً تدعى مطيافية التحليل الزاوي للإصدار الضوئي (ARPESK)، لدفع الإلكترونات إلى خارج مادة أوكسيد النحاس (حيث تسلط فوتونات على سطح المادة فتخرج الالكترونات بزوايا مختلفة تبعاً لكمية حركتها). تُعد مادة أوكسيد النحاس إحدى المواد القليلة فائقة الناقلية عند درجات حرارة مرتفعة نسبياً، إلا أنها تبقى بحاجة إلى تبريد حتى درجة (-135) سيلزيوس على الأقل، وقد استنتج الباحثون سلوك الإلكترونات داخل المادة عبر رسم منحني الطاقة وكمية حركة الإلكترونات المغادرة.
تتحرك الإلكترونات في المعادن بحرية حول وبين الذرات. أما في العوازل، فتبقى قريبةً من ذراتها الأصلية. بينما في النواقل الفائقة، تغادر الإلكترونات مواقعها الاعتيادية وتقترن كأزواج لنقل التيار الكهربائي دون مقاومة (لتفاصيل أكثر هنا )، تترك الإلكترونات المغادرة فجوةً مميزةً في المنحنيات التي رسمها الباحثون.
ولكن في أواسط التسعينات، اكتشف العلماء فجوةً محيرةً أخرى في منحنياتهم لأوكسيد النحاس فائق الناقلية. هذه "الفجوة المزيفة" بدت وكأنها تُركت من قبل إلكترونات الناقلية الفائقة، ولكنها ظهرت في درجات حرارة أعلى من التي يمكن أن تحدث عندها الناقلية الفائقة. فهل هي التي قادت إلى الناقلية الفائقة؟ أم أنها الحالة المنافسة التي أعاقت الناقلية الفائقة؟ ومن أين أتت؟
يقول البروفيسور Zhi-Xun Shen في SLAC حول العلاقة بين الناقلية الفائقة والفجوة المزيفة "إنها علاقة معقدة ووطيدة؛ فهاتان الظاهرتان تتشاركان على الأرجح الجذور نفسها ولكن هذه العلاقة عدائية في نهاية المطاف والناقلية الفائقة تفقد قوتها".
استخدم شين وزملاؤه تقنية الـ ARPES لمراقبة الفجوة المزيفة عند ظهورها، وكرروا استخدام هذه التقنية لعدة سنوات للوصول إلى معلومات أكثر حول الإلكترونات المغادرة. وكان هاشيموتو في دراسته الأخيرة قادراً على معرفة ماذا يحدث تماماً في اللحظة التي تدخل عندها المادة حالة الناقلية الفائقة. تحقّق ذلك بقياس عدد الإلكترونات التي تخرج من المادة بطاقات محددة على مجال واسع من درجات الحرارة وبتغير الخواص الإلكترونية للمادة بطرق مختلفة، إضافةً لقياس طاقات وكمية حركة الإلكترونات، فاكتشف دليلاً واضحاً وقوياً أنه عند درجة حرارة التحول الحاسمة (الانتقال بين الطورين)، تتنافس الناقلية الفائقة والفجوة المزيفة على الإلكترونات. و ساعدت الحسابات النظرية على الوصول إلى هذه العلاقة المعقدة.
يشرح ذلك توماس ديفيرو Thomas Devereaux البروفيسور في ستانفورد و SLAC بأن الفجوة المزيفة تأكل الإلكترونات التي تريد الدخول في حالة الناقلية الفائقة فتنشغل الإلكترونات "بالرقص" ضمن هذه الحالة وتحاول الناقلية الفائقة مقاطعتهم إلا أنّ الإلكترونات لا تسمح بحدوث ذلك. وعندما تدخل المادة في حالة الناقلية الفائقة تتخلى الفجوة المزيفة عن الإلكترونات وتعيد تحريرها، وهذا أقوى دليل على حدوث هذه المنافسة.
لايزال العلماء غير قادرين على تحديد سبب تشكل الفجوة المزيفة. ويقول ديفيرو "يبقى هذا واحداً من الأسئلة المهمة في هذا المجال، لأنها تمنع بوضوح النواقل الفائقة من العمل عند درجات حرارة عالية ولا نعلم لماذا".
تمهّد هذه النتائج لاتجاهات جديدة لأبحاث إضافية. فبالإمكان استخدام المحاكاة لإعادة تشكيل هذا النوع من الخواص المدروسة، وتغيير البارامترات ضمن المحاكاة في محاولة لتحديد ماهية الفجوة الكاذبة. ربما المنافسة هي جانب واحد فقط من العلاقة فمن الممكن أن تكون الفجوة الطاقية ضروريةً لحدوث الناقلية الفائقة.
المصدر: هنا