البيدوفيليا... الشهوة الجنسية تجاه الأطفال الجزء الثاني: البيدوفيليا وطرق تشخيصها والكشف عن وجودها والعلاج.
علم النفس >>>> الأطفال والمراهقين
كما أخبر الطبيب النفسي "جوديث هيرمان Judith Herman " (الذي يعمل مع الأطفال المُعتدى عليهم في عيادة ضحايا العنف في بوسطن) موقع The Daily Beast من خلال ايميل أرسله لهم مايلي: أنا حقاً لا أعتقد أنّ مهنة الطبيب النفسي لديها المفتاح لحل لغز اولئك المولعين بالجنس مع الأطفال، لأنًّ معظم الدراسات اعتمدت على نسبة الـ 5% من المقبوض عليهم بتهمة جرائم جنسية. وبعبارة أخرى، إنّ معظم قيم أبحاث البيدوفيليا قيم متطرفة.
ومع ذلك؛ لاتزال فئة صغيرة من الأطباء تعمل على فهمٍ أفضل لهذا الاضطراب، لربّما ساعد ذلك في نهاية المطاف على منع هذا النوع من المعاناة التي سمعنا عنها الكثير مؤخراً.
في الواقع، واحد فقط من العلاجات القليلة بإمكانها أن تسعى لإيجاد دواء يخفض مستويات هرمون التستوستيرون، وذلك لتخفيف الرًّغبة الجنسية لديهم، كما يصف الأطباء أيضاً مضادات الاكتئاب لمعالجة المشاكل النفسية، والتأثيرات الجانبية الشائعة الناتجة عن انخفاض الغرائز الجنسية، كما أنهم يطالبون بعلاج نفسي يتضمّن الأساليب السلوكية والإدراكية لإيقاف المعتقدات المنحرفة لدى المرضى.
لقد استخدمت الطبيبة "جوديث بيكر Judith Becker" هذا النوع من العلاج (أي العلاج النفسي السلوكي) _وهي طبيبة واستاذة في جامعة أريزونا_ حيث قامت بسؤال مرضاها عن شعورهم عندما انخرطوا بعمليةٍ جنسية مع الأطفال فيما سبق، وكان هذا السؤال "لحظة توقف" لأولئك المرضى تنبّهوا، وأدركوا من خلاله تورّطهم مع الأطفال، واعتبروا أنفسهم في نفس عمر ضحاياهم.
كما درست بيكر أيضاً ما يسمى "بالاستمالة" حيث يقضي المدمنون أحياناً شهوراً في التودّد لطفلٍ ما (يأخذونهم للعب الكرة و ينهالون عليهم بالألعاب والهدايا)، يصبحون جزءاً من عالمهم إلى درجةٍ لايدرك فيها الطفل أنّ تعدّياً واضحاً قد حدث عندما يتحول هذا التفاعل إلى تفاعل جنسي أو ربما يشعر الطفل بالتورط مع ذلك الشخص ويخاف من فقدان تلك العلاقة.
إن هذه العملية ليست حصراً على الإشباع الجنسي، وإنّما الترابط مع الاطفال بحدّ ذاته هو مصدر ارتياح لهم، ولذلك عملت بيكر خلال العلاج على محاولة تسهيل العلاقة بين اولئك المرضى مع غيرهم من الكبار البالغين، ومساعدتهم على اكتساب المهارات الاجتماعية التي غالباً ماتكون معدومة.
وأضافت بيكر بأنّ العديد من اولئك المدمين لايفكّرون جلياً بأخلاقيات ما يفعلون، وإنما بدلاً من ذلك يَحبِكون "تشويهات معرفية" لتبرئة أنفسهم من الذنب أو المسؤولية، فيقولون لأنفسهم مثلاً (إنّ ذلك الطفل لم يقل لا عندما بدأت الاقتراب منه، أو لقد تعرّضت لمثل هذا الفعل عندما كنت صغيراً وأعتقد أنه من الطبيعي أن أفعل ذلك أنا أيضاً، أو نْ يقول أنا أحبّ ذلك الطفل فعلاً.
هل تمّ إيجادُ طريقةٍ للتنبؤ بخطر وجود البيدوفيليا ؟
أظهرت دراسةٌ جديدة أنّ الخبراء ليس لديهم طريقة محددة يمكن الاعتماد عليها لتحديد وجود البيدوفيليا لدى الفرد، حيث شملت تلك الدراسة مجموعة من الرجال الكنديين المُدانين بجرائم جنسية ضد الأطفال،وتمًّ تقييم كل رجل من اصل 160مُدان باستخدام ثلاث طرق ألا وهي:
1) طريقة قياس الرغبة الجنسية Phallometry: عن طريق جهاز يتم تطبيقه على الأعضاء الذكرية للرجال لقياس الشهوة الجنسية عند رؤيتهم لصور الأطفال، والنتيجة أن أكثر من نصف الرجال (حوالي 55%) لديهم إثارة تجاه الأطفال.
2) الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية: تم تقييم كل رجل بعناية لتحديد فيما إذا كان قد تلقّى المعايير التشخيصية من الجمعية النفسية الأمريكية التي استخدمت هذه المعايير على نطاق واسع، ووُجد أن 70% تقريباً من الرجال تلقّوا هذه المعايير.
3) أحكام الخبراء: قدّم الخبراء المُقيِّمون آراءً حول وجوب تشخيص البيدوفيليا في كل رجل لديه اهتمامات منحرفة جنسياً تجاه الأطفال، وهذه الطريقة أدّت إلى أعلى نسبة من الدراسات الأخرى حيث أن حوالي 77% من الرجال كانوا مؤهّلين لتشخيص البيدوفيليا لديهم.
ولكن عندما فحص الباحثون هذه البيانات لم يجدوا ارتباطاً واضحاً بين الطرق الثلاث المذكورة، ليس ذلك فحسب، بل وإنّ هذه الطرق لم تستطع التنبؤ بمن ستنكُس حالته فيما بعد، حيث أنّ 14% من أصل 160 مجرم ممّن تمّ إطلاق سراحهم انتكسوا جنسياً بعد فترةٍ طويلة من الزمن تصل إلى حوالي تسع سنوات. وتُعتبر هذه النسبة هي معدل الانتكاس النموذجي لمرتكبي الجرائم الجنسية.
إذاً: إنّ التناقضَ بين طرق التشخيص يؤدي إلى تقلص الدقّة في التقييم والنتائج. ونأمل أن يتوصّل العلم في الأيام المُقبلة إلى طريقةٍ حاسمة وفعّالة للكشف عن البيدوفيليا.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا