التخزين الجيولوجي للكربون
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
عام 2015؛ بدأت إحدى أهم شركات النفط العالمية Shell بالتقاط أكثر من مليون طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون العديم الرائحة؛ والذي سيُضخُّ عن طريق خطِّ أنابيب إلى حيث سيُدفن على عمق 2 كم في تشكيلات الحجارة الرملية sandstone المسامية (سهلة الاختراق).
Quest؛ هو اسم المشروع الأول من نوعه؛ إذ تُديره شركة منتجة للنفط والتي تشمل بعضاً من الشركاء الناشطين في مجال تجنُّب كوارث المناخ.
وإذا أردنا الحديث عن تخفيض واضح وفعلي في كمية غازات الاحتباس الحراري؛ فإنَّ هذه التقنية (التقاط الكربون واحتجازه في تشكيلات جيولوجية مناسبة) تُعدُّ الأسرعَ، وقد أنشأتها Shell من أجل الحدِّ من الانبعاثات والاستفادة من الدعم الحكومي في الوقت نفسه.
ومع ذلك؛ يُشكل المشروع مثالاً نادراً لهذه التقنية التي تُوصف بـ "العالقة"، فعلى الرغم من الإعلان عن إنشاء 9 مشاريع عام 2014؛ ولكن فشل 8 منها؛ وبذلك فإن تعداد هذا النوع من المشاريع قد انخفض عالمياً إلى 75 مشروعاً: 8 منها في حيِّز التنفيذ الفعلي فقط، وتُخزِّن سنوياً 23 مليون طن متري من غاز CO2.
وعلى الرغم من البداية البطيئة؛ تُعدُّ هذه التكنولوجيا المتقدمة فعَّالة لكبح جماح ظاهرة الاحتباس الحراري بثمن زهيد نسبياً، ولكن العالم بحاجة إلى أكثر من 100 مشروع آخر مماثل لتخزين أكثر من 270 مليون طن سنوياً بحلول نهاية العقد الحالي للحفاظ على ارتفاع الحرارة العالمي، بحيث لا يتجاوز الـ 2 درجة كمتوسط عام، وخصوصاً أنَّ أكثر من 80% من الطاقة المستخدمة اليوم عالمياً تأتي من الوقود الأحفوري.
يجب أن نعلم أن فاتورة الكهرباء ستكون كبيرة جداً بحلول عام 2050 إذا لم نُحقِّق ذلك.
إنَّ الولايات المتحدة هي الرائدة عالمياً في مجال التقاط الكربون واستيعابه (احتجاز الكربون) بواسطة الحقن الجيولوجي، والذي يحدث في آبار النفط القديمة المُستنزفة، ولكن تُعدُّ قلة التمويل مشكلة، إضافة إلى عدم وجود تشريعات محلية تكبح انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تُغلَق منشآت إنتاج الطاقة من الفحم باستمرار بسبب وفرة الغاز الطبيعي الرخيص كنتيجة عن التكسير الهيدروليكي (تقنية حديثة تسمح باستخراج مخزونات من البترول والغاز كان من المستحيل الوصول إليها سابقاً؛ وذلك بوسائل ميكانيكية تستعمل سائلاً مضغوطاً يُحدث كسوراً في الطبقات الصخرية).
والخبر الجيد هو أن حرق الغاز بدلاً من الفحم يُنتج نصف كمية CO2 المنطلقة، ولكن الخبر السيء هو أن حرق الغاز لا يزال يُولِّد ثاني أكسيد الكربون دون وجود منشآت لاختزانه، كما هو الحال في منشآت حرق الفحم. فإما أن ننشئ محطات استيعاب الكربون أو أن نجد حلاً آخر للوصول إلى هدف الـ 2 درجة مئوية (عدم ارتفاع حرارة الكوكب أكثر من درجتين كمعدل).
تُعدُّ الصين أكبر موقع لإقامة مشاريع امتصاص الكربون وتخزينه؛ فهناك 11 مشروعاً قيد التطوير والمقرر إنشاؤها على محطات توليد الطاقة بالفحم ومصانع المواد الكيميائية.
وللأمانة؛ فإن الفاتورة البيئية المكلفة لغاز ثاني أكسيد الكربون ليست المُحفِّز لمشاريع كهذه، بقدر الرغبة في التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون الزائد المرافق استخراج بترول بكمية أكثر بواسطة الطريقة المُحسنة، والتي تُعدُّ سوقاً ضخمة محتملة نظراً إلى التعطش الكبير إلى النفط.
ومن دواعي إنشاء محطات التقاط الكربون أيضاً أنه يمكن أن يُستخدم للحصول على النفط الصعب الاستخراج (كالنفط في تكساس) والذي يحتاج إلى جلب ثاني أكسيد الكربون من مسافة أكثر من 800 كم حيث توجد أقرب محطة لالتقاطه في كولورادو، ويؤدي استخدام CO2 هذا الغرضَ إلى تخزينه في الأرض على نحو غير مقصود.
وفيما يخصُّ الكربون المرافق الغاز الطبيعي؛ فيمكن امتصاصه بأحد المركبات الكيميائية (ميتيل ديثانول أمين) الذي يعود ليطلقه بالتسخين، وهذا التسخين مُستنزِف للطاقة؛ ولذلك فإن هذه الطريقة غير شائعة على الرغم من أن تطبيقها سيوقف انبعاث 35 % من غازات الاحتباس الحراري المرافقة للعملية كاملة.
وبغض النظر عن الصعوبات؛ فإذا أراد البشر حرق الفحم أو النفط أو حتى الغاز الطبيعي؛ فإن تطبيق التقاط الكربون وتخزينه هو أمر لا مفرَّ منه.
المصدر:
هنا