اختبار Lovelace؛ هل نقول وداعاً لاختبار «تورينغ»!
المعلوماتية >>>> الذكاء الصنعي
لتتعرفَ إلى أول حاسوب استطاع اجتياز اختبار «تورينغ»، اقرأ المقال التالي: هنا
تظهر الحاجةُ الآن لاختبارٍ جديد بديل عن اختبار «تورينغ»، فقد شجع هذا الاختبارُ مبرمجي الحاسوب على ابتكار آلاتٍ يمكنها المرواغة وخداع الحكام، بدلاً من تضمين هذه الآلات ذكاءٍ كافٍ لإجراء محادثة واقعية. فالتحدي الجديد للعلماء أن تكون الآلات خلاقة أو مبدعة وليست مقلّدة فقط!
في عام 2001، قام كل من "Selmer Bringsjord" و"Paul Bello" و"David Ferrucci" بوضع اختبارٍ أسمَوْه اختبار "Lovelace" نسبةً إلى عالِمة الرياضيات في القرن التاسع عشر "Ada Lovelace"، والتي تُعدُّ أولَ من كتب برنامجًا حاسوبيًّا في العالم على الإطلاق. هذا الاختبار الذي يطلب من الحاسوب خلقَ شيء ما كقصيدة أو قصة قصيرة.
ربما كانت "Ada Lovelace" المعترضَ الأقوى على اختبار «تورينغ»، حيث نقتبس من مذكراتها:
"لا يُمكن للحواسيب أن تخلقَ أي شيء، فهذا يتطلب منها بالحدِّ الأدنى أن تبدعَ شيئاً ما، لكن الحواسيب لا تُبدع شيئاً، إنها ببساطة تفعل ما نطلبه منها عن طريق البرامج." كانت إشارتها هنا إلى المحرِّك التحليلي "Babbage"* الذي بُني من قِبل الرياضيِّ الإنكليزيِّ "Charles Babbage" عام 1837.
إذًا، ما هو اختبار Lovelace؟
ينصُّ الاختبار الذي وُضع عام 2001 على مايلي:
ليكن لدينا وكيلٌ ذكي A صُمِّم من قِبل المبرمج H. نقول عن هذا الوكيل أنه مبدعٌ أي أنه قد اجتاز اختبار Lovelace إذا وفقط إذا تحقق مايلي:
1- إذا أنتج A خرجاً ما O؛ كأن يَنظم قصيدة أو يكتب قصةً أو يرسم لوحة:
إذا لم يكن هذا الخرج نتيجةَ عطل عتاديٍّ غيرِ مخطط له، وإنما نتيجةً لتسلسلِ عمليات يستطيع الوكيل إعادتها. لتوضيح هذه الفكرة، على سبيل المثال، لو افترضنا أن لدينا روبوت يعمل على تجميع قطع سيارة ما، لكن ونتيجةَ خلل كهربائي، أخطأ في المكان الذي يجب أن توضع فيه المخمدات، حيث حرفها قليلاً عنها موضعها الصحيح، لكن فيما بعد اكتشف المهندسون أن الموضع الجديد أفضل من سابقه، إذن الروبوت أبدع هنا! لكن وفقاً لهذا الشرط، هذا الإبداع مرفوض لأنه كان نتيجةَ خلل في الروبوت.
2- إذا لم يستطع المبرمج H (أو شخص ما على معرفة بهذا المبرمج وممتلك لمصادره) من شرح الآلية التي أنتج بها الوكيل هذا الخرج:
في الواقع نلاحظ أن هذا الاختبار هو ما يُمكن تسميته باختبارٍ وصفيٍّ. بكلمات أخرى، يُمكن أن يُطوَّرَ ليصبح اختباراً في أي مجال. فإن كان المجال لغوياً، فالخرج O سيكون جملةً أو عدة جمل إنكليزية على سبيل المثال، وإن كان المجال رياضي فالخرج سيكون عندئذٍ برهاناً لنظرية ما.
النقد الموجه لهذا الاختبار أن هزمَه غيرُ ممكن؛ فأي مبرمج يمتلك مصادرَ المبرمج H قادرٌ على تصميم الوكيل A. وبوجود وقت كافٍ، يكون قادرًا أيضاً على شرح الآلية التي أُنتج بها الخرج O.
في عام 2014، قدم البروفيسور «مارك ريدل» من معهد جورجيا للتكنولوجيا ترقيةً لهذا الاختبار كبديلٍ لاختبار تورينغ، أُطلق عليه اسم Lovelace 2.0، حيث يُقيم من خلاله إبداعَ الحاسوب من خلال سلسلة متدرجة من التحديات الإبداعية. يُوصف «ريدل» اختباره فيما يلي:
"في اختباري، لدينا حكام من البشر جالسون أمام حاسوب، وهم يعلمون أنهم يتفاعلون مع تقنياتِ ذكاء صنعي. يقوم القضاةُ بإعطاء الحاسوب مهمةً من جزأين. في الجزء الأول يطلبون منه خَرجاً ما إبداعياً كقصة أو شعر أو صورة، لكن لا يكتفي القضاةُ بما يقدّمه الحاسوب في هذا الجزء، لذلك يطلبون منه في الجزء الثاني كمعيار نهائي للحكم طلباً أكثر تفصيلاً، على سبيل المثال: "أخبرني قصةً حول قطة غيرت يومك للأفضل" أو "ارسم لي صورة لرجل يحمل بطريقاً".
يقول البروفيسور ريدل أنه حالياً وعلى الرغم من وجود أنظمةٍ قادرة على توليد نصوص أو صور إلا أنه لا يمكن لها بعد أن تجتاز اختبار Lovelace 2.0.
-------------------
حاشية المحتوى:
المحرك التحليلي Babbage:
يُعدُّ أولَ آلة حاسبة آلية، صُمِّمت من قِبل رائد الحوسبة الرياضي البريطاني "Charles Babbage". في عام 1832 وضع تصورَه لبناء آلة حاسبة متقدمة تنفذ أي نوع من المهام بما فيها المهام الرياضية، فكانت هذه الآلة عام 1837، والتي تفوقت بقوة الحساب على محرِّك الفرق (Difference engine) الذي صممه Charles أيضاً في الفترة بين عامي 1821 و1832. برامج هذه الآلة عبارة عن بطاقات مثقبة تُدعى كل منها ملاحظة فالبرنامج عبارة عن سلسلة من الملاحظات. وكانت Lovelace أول مبرمجة حيث تولت كتابة برامج هذا المحرك.
-------------------
المصدر:
الورقة البحثية: هنا