مراكز الإبصار في الدماغ وقابليتها المذهلة على التكيف| عندما تستجيب مراكز الرؤية إلى الصوت!
البيولوجيا والتطوّر >>>> منوعات بيولوجية
Journal of Neuroscience) على قدرة الدماغ المذهلة على التكيف الوظيفي في عمر الطفولة!
وقد علقت المتخصصة في علم الأعصاب الإدراكي التي أجرت البحث (Maria Bedny) قائلة: "كان الاعتقاد سائداً بأنَّ وظائف مناطق الإبصار في القشرة المخية محكومة بالتطور بشكل حتمي، ولكن نتيجة بحثنا تشير إلى غير ذلك؛ حيث وجدنا أنَّ القشرة المخية في مرحلة الطفولة تكون مرنة بشكل ملحوظ، وأنَّ الظروف والتجارب لها تأثير أكبر مما كنّا نظُن في تحديد وظائف المناطق المختلفة من الدماغ".
تفاصيل البحث:
قامت الاستاذ المساعد في علم الأعصاب (Bedny) بدراسة 19 طفل أعمى (ولادياً) و 40 طفل مبصِر في أعمار تتراوح من 4 إلى 17 عاماً، وشارك في البحث العالمتان في مجال الإدراك (هيلاري
ريكاردسون) و (ريبيكا ساكس) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيث قاموا بمراقبة النشاط الدماغي للأطفال باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي MRI أثناء قيام الأطفال بنشاطات مختلفة كالاستماع إلى القصص والموسيقى وصوت شخص يتكلم بلغة غريبة.
تبين من خلال المراقبة أن المنطقة البصرية (المنطقة القحفية الجانبية اليسرى) لدى الأطفال المكفوفين تستجيب للكلام المحكيّ والموسيقى واللغة غير المألوفة، لكن الإستجابة كانت أقوى تجاه القصص المفهومة. أما الأطفال المُبصرين، فقد تم عَصْبَ أعينهم وإجراء نفس التجربة، لكن منطقة البصرية لديهم لم تستجب إطلاقاً للمؤثرات الصوتية. استنتج الباحثون أن المنطقة البصرية لدى الأطفال المكفوفين تتكيف للقيام بدور في فهم اللغة (على عكس الأطفال المُبصرين).
أشارت أبحاث سابقة إلى استجابة المناطق القُحفية لدى البالغين المكفوفين منذ الولادة إلى الصوت واللغة المحكية، لكن هذه الدراسة توفر نظرة أولى على كيفية وتوقيت حدوث هذا التكيف الوظيفي.
وجد فريق البحث أيضاً أن شدة استجابة القشرة القُحفية للصوت والقصص لدى الأطفال المكفوفين وصلت إلى شدة استجابة البالغين في عمر الرّابعة. ولأن الاستجابة للغة المحكية ترسخت في المنطقة البصرية لدى هؤلاء الأطفال في مرحلة مبكرة جداً من الطفولة، استنتج الباحثون أن هذا التكيف ليس له علاقة بمهارة الشخص الكفيف ولادياً في طريقة بريل (Braille - وهو نظام الكتابة المخصص للمكفوفين باستخدام الحروف البارزة)، حيث كان هناك اعتقادٌ سابق بوجود علاقة بين الأمرين.
وقد استمرت هذه الاستجابة لدى الأطفال المكفوفين للأصوات والموسيقى واللغة المحكية بالازدياد مع التقدم في العمر.
Image: shutterstock
بريل (Braille - وهو نظام الكتابة المخصص للمكفوفين باستخدام الحروف البارزة).
تعتقد (Bedny) بأنّ نتائج بحثها قد تؤدي يوماً ما الى علاجات أكثر تطوراً للأشخاص الذين يعانون من تلف في إحدى مناطق الدماغ، فقد نستطيع تدريب منطقة أخرى من الدماغ للقيام بوظيفة المنطقة التالفة.
وتقول Bedny: "تملك القشرة المخية لدى البشر قدرة عالية على التكيف في المراحل المبكرة من النمو، يمكننا تخيل الدماغ البشري كجهاز كومبيوتر يمكن برمجته للقيام بما نريد".
لك أن تتخيل -عزيزي القارئ- ما قد ينطوي على هكذا نتائج بحثية، فقد تقدم حلّا لمشكلة فقدان البصر الولادي طالما أنَّ قشرة دماغ الأطفال يمكن أن نعتبرها "متعددة المواهب" و "مرنة وظيفياً".
المصادر:
هنا
البحث الأصلي: هنا