إنَّ أول تحديث لجودة الصوت الهاتفي منذ عهد الأنابيب الفراغية هو الصوت عالي الدقة HD voice والذي أصبح متاحاَ بشكل واسع في الآونة الأخيرة، ولكن لم يستغرق الأمر طويلاً حتى ظهر جيل جديد من الخدمات الهاتفية ليحل مكانه وأُطلق على هذه الخدمة بالصوت فائق الدقة Full HD voice.
وفي وقتٍ سابق من هذا العام وخلال المؤتمر العالمي للجوّال في برشلونة، أظهر معهد فران هوفر ISS (معهد الدارات المتكاملة) نظاما يقوم على مجموعة قوية من الخوارزميات المعيارية والتي باستطاعتها القيام بالترميز وفك الترميز لكامل الطيف الصوتي حتى التردد 20 كيلوهرتز في نمط الستريو، وذلك خلال الزمن الحقيقي.
ومع بداية العام التالي سيكون الصوت فائق الدقة علامة على دمج كامل الصوت ضمن مجرى البياناتdata stream للهاتف الجوّال.
تقوم تقنية الصوت فائق الدقة بتحويل الكلام إلى رزم من البيانات والتي تتدفق مع البيانات الأخرى من خلال الانترنت، وتشمل هذه التقنية خوارزميات تقوم بترميز الموسيقى والأصوات الأخرى غير الكلامية.
ولأن الصوت فائق الدقة يحتل كامل الطيف الترددي السمعي فيمكنك سماع صوت أي شخص يتكلم داخل الغرفة ويمكنك حتى سماع الأصوات الخافتة مثل صوت طرطقة أصابع الإنسان على لوحة المفاتيح، كما يمكن أن يعمل برنامج الترميز وفك الترميز كتطبيق على الهواتف الذكية.
تملك خطوط الهواتف الأرضية الحديثة مجال ترددي يتراوح بين 300 إلى 3400 هرتز وهو معيار مُعتمِد على دراسات مختبرات بيل من أجل الحصول على كلام واضح ومفهوم، ويعود هذا المعيار إلى عام 1920م، حيث يقوم هذا المجال بقطع الترددات العالية والتي تكون لازمة للتمييز بين الأحرف الساكنة كحرفي S و F في اللغة الإنكليزية، و لكنّه ملائم لِعرض النطاق الترددي المحدود و الخاص بخطوط الهاتف النحاسية التشابهية القديمة.
في عام 1988م، وافق الاتحاد الدولي للاتصالات على المعيار G.722 من أجل الصوت عالي الدقة HD، والذي يسمح لخطوط الهاتف الرقمية أن تنقل مكالمات بترددات تتراوح من 50 إلى 7000 هرتز، ولكنّها استُخدمت بشكل قليل وذلك لأنها تتطلب تطوير بنية شبكة الهاتف الأرضي بشكل كبير.
لم تقم الأجيال الثلاثة الأولى للهاتف الجوال باستخدام النطاق الترددي للخطوط الهاتفية الأرضية 3400 هرتز ولكن غالباً ما كانت أصوات هذه الأنظمة رديئة وذلك بسبب الطريقة المتبعة في ضغط الكلام، كضغط عدّة مكالمات ضمن الطيف الترددي المحدود للموبايل.
ستكون تقنية الصوت فائق الدقة قادرة على سد الفجوات الصوتية بغض النظر عن الشبكة أو الجهاز المتصل بها. وإنّ القلب التكنولوجي للصوت فائق الدقة هو عبارة عن معيار يُدعى ب " ترميز خدمات الصوت المعزّز " (EVS)، وخوارزميات الضغط الخاصة به أكثر تعقيداً وقوةً من تلك المستخدمة في نظام الصوت عالي الدقة HD، والتي يمكنها ضغط الكلام في نمط الستريو (الذي يحتل كامل المجال الصوتي) إلى معدل بيانات منخفض يصل إلى 9،6 كيلوبت في الثانية. ويتضمن الترميز أيضا خوارزميات تم تطويرها من أجل ضغط الموسيقى.
إنّ خوارزميات ضغط الموسيقى كتراميز MP3 وال AAC مثالية للإدراك السمعي، فعلى سبيل المثال، لا تهتم هذه الخوارزميات بإعادة الإنتاج الدقيق للأصوات الخافتة والتي يمكن أن تُحجب من خلال وجود أصوات أعلى منها عند أزمان وترددات مختلفة.
الترميز EVS الجديد هو عبارة عن ترميز هجين ويحتوي على خوارزميات من أجل كل من الصوت والموسيقى ويقوم بالتبديل بينها حسب الحاجة.
الخوارزميات الصوتية الجديدة أكثر تعقيداً بكثير من تلك التي مرّ عليها عقد من الزمن كترميز 7000 هرتز ، الجزء الموسيقي هو النسخة الأحدث ذات التأخير المنخفض من خوارزمية AAC و تم تطويره من أجل الاتصالات في الزمن الحقيقي و يُدعى ب AAC-ELDv2 ، و يقدم لنا صوتاً بجودة الستريو بمعدل 32 كيلوبت في الثانية فقط و ذلك من خلال إرسال إشارة ذات معدل بيانات أقل و التي تمثل الفرق بين هذه القناة و قنوات الستريو الأخرى ، و هناك ميّزة هامة من هذه الحزمة المُجمَّعة و هي أن الEVS هو الترميز الأول من نوعه المصمّم للتعويض عن فقدان رزم البيانات ، و هذه الرزم الضائعة تقلل من جودة الصوت و هو أمر طبيعي في شبكات الIP م 4G LTE .
وللتحقق من أداء الترميز وتحمّله ضد خسارة رزم البيانات، قام معهد فرانهوفر IIS بالإضافة إلى 11 من الشركاء بمن فيهم ايريكسون، هواوي، كوالكم، وسامسونج بإنفاق الملايين من اليورو على اختبارات السمع البشرية، فجودة الصوت فائق الدقة كانت متاحة حتى عند معدل بيانات لا يتجاوز 9،6 كيلو هرتز.
تُعدّ قوّة المعالجة لرقاقات الهاتف الذكي الحديثة هي المساعد الرئيسي للتراميز الجديدة ويمكن تنفيذها في رقاقات معالجة الإشارة الرقمية كتراميز 7000 هرتز الموجودة في هواتف الجيل الرابع 4G، أو كالتطبيقات التي تعمل على معالج التطبيقات للهاتف الذكي.
وبسبب قدرة الصوت فائق الدقة على تحمّل خسارة في رزم البيانات فيمكن إدخال البيانات المضغوطة بشكل مباشر في الانترنت لتوجيهها مباشرةً نحو أجهزة أخرى، مثل اتصال سكابي إلى سكايب والذي يجري بين الحواسيب أو الأجهزة الذكية.
وأخيرا يمكنك الاستماع إلى عيّنة من الصوت فائق الدقة على الرابط التالي هنا ، ولكن كن متأكداً من استخدام سمّاعات رأس بنوعية جيّدة وأنت ضمن غرفة هادئة.
المصدر:
هنا