توصل البحث الجديد الذي نشرته مجلة Science والعائد إلى جامعة كاليفورنيا – بيركلي إلى نتيجةٍ مفادها بأن ظروف الاحتباس الحراري ستؤدي إلى ازديادٍ نسبته 50% في عدد الصواعق مع نهاية هذا القرن، أي أننا سنشهد مقابل كلّ صاعقتين حصلتا في بداية القرن ثلاثاً مع نهايته، والنتيجة الأساسية التي خرج بها البحث تبعاً للأستاذ المساعد David Romps هي أن كل ارتفاعٍ مقداره درجةٌ واحدةٌ في وسطيّ حرارة كوكب الأرض سيقابله زيادةٌ مقدارها 12% في ضربات الصواعق.

بالرغم من أهمية الدراسات التي تتناول التغير في احتمال حدوث الصواعق نتيجة التغير المناخي إلا أنها لم تلق الاهتمام المطلوب في السابق وهي للأسف لم ترتكز على أسسٍ مشتركةٍ وواضحةٍ بشكلٍ كافٍ فتراوحت تقديراتها لزيادة الصواعق بنسبٍ تبلغ بين 5% وحتى 100% لكل ارتفاعٍ مقداره درجةٌ مئويةٌ واحدةٌ في حرارة الكوكب.
لاحظ العلماء منذ فترة أنّ التغير المناخي قد أدّى بالفعل إلى ازدياد الصّواعق وبالتالي زيادةٍ في عدد ضحاياها خاصةً في البلدان النامية خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ آخر النتائج ساهمت في وضع قيمةٍ رقميةٍ لهذه الزيادة بالاعتماد على بياناتٍ تم جمعها من عدة هيئاتٍ ومنظماتٍ علميةٍ حكومية.

- ما هي الخسائر التي تتسبب بها الصواعق؟
يقتل سنوياً في الولايات المتحدة عدة عشرات من الأشخاص بسبب ضربات الصواعق ويبلغ وسطي الوفيات بنتيجتها نحو 51 شخصاً سنوياً. أما عالمياً فيصعب تحديد هذا الرقم نتيجةً لعدم وجد إحصاءاتٍ يعتمد عليها في كثيرٍ من البلدان المعروفة بكثرة الصواعق فيها وقد قدرت الغارديان هذا الرقم بـ 6000 وحتى 24000 … وبإمكانكم الاطلاع على الوفيات السنوية لعدد من البلدان نتيجة الصواعق في الرابط هنا.
يضاف إلى ما سبق أن الصواعق سبب رئيسي للحرائق الهائلة في الغابات وهي كانت مسؤولة في السابق عن أضخم الحرائق في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة وقد حصل في العام 2013 أكثر هذه الحرائق دموية خلال آخر عقدين من الزمن حيث قتل 19 شخصاّ بالقرب من يارنل Yarnell بأريزونا.

- هل يمكننا أن نعلم أين سيصبح احتمال حدوث الصواعق أعلى؟
اعتمدت الدراسة بيانات مستخرجة من 11 نموذجاً مناخياً واستنتجت وجود علاقةٍ مباشرةٍ بين امكانية حدوث الصواعق في واحدة المساحة من جهة وبين عاملين أساسيين هما (1) كمية الهطول المطري و(2) حمل الطاقة الكامنة المتوقع convective available potential energy؛ حيث أشارت الدراسة إلى وجود عدة أبحاث سابقة تناولت التغيرات في هذين العاملين مع توقعات التغير المناخي، حيث يتوقع ازدياد حِمل الطاقة الكامنة مستقبلاً إضافةً لتفاوت الهطولات المطرية في عدة أمكنة من العالم وبدرجاتٍ مختلفة مما يجعل من الصعوبة البالغة تحديد المناطق الأكثر خطراً لحدوث الصواعق. فمن الممكن أن تشهد المناطق التي اشتهرت بكثرة الصواعق فيها كالغرب الأوسط في الولايات المتحدة ومنطقة تامبا باي Tampa Bay في فلوريدا مزيداً من الصواعق إلا أنه من المؤكد تبعاً للدراسة أن الصواعق ستضرب مراتٍ أكثر في عالمٍ يتغير مناخه.

كلمة أخيرة:
يؤكّد هذا البحث أن التغير المناخي يحمل في طياته تأثيراتٍ أكبر على الأنماط الجوية مما توقعناه سابقاً، فهل سنكتفي بالمراقبة وإلقاء اللوم؟ أم أننا سنبدأ بمواجهة أنفسنا أولاً وتعديل أنماط سلوكنا ونشر مفاهيم السلوك البيئي المسؤول؟

مصادر:
هنا
هنا
هنا

البحث الأصلي:
Romps، David M.; Seeley، Jacob T.; Vollaro، David; Molinari، John (2014): Climate change. Projected increase in lightning strikes in the United States due to global warming. In Science (New York، N.Y.) 346 (6211)، pp. 851–854. DOI: 10.1126/science.1259100.