ما هو البوتوكس؟ وهل هو حقاً سام؟
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
كيف وصلنا إذن الى هذه المرحلة، حيث نحقن به وجوهَنا وأماكنَ أخرى من أجسامنا؟ على الرغم من أنّ تناولَ طعامٍ ملوثٍ بجرثومة المِطَثِيّةِ الوشيقيةِ يسبب التسمُّمَ الوشيقي botulism وهو مرضٌ شبيه بالشلل وقاتلٌ غالباً؟
عندما يُنقى ذيفانُ الوَشيقيّةِ ويحقن بكميات صغيرةٍ ومحددةٍ في الجسم يُعتبر آمناً جداً وفعالاً في إرخاء التشنجِ العضليِّ المفْرِط. على الرغم من أنّ الأطباءَ اقترحوا استخداماً دوائياً ممكناً لذيفان الوشيقيةِ منذ القرنِ الثامنِ عشر، إلا أنّ أولَ استخدامٍ طبي له كان في سبعينياتِ القرنِ الماضي لعلاج الحَوَل (اضطرابٌ في توجّه العينين).
كيف يعمل ذيفان الوَشيقيّة؟
تفرز جراثيمُ المِطَثيّةِ الوشيقيةِ ثمانيةَ أنواعٍ مختلفةٍ من الذيفانات وهي A، B، C1، C2، D، E، F، G. وتؤثّر جميعُها عن طريق منعِ تحررِ الأستيل كولين، أحدِ أهمِّ الناقلاتِ العصبية في جسمنا. يقوم الأستيل كولين بتحفيز التقلصِ العضليِّ، لذلك يؤدي منعُ تحرّرِه إلى ارتخاءِ و شلل هذه العضلات.
تسمح الحُقنُ بأن يتم توجيهُ ذيفانِ الوشيقيةِ مباشرة إلى عضلات محددةٍ، مسبباً تأثيراً مباشراً على الأستيل كولين في المَشابكِ العصبية، مما يمنع وصولَ الإشارةِ التي ستؤدي إلى تقلصِ العضلةِ في الحالة الطبيعية. النمط A من الذيفان هو الأكثرُ قوةً والأطولُ تأثيراً، يليه النمطان B وF. يجري حالياً استخدامُ مستحضراتٍ تجاريةٍ حاويةٍ على النمطين A و B.
تبدأ التأثيراتُ بالظهور عادةً بعد 24 – 72 ساعةً، وتبلغ ذروتَها بعد 10 أيامٍ تقريباً. تدوم التأثيراتُ عادة حوالي شهرين إلى ثلاثة أشهرٍ أو حتى تنشأَ نهاياتٌ عصبيةٌ جديدةٌ وتشكّلَ اتصالاتٍ مشبكيةً جديدة.
متى يُستخدم ذيفانُ الوشيقية؟
برغم أن التطبيقاتِ التجميليةَ لذيفان الوشيقيّةِ هي الأكثرُ انتشاراً، إلا أن استخدامَ هذا السمِّ العصبي قد تَوسع ليشملَ كلَّ مجالاتِ الطبِ تقريباً، ومن ضمنِها:
- صداعُ الشقيقةِ المزمنُ الذي يتكرر أكثر من 15 يوماً في الشهر وتدوم النوبةُ أكثرَ من 4 ساعاتٍ كلَّ مرة.
- اختلالُ التوترِ البُؤْري (تقلصات عضلية لا إرادية في منطقة معينة من الجسم مثل العنق).
- تشنّجٌ نصفِ وجهيٍّ (أي ارتجافٌ عضليٌّ لا إرادي في جانب واحد من الوجه).
- فَرطُ التعرّق (زيادة في إفراز العرق).
- فرط الإلعاب (زيادة في إنتاج اللعاب).
- أعراضُ المثانةِ مُفْرِطةِ الاستجابة والتي تتضمن السلَسَ البوليَّ، وذلك عندما تكون الأدويةُ الأخرى غيرَ فعالةٍ أو قليلةَ التحمل.
- الحوَل (خلل في توجّه العين أي عندما تواجه إحدى العينين اتجاهاً مختلفاً عن الأخرى).
الاستخدامات التجميلية والاستخدامات الأخرى لذيفان الوشيقية:
تفيد ذيفاناتُ البوتولينوم من الناحية التجميليةِ في تسويةِ التغضّناتِ والتجاعيدِ في الوجه والذقن والعنقِ والصدر، وهي تحَسّن منظرَ خطوطِ قدمِ الغرابِ (crow’s feet) وخطوطِ العُبوس عند البالغين تحسيناً مؤقتاً. يبدأ التحسنُ عادةً في الظهور بعد 24 – 48 ساعةً، ويمكن أن تدومَ التأثيراتُ لأربعةِ أشهر.
استُخدم ذيفانُ الوشيقيةِ بنجاح في علاج حالاتٍ عديدةٍ من اختلالات الحركةِ التشنُّجيةِ وبعضِ الحالاتِ المزمنة التي فشلت العلاجاتُ الطبيةُ الأخرى في علاجها بفعالية، ويُتوقّع أن يزدادَ استخدام هذه المادةِ بشكل كبيرٍ في المستقبل.
التأثيرات الجانبية لذيفان الوشيقيةِ:
في حالات نادرةٍ، ينتشر ذيفانُ الوشيقيةِ ويتجاوز موضِعَ الحقنِ ويسبب تأثيراتٍ جانبيةً خطيرةً وربما تكون مهددةً للحياة، كـ: الصعوباتِ في البلع أو التنفسِ، الضعفِ العضليِّ المعمَّم، تشوّشِ الرؤيةِ، هبوطِ الأجفان، تغيّراتٍ في الصوت. تكون الخطورةُ عاليةً عند الأطفال الذين يتلقون العلاجَ من الشُّنّاج (تشنجات عضلية)، وعند الأشخاصِ الذين يعانون من حالات صحيةٍ معينة. يمكن أن تبدأَ التأثيراتُ خلال بضعِ ساعاتٍ أو بعدَ أسابيع من وقتِ الحقن. لا يجب أن تُستخدمَ ذيفاناتُ الوشيقيةِ إلا من قِبل طبيبٍ مرخصٍ ولاستطبابٍ موافَقٍ عليه من إدارة الأغذية والأدوية FDA في الولايات المتحدة (أو ما يقابلها في البلاد الأخرى من مؤسسات تتولّى تنظيم المستحضرات الدوائية وترخيصها). تكون التأثيراتُ الجانبيةُ لدى معظمِ الناسِ عادةً خفيفةً ومحدودةً في مكان الحقن، وتتضمن شكاوى مثل: جفافِ القرنيةِ عند استخدامه لعلاجِ تشنجِ الجفن، النزفِ خلفَ العين عند استخدامه لعلاجِ الحوَل، زيادةِ حدوثِ الزكام، الانتاناتِ التنفسيةِ العُلويةِ الأخرى.
هل يمكن تطويرُ مقاومةٍ تجاه المستحضراتِ المشابهةِ للبوتوكس؟
إن ذيفاناتِ الوشيقيةِ هي نوعٌ من البروتينات، وكما هو الحال مع أي بروتينٍ يمكن أن تتشكلَ أضدادٌ لها بعد التعرض المتكررِ، حيث يتعامل الجسمُ مع هذه البروتيناتِ كمستَضِدّاتٍ تقوم بتحفيز الاستجابةِ المناعية. عند تشكيلِها تحجُب هذه الأضدادُ ذيفانَ الوشيقيةِ وتُلغي تأثيراتِها.
معظمُ هذه الحالاتِ تتعلق بـ onabotulinumtoxinA، وهو أولُ ذيفانٍ وشيقيٍّ تم تسويقُه. عام 1997 تم تعديلُ الصيغةِ الأصلية لتخفيف حِمْلِ البروتينِ في الجرعة الواحدةِ، ومنذ ذلك الحينِ انخفضت معدلاتُ فشلِ العلاجِ، ولكن الخبراءَ يقدّرون أن 0.3% إلى 6% من الناس لا يزال لديهم خطورةُ تطورِ أضداد. تبلغ هذه الخطورةُ حدَّها الأعظميَّ عندما تكون الجرعةُ المستخدمة أكثرَ من 200 وحدةٍ في الجلسة، ويُعادُ الحقنُ في غضون شهرٍ واحد. لم يتأكد الخبراءُ ما إذا كانت الأضدادُ تزول مع مرور الوقتِ، أم إذا كانت حقنُ ذيفانِ الوشيقيةِ من النمط B مفيدةً عند المرضى الذين يمتلكون أضداداً للنمط A.
المستحضرات ليست قابلةً للتبديل فيما بينها:
على الرغم من وجود ثلاثةِ أنواعٍ من مستحضراتِ ذيفانِ الوشيقيةِ من نمط A متضمنةً abobotulinumtoxinA و incobotulinumtoxinA و onabotulinumtoxinA ومستحضرٍ واحدٍ من ذيفان البوتولين نمط B وهو rimabotulinumtoxinB في الأسواق، إلا أن هذه المستحضراتِ ليست قابلةً للتبديل فيما بينها. فكلُّ واحدٍ من المصنِّعين يستخدم طرائقَ معايَرَةٍ خاصةً بشركتِه، لذلك تختلف القوةُ بعدة أضعافٍ بين المستحضراتِ على الرغم من أنّ الجرعاتِ يمكن أن تُكتَب بواحداتٍ متشابهة.
كيف يتم إعطاء مركباتِ ذيفانِ الوشيقية؟
تستخدم إبرةٌ صغيرةٌ لحقن ذيفانِ الوشيقيةِ في العضلات أو الغددِ المستهدَفة. تتنوع الجرعاتُ اعتماداً على حجم العضلةِ (العضلاتُ الأكبر تتطلب جرعةً أكبر) والجنسِ (بعض النساء يتطلبن جرعةً أقل)، ووجودِ ضعفٍ عضليٍّ مُسبَق. يمكن أن يستخدمَ التخطيطُ العضليُّ الكهربائي لتوجيه الحقنةِ إلى الأماكن الحساسة. يُنصح بالراحة وتجنبِ النشاطاتِ المُجهِدةِ كوقايةٍ عامّةٍ بعد كل جلسةٍ، لتقليل فرصِ انتشارِ الذيفانِ بسبب زيادةِ نسبةِ الترويةِ الدموية. إضافةً إلى ذلك يجب تجنبُ علاجاتِ الليزر وجلسات تدليكِ الوجهِ لأسبوعٍ أو اثنين بعد الحَقن.
المصدر:
هنا