درجتان تفصلنا عن الكارثة، الجزء 2: المهندسون المعماريون يجب أن يقودوا تغير المناخ
العمارة والتشييد >>>> التصميم المعماري
تقرير البنك الدولي الذي صدر مؤخراً "إِخفض درجة الحرارة: لماذا يجب علينا تجنب عالم أدفأ ب 4° C " (Turn Down the Heat: Why a 4°C Warmer World Must be Avoided) يشير إلى حجم المشكلة. إن المشكلة شاملة جداً وعميقة بحيث أنه سيشعر بها أي فرد بسهولة. يشير التقرير إلى أن العمل الجماعي والدولي هو الوحيد الكفيل لأن يؤدي إلى إجراءات جوهرية بما يكفي لإحداث تغيير في المصير الحتمي الذي يتجه الكوكب إليه. العمارة يمكن أن تكون جماعية وقوية في مواجهة هذا التحدي.
إن كنت لا تثق بالبنك الدولي فهنالك تقرير صدر بتاريخ (19/11/2012) من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسة المناخ الأوروبية، يناقش أيضاً أنه وبالنظر إلى الانبعاثات الحالية، لا توجد وسيلة ممكنة لتجنب عبور حد ال 2° C والذي ينظر إليه العلماء كارتفاع قابل للسيطرة عليه في درجة حرارة المناخ. كما يشير التقرير إلى أن "التحول إلى الكربون المنخفض، بما في ذلك الاقتصاد الأخضر يحدث الآن ببطء شديد" ويوصي بتخفيضات أكثر حزماً في الانبعاثات. الانبعاثات العالمية في الوقت الراهن أعلى بنسبة 14٪ من المستوى المطلوب في عام 2020 لنبقى تحت سقف 2° C. إن العام 2020 مهم جداً لأن العلماء يقولون أننا بحاجة إلى الوصول لذروة الانبعاثات قبل هذا العام ثم إنزالها من أجل أن نتمكن من تطبيق سقف الدرجتين مئويتين.
العمارة يمكن أن يكون لها تأثير شامل ضخم من خلال العمل بشكل أكثر قوة. ويشير التقرير إلى أنه في المباني، وتوليد الطاقة، والنقل يمكن أن تخفض انبعاثات هذه القطاعات بمقدار 17 مليار طن بحلول عام 2020. وهذا رقم ليس بالهين. المهندسون المعماريون يمكن أن يقودوا العمل في مجال المناخ من خلال الشبكات والمنظمات المهنية القائمة بالفعل. كما أنهم يستطيعون فعل ذلك من خلال التصاميم النظيفة والصديقة للبيئة التي تعزز البيئات الصحية. جميع المعارف التقنية والتصاميم اللازمة لإنتاج المباني المنقذة للمناخ وُضعت على مدى العقود القليلة الماضية. ما يجب أن يحدث الآن هو الحافز الذي سيُمكن كل هذا أن يصبح الوضع الطبيعي الجديد. أزمة يمكن أن تكون حافزاً جيداً.
التغيير لا يمكن أن يترك للمطورين العقاريين وحدهم. في مؤتمر ليس ببعيد عقد في نيويورك وأداره الناقد المعماري مايكل كيميلمان Michael Kimmelman من مجلة نيويورك تايمز، كان هناك إجماع على أن الإعصار ساندي كان في الواقع نقطة تحول. وتمت الاشارة إلى أن منطق العقارات يمكن أن يحفز نهج جديد للتنمية على طول الواجهة البحرية. الترجمة: ستبقى الرغبة بالإثراء والاستفادة من الواجهة البحرية موجودة لدى المطورين العقاريين مما سيدفعهم للرغبة لإبقاء الساحل محمياً. كما تم الاقترح كذلك أن الحواجز المعقدة والمكلفة والتي تدعى "الحلول الطرية" Soft solutions مثل المستنقعات المالحة يمكن أن تساعد في منع الكوارث في المستقبل. كل هذا يجانب الصواب.
في حين أن جهود إعادة البناء والتدابير الوقائية هامة فإن آثار التغيرات المناخية من المرجح أن تصبح أكثر تكرارا لذا فإن المسألة الأكبر هي كيفية بدء توجيه الاقتصاد والسياسة والحكومة والقطاع الخاص، نحو ممارسات أكثر قوة من شأنها أن تبدأ في تخفيض درجة حرارة الكوكب. وبعبارة أخرى، يمكن للمهندسين المعماريين الدعوة للبناء على ركائز عالية وعلى البنى التحتية الكبيرة مثل الحواجز، ولكن هذا لن يغير النموذج النهائي من استمرار تغير المناخ. يجب ألا يكون دور العمارة مقتصراً في كل هذا على اقتراح حلول التصميم للتعامل مع الآثار السلبية لتغير المناخ. فمن الممكن للعمارة قيادة الطريق في الحد من تغير المناخ.
ما هو الشيء الأول بهذا الحجم الذي يمكن القيام به؟ يجب على الجهات الرسمية مثل الجمعية الأمريكية للمعماريين (AIA، American Institute of Architects) الضغط على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الدولة لتغييرات كبيرة في قوانين البناء. ليس فقط في قوانين البناء للمناطق الساحلية والتي من المرجح أن تكون تحت الماء في غضون بضعة عقود، إن لم يكن أبكر من ذلك، ولكن في كل قوانين البناء. توجد حالياً قوانين البناء الخضراء. يجب أن تكون هذه هي القوانين السارية على الجميع. في هذه القوانين ينبغي الالتزام بتدابير معينة. يجب أن تكون الأسطح الخضراء إلزامية. فهي تمتص الحرارة. الأسطح الصلبة، عاكسة أو غيرعاكسة، تسهم في تسخين البيئة. إن كان المهندسون المعماريون يريدون خفض الحرارة والحذو حذو البنك الدولي، فنحن بحاجة للبدء باستخدام أسطح المباني الخضراء وكذلك الأسطح ذات النفاذية، والسطوح الطبيعية في كل مرة نقوم بتصميم المباني. هذه خطوة يمكن تنفيذها فوراً. نحن نعرف كيفية القيام بذلك بالفعل.
خطوة واضحة أخرى هي خفض المساحات المبنية بشكل عام. لماذا لا نجعل المباني أصغر قليلا. هذا يمكن أن يكون له تأثير كبير لو تَوَجَّبَ على كل مبنى جديد أن يكون أصغر بقليل. هذا يعطي قدر أقل من الطاقة المستهلكة. إنه كالانتقال من سيارات الدفع الرباعي لسيارات أصغر حجما وأكثر كفاءة. هل نحن حقا بحاجة المباني لتكون ضخمة جدا دائماً؟ هناك طرق للحد من المساحة وتلبية الاحتياجات في الوقت عينه. ويمكن أيضا أن يتم تعديل الاحتياجات لتقليل الآثر على البيئة، و لتقليل مساحة البناء الإجمالية، وزيادة المساحة الخضراء، كما البناء عمودياً.
ما تتطلبه أزمة المناخ هو أن نضع جانباً كافة الذرائع لاتخاذ إجراءات أكثر قسوة. بدلا من التفكير، "نعم، ولكن لا يمكننا القيام بذلك بسبب كذا وكذا وكذا " نحن بحاجة للتساؤل "كيف يمكننا أن نفعل هذا الآن؟" وإذا لم يكن الآن، فمتى؟
ما هي بعض الخطوات الفورية الأخرى التي يمكن للعمارة أن تتخذها للحد من تغير المناخ؟
المصدر:
هنا