طور جديد للكربون أقسى من الألماس
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم الأرض
تعتبر أطوار المادة phases أشكالاً مختلفة من المادة نفسها. فالغرافيت هو أحد الأطوار الصلبة للكربون، بينما الألماس هو كربونٌ في طور آخر. يقول جاي نارايان Jay Narayan بروفيسور علم وهندسة المواد في الجامعة المذكورة والمؤلف لثلاث أوراق علمية تتناول الموضوع: "لقد قمنا بإنشاء طور ثالث للكربون، والمكان الوحيد الذي يمكن لهذا الطور أن يوجد فيه في العالم الطبيعي قد يكون نوى بعض الكواكب".
لدى الكربون Q بعض الخصائص غير الاعتيادية. إحداها تمتعه بمغناطيسية حديدية وهو ما لم يتوقع العلماء أن يكون ممكناً حتى، في حين لا تتمتع الأطوار الصلبة الأخرى للكربون بهذه الخاصية. إضافة إلى ذلك، فإن الكربون Q أقسى من الألماس، وهو يتوهج عند تعرضه حتى لمستويات منخفضة من الطاقة.
إن متانة الكربون Q ودالة العمل work-function* المنخفضة الخاصة به (أي استعداده لإطلاق الإلكترونات) تجعل منه مادةً واعدةً لتطوير تقنيات عرض إلكترونية جديدة. يمكن استخدام الكربون Q أيضاً في إنتاج أشكال متنوعة من الألماس وحيد البلورة؛ ولنتمكن من فهم ذلك، يجب أن نفهم عملية إنتاج الكربون Q.
يبدأ الباحثون من ركيزة من الياقوت الأزرق، أو الزجاج أو البوليمر البلاستيكي. تغطى الركيزة بعدها بكربون أمورفي**. يتم بعدها ضرب الكربون بنبضة واحدة من الليزر تستمر لحوالي 200 نانو ثانية***. خلال هذه النبضة ترتفع درجة حرارة الكربون إلى 4000 درجة كلفن (حوالي 3727 درجة مئوية) ثم تبرّد بسرعة. تتم هذه العملية عند ضغط جوي واحد (ضغط الهواء المحيط نفسه).
تكون النتيجة النهائية غشاءً من الكربون Q، ويمكن للباحثين التحكم بالعملية لإنتاج أغشية تتراوح سماكتها بين 20 و 500 نانو متر؛ باستخدام ركائز مختلفة وتغيير فترة النبضة الليزرية، كما يمكن للباحثين أن يتحكموا بالسرعة التي يبرد فيها الكربون. بتغيير معدل التبريد، وبالتالي يصبح بإمكانهم إنتاج بنيات ألماسية ضمن الكربون Q.
يمكننا إنتاج إبرٍ نانوية، أو إبرٍ مكروية أو نقاط نانوية أو أغشية ألماسية واسعة المساحة، مع تطبيقات في مجال إيصال الدواء Drug Delivery**** والعمليات الصناعية ولإنتاج مفاتيح الحرارة العالية وفي إلكترونيات القدرة (1).
إن لهذه الأجسام الألماسية بنية وحيدة البلورة مما يجعلها أمتن من المواد المتعددة البلورات. وهذا كله يتم في درجة حرارة الغرفة وبضغط جوي عادي (الليزر الذي نستخدمه شبيه بذلك المستخدم في عمليات العين). بالتالي فإن هذا لا يمكننا من تطوير تطبيقات جديدة فحسب، بل إن العملية بحد ذاتها تكون رخيصة نسبياً. وإذا أراد الباحثون تحويل المزيد من الكربون Q إلى ألماس، ما عليهم ببساطة إلا أن يعيدوا عملية الضرب بالليزر والتبريد.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كان الكربون Q أقسى من الألماس، لم قد يريد أحدهم إنتاج نقاطٍ نانوية ألماسية عوضاً عن تلك المكونة من الكربون Q ؟... والجواب ببساطة؛ لأنه لا زال لدينا الكثير لنتعلمه عن هذه المادة الجديدة.
نستطيع إنتاج أغشية من الكربون Q ، ونحن بصدد تعلم خصائصه، ولكننا لا زلنا في مراحل مبكرة لفهم كيفية التلاعب به. فنحن نعلم الكثير عن الألماس، وقادرون على تصنيع نقاط نانوية ألماسية، لكننا لا نعلم حتى الآن كيف نصنع نقاط نانوية أو إبراً ميكروية مصنوعة من الكربون Q. يذكر قدمت جامعة ولاية نورث كارولينا براءتي اختراع عن الكربون Q وتقنيات إنتاج الألماس، وتبقى أن تشاركونا رأيكم بهذا الإنجاز.
الهوامش:
(*) دالة العمل Work-Function: هي أقل طاقة يحتاجها الإلكترون لكي يُنتزع من سطح مادة صلبة.
(**) الكربون الأمورفي: كربون أولي، على خلاف الغرافيت والألماس، لا يمتلك بنية بلورية منتظمة ومحددة.
(***) النانو ثانية: جزء بالمليار من الثانية.
(****) إيصال الدواء Drug Delivery : هو وسيلة أو عملية صيدلانية لتحقيق تأثير علاجي في الإنسان أو الحيوان. الهدف منها ايصال الدواء إلى المكان المطلوب علاجه.
(1) الكترونيات القدرة Power Electronics: هي تطبيقات إلكترونيات الحالة الصلبة في مجال تحويل الطاقة الكهربائية والتحكم بها.
المصدر:
هنا
ترجمة: مهند أدهم