التحفيز الكيميائي لمراكز المتعة في الدماغ... أملٌ في علاج مشاكل الإدمان
البيولوجيا والتطوّر >>>> منوعات بيولوجية
انطلاقاً من هذه الفكرة البسيطة، توجّه العلماء إلى البحث في السبب الكامن وراء هذه العلاقة الغريبة، علّهم يستطيعون التوصّل لوسيلة تخلق هذا الشعور كيميائياً، وبالتالي التوصّل لدواءٍ قد يختصر كل التأثيرات الخطيرة المرافقة للإدمان. فكيف لذلك أن يكون ممكناً؟
وفقاً لأبحاثٍ نُشرت سابقاً، فإنّ مراكز المتعة والمكافأة في الدماغ تتحفّز عند أداء التمارين الرياضية بشكلٍ مشابهٍ للآلية التي تحدث عند تناول الأدوية الخطيرة. لهذا السبب، فإنّ العديد من مراكز مكافحة الإدمان تتبع أساليب معالجةٍ غنيّة ببرامج وتدريبات رياضيّة، كطريقة بديلة للحصول على المتعة.
أمّا اليوم، فقد وجد الباحثون في جامعة ميسوري أنّ تحفيز مستقبلات المتعة والمكافأة في الدماغ يمكن أن يمنح شعور المكافأة الناجم عن الأدوية الخطيرة من دون الحاجة إلى تناول هذه الأدوية.
في سبيل تحقيق ذلك، قام فريقٌ من العلماء يقودهم فرانك بوثFrank Booth ، أستاذ الطب البيطري في جامعة ميسوري، بإكثار نمطين من الجرذان، أحدهما شديد الكسل والآخر مفرط النشاط، و ذلك بغرض إعطائها مواد كيميائية تنشّط أو تثبّط المستقبلات الأفيونية من النمط ميو (MU-opioid receptors) في أدمغتها، هذه المستقبلات المسؤولة عن تحرر الدوبامين عند الجرذان والبشر، وهو ناقل عصبي محفّز للنشوة.
وقد صرّح كريغ روغسيغر Greg Ruegsegge ، طالب دكتوراه الطب البيطري في جامعة ميسوري والمؤلف الرئيسي للدراسة، بأن تنشيط تلك المستقبلات عند النمط مفرط النشاط، جعله أقل رغبةً في الجري بشكلٍ واضح للغاية.
يقول روغسيغر: "تمكنّت الفئران النشيطة من الجري باستمرار على العجلات الموضوعة في أقفاصها دون كللٍ أو ملل، أمّا عند تفعيل تلك المستقبلات كيميائياً، فقد انخفض معدّل نشاطها بشكلٍ ملحوظٍ للغاية."
ونظراً لأنً ممارسة التمارين الرياضية وإدمان العديد من المركّبات يتبعان هذه الآلية الكيميائية ذاتها في الدماغ، فإنّ ذلك يفسّر إمكانية استغناء الأشخاص المدمنين عن تعاطي الأدوية الخطيرة أو الكحول في حال تفعيل مستقبلات المكافأة لديهم.
عند دراسة أدمغة الجرذان، وجد الباحثون أنّ عدد مستقبلات المكافأة عند الجرذان مفرطة النشاط أكثر بـ400% منها لدى شديدة الكسل. يعتقد الباحثون أنّ ذلك يشير إلى أنّ الجرذان مفرطة النشاط كانت "متحمّسةً" للحصول على "المكافأة" من قِبل المستقبلات الأفيونية ميو الخاصّة بها، وهذا قد يقود إلى تفسير منطقي حول سبب رغبتهم للجري بهذا القدر من التصميم.
لجأ الباحثون أيضاً إلى استخدام موادّ كيميائية تحجب تلك المستقبلات لدى النمط مفرط النشاط، لكنّهم وجدوا أنّ ذلك يقلل من حيوية الجرذان علة نحوٍ مشابه، على الرغم من أن ذلك لم يصل لمستوى الانخفاض الحاصل كنتيجةٍ للتنشيط. أمّا لدى النمط الكسول، فإنّ تنشيط أو حجب المستقبلات لم يكن ذو تأثيرٍ ملحوظٍ على فعاليتها.
في النهاية، يُمكن لنا أن نتساءل، هل من الممكن لهذه التجربة البسيطة أن تدخل حيّز التجارب السريرية؟ وهل إعطاءُ المدمن مادةً قد تمنحه شعور النشوة، يخلّصه حقّاً من كونه مدمناً؟
المصادر:
هنا
البحث الأصلي: هنا