آلام أسفل الظَّهر المزعجة: الأعراض، الأسباب والعلاج..
الطب >>>> موسوعة الأمراض الشائعة
فأنت لست الوحيد الذي يعاني من ألم الظهر، فألمُ أسفلِ الظهر من أشيع الشكايات الطبيّة، حيث يصيب ثمانيةً من عشرِ أشخاص خلال فترةٍ ما من حياتهم. ولابُدّ أنّك اختبرتَ ذلك لمرةٍ واحدةٍ في حياتِكَ على الأقل.
• كيف يتطوَّر ألم الظهر؟ وما سببه؟
إمّا أن يكونَ الألمُ حاداً؛ أي يبدأُ بشكلٍ مفاجئ ويستمّرُ من أيّامٍ لأسابيع، أو مزمناً؛ عندما يبدأُ بشكلٍ غيرِ واضحٍ ودونَ أن تنتبهَ عليه ويستمرَ لأكثرَ من ثلاثةِ أشهر.
ينتجُ الألمُ عن أسبابٍ عديدةٍ، لمعرفتِها يجبُ أن نكونَ على درايةٍ بشكلٍ جيد بتشريحِ المنطقة، والوظائفِ المسؤولة عنها.
ولأنّ أسفلَ الظهر يقومُ بوظائف عديدة تشمَلُ: الدّعمَ والحركةَ وحمايةَ مختلف أنسجة الجسم.
من الممكن أن يكونَ مصدرَ الألم من العظمِ أو الأقراصِ بين الفقرات أو الأربطةِ أو النخاعِ الشوكي أو الأعصابِ أو العضلاتِ أو الأعضاءِ الداخليّة في البطنِ والحوض والجلد الساتر للمنطقة القطنية.
تشريّحياً؛ العمودُ القطنيُ هو عبارةٌ عن فقراتٍ متلاصقةٍ ومتتاليّةٍ تؤمنُ الدعمَ والحركةَ بالإضافةِ لحمايةِ النخاع داخلِه. تتألف كلُّ فقرةٍ من:
1. نتوءٍ شوكي.
2. ناتئٍ عظمي إلى الخلفِ من النخاعِ الشوكي، يشكلُ هذا الناتئُ درعاً حامياً للنسيجِ العصبي للنخاع من الرضوضِ والصدّمات.
3. جسمِ الفقرة.
4. القرصِ بين الفقراتِ على شكلِ وسادةٍ بين فقرتين يعملُ على امتصاصِ الصدّمات مع جزءٍ مركزي يُسمى النواة اللّبية، وجزءٍ محيطي يُسمى الحلقة الليفية.
5. أربطةٍ لربط العظم والفقرات.
6. الأعصابِ المسؤولةِ عن التعصيبِ الحسي والحركي.
7. العديدِ من العضلاتِ المسؤولةِ عن العطفِ والبسط والدوران.
8. الأبهرِ البطني.
9. العقدِ اللمفية حولَ الأوعيّة.
10. الجهازِ العصبي اللاإرادي المسؤولِ عن ضبطِ المَصرّات والأمعاء.
11. الرّحمِ والمبيضِ بالنسبة للأنثى، والبروستاتِ بالنسبة للذكر.
12. والجلدِ الساتر للمنطقة.
انفتاقُ الجزءِ المحيطي يسببُ فَتقَ القناةِ اللبية أو الديسك مما يؤدي لتخريشِ الأعصابِ المجاورة، وحدوثِ ما يسمى عِرق النِسا (ألم العصب الشوكي) كما سنرى لاحقاً.
سنتطرق الآن إلى أشيعِ الأسبابِ المؤديّة لألم أسفل الظهر وهي:
1-الألمُ القطني (الالتواء):
من أشيعِ الأسباب، يحدث غالباً في الأربعينات من العمرِ لكنه أيضاً يمكن أن يحدثَ في أيّ عمر، يمكن أن يكون حاداً أو مزمناً، وهو أذيةٌ ناتجةٌ عن تمططِ الأربطةِ أو الأوتارِ أو العضلاتِ الخاصّةِ بأسفلِ الظهر، ينتج عن فرطِ أو سوءِ استخدام، والرّض.
يتظاهرُ الألمُ بانزعاجٍ في مكانٍ محددٍ من أسفلِ الظهر، تتراوحُ الأذيةُ من الخفيفةِ إلى الشديدة اعتماداً على درجةِ الألم والتّشنجِ العضلي.
يعتمدُ تشخيصُ الحالةِ على القصةِ المرضية وموقعِ الألم ونفيِ الأذيّات العصبيةِ بالإضافةِ للتصوير الشعاعي(X-ray)، أما العلاجُ فيعتمدُ على الراحةِ والأدويةِ لتخفيف الألمِ والتشنج وتطبيقِ الحرارة الموضعيّة والتدليك بالإضافة لبعضِ التمارين.
يكون العلاجُ المنزلي بـ:
• الكماداتِ الحارّة.
• الأدويةِ كالأسيتأمينوفين (باراسيتامول)، إيبوبروفين.
• تجنبِ حملِ الأشياء الثقيلة.
• أما بالنسبة للأدويةِ الموصوفة للحالاتِ الحادةِ فتشمل مضادات الالتهاب مثل sulindac، naproxen والمرّخيات العضلية مثل carisopradol...بالإضافة للمسكناتِ مثل ترامادولtramadol.
• تؤدي الراحةُ التّامةُ في السريرِ إلى سوءِ الحالة وتأخر الشفاء.
2-التخريشُ العصبي:
يمكن أن ينتجَ عن الضغطِ الميكانيكي على الأعصاب من العظمِ أو الأنسجة الأخرى، أو نتيجةً لمرضٍ ما، وذلك في أيّ مكانٍ على مسير العصب.
تشمَل هذه الحالة:
• التهابَ جذرِ الأعصاب:
تطالُ الأذيّةُ القرصَ بينِ الفقرات إمّا بسببِ التنكسِ في الحلقةِ الليفية المحيطية، أو الأذياتِ الرّضية أو كليهما. ويؤدي ذلك إلى تمزقِ أو انفتاقِ القسم المركزي من القرص أو النواة اللبية عبرَ الحلقة الليفية، ويمكنُ أن تخرجَ أبعدَ من ذلك لتضغطَ على جذور الأعصاب الناشئة من الحبل الشوكي (يسميها العوامُ الديسكَ)، وهذا ما يسببُ ألمَ العصب الشوكي أو ما يُعرف بعِرق النِسا، والذي يتصف بما يلي:
- يكونُ الألمُ في أسفلِ الظهر ممتداً للأسفل والخلف على مسير العصب الشوكي.
- يزدادُ بالحركةِ وأحياناً بالعطاسِ والسعال.
- يشملُ الألمُ جانباً واحداً من الجسم.
- وفي الحالات الشديدة يمكن أن يترافقَ بسلسٍ بولي-برازي.
كيف نشخِّصه؟ وكيف يكون العلاج؟
يكونُ التشخيصُ بالفحوصِ الشعاعيّة كالمرنان، وأحياناً بفحصِ الأعصاب، أمّا المعالجةُ فتتراوح بين الأدويةِ المخففة للألمِ حتى الجراحة حسبَ حالة المريض.
• الأذياتِ المُضيقةَ للمسافة:
والتي تسببُ انضغاطَ الأعصاب مسببةً (ألم العصب الشوكي). وتشمل الأذياتُ المسببةُ لتضيقِ مخرج الأعصاب كما في الحالات التالية:
- انزلاقَ الفقارِ (انزلاق فقرة على أخرى).
- تضيقَ النخاع (انضغاط جذور الأعصاب أو الحبل الشوكي بالعظم أو أنسجة أخرى في القناة الشوكيّة).
يكون العلاجُ حسبَ الحالة من الراحةِ إلى حقنِ الكورتيزون فوقَ الجافية حتى الجراحة.
3-أذيّات العظم والمفصل:
إما أن تكونَ خَلقيّةً كالجَنف وعدمِ انغلاق القناة الشوكية، أو تنكسيّةً كـ:
• التهابِ المفاصل التنكسي.
• التهابِ المفاصل: مثل داء رايتر، التهاب الفقار المقسط، التهاب المفاصل الصدافي.
• التهابِ المفاصل المرافق لأدواء الأمعاء الالتهابيّة.
ومن الأذياتِ الأخرى التي تصيب العظمَ والمفصل ،الكسورُ، ومنها ما يكونُ في سياقِ تخلخل العظام، وذلك لدى المسنين والذين يتناولون الستيروئيداتَ(الكورتيزون) لفتراتٍ طويلة، أما بالنسبةِ لكسورِ الشباب فتحدث نتيجةً لأذياتٍ رضيّة (حوادث، نوبات اختلاج...).
ومن الأسبابِ الأخرى الأقلِ شيوعاً لألم أسفل الظهر:
1. أذياتُ الكلية بأنواعها.
2. الالتهابات.
3. الحصيّات.
4. النزوفُ الرضية.
5. الحملُ وذلك بآليتين الأولى ميكانيكيةٌ ناتجةٌ عن توضعِ الجنين، والثانية هرمونيةٌ لدورِ الاستروجين في إرخاءِ الأربطة.
6. الأورامُ سواءً أكانت بدئية أم انتقالية(أهمها سرطان البروستات،حيثُ تكون أشيعُ نقائله إلى العمود القطني).
7. مشاكلُ المبيض المختلفة.
يوجد أيضاً أسبابٌ غيرُ شائعة كـ: داء باجيتِ ونزوفِ وأخماجِ الحوض وأمِ الدم الأبهرية، والحلأ النطاقي (داء المنطقة).
من النادر والخطير أيضاً أن يحدث ما يُسمَّى "متلازمة ذَيلِ الفرس" وهي مشكلةٌ خطيرة تَحدث عندما ينضَغط الحبل الشَّوكي، وتتطلب علاجاً إسعافيَّاً إذا ما لاحظتَ خدَراً أو نَمَلاً في كِلتا قدميك أو إذا لم تعد قادراً على التّحكُّمِ في قدرتك على التبوّل أو التبرُّز.
إذاً، كيف يتمُّ تشخيص ألام الظَّهر؟
يتمُّ بالسؤال عن السَّوابق المَرَضِيَّة وعنِ الأعراض والنَّشاطات التي قام بها المريض مؤخَّراً، ثم يقوم الطَّبيب بإجراءِ فحصٍ فيزيائيّ، ويعتمد إيجاد سبب الألم على نتائج الفحص السَّريريّ وإجاباتِ المريض عن أسئلة الطَّبيب، وغالباً ما يتمُّ الوصول إلى علاجٍ محدَّدٍ بعد الفحص الأول.
لا تفيد جميع الفحوصات (مثل التصوير الشعاعي، والطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي...) في تحديد سبَبِ الألم، لذلك لا تُجرى عادةً إلا في حالاتٍ تستوجب إجراءها، كاستمرار الألم الظّهري لأكثر من ستة أسابيع أو في حال اقترح الطَّبيب أن ألم الظهر ليس مجرَّد ألمٍ عضليّ.
كيف يُعالج هذا الألم بعد تشخيصه؟
تُعالج معظم الحالات بالإسعافات الأوليّة التي تشمل تمريناتٍ خفيفةً كالمشي مثلاً أو تناول أدويةٍ تؤخذ بدون وصفة طبية (OTC).
كما يُعتبر المشي أفضل تمرين لآلام أسفل الظهر لأنه يُنشِّط الدَّورة الدموية ويساعد على تقوية العضلات.
من الممكن أيضاً أن يوصيك الطبيب بنوعٍ معيَّنٍ من التمرينات لتساعد عضلاتك وتقويها، منها سلسلة من التمرينات البسيطة تسمَّى " core stabilization"* والّتي تساعد على تحسين وضعية الوقوف وتُحسِّن من توازن الجسد، وتقلِّل احتمالية إصابتك.
إن لم تتحسَّن حالتك بعد أسبوعين من تجربة العلاج الذاتي (كأن تتناول بعض الأدوية التي لا تحتاج وصفة) فربما عليك أن تراجع طبيباً ليصف لك علاجاً أقوى أو ربما تستطيع الاستفادة من العلاج اليدوي.* ما يمكننا القول بأن العلاجات نوعيّة، فقد ينفع معك علاجٌ معين ولا ينفع مع غيرك، لذا من الممكن أن تجرِّب أكثر من علاج حتى تصل إلى العلاج المناسب لك.
وبما أنّ الألم المزمن قد يُسبِّبُ اكتئاباً، والعكس بالعكس فقد يسبِّب الاكتئاب آلاماً بالظهر، لذا فالأدوية المضادَّة للاكتئابِ تساعد في علاج حالات الاكتئاب إلى جانب حالاتِ الألم الظهري. كما تفيد الاستشارات التي تساعد على ضبط التوتر في العلاج .
بالنسبةِ للبقاءِ بالسرير فكما ذكرنا يُسيء للوضع.
كما من المهم اتخاذُ الاجراءاتِ الوقائية الكامنة وذلك بتجنبِ الوضعياتِ الخاطئة أثناء الجلوسِ والمشيِ والنومِ والابتعاد عن حملِ الأشياء الثقيلة.
متى تجبُ مراجعة الطبيب؟
عندما يستمرُ الألمُ لأكثرَ من ثلاثةِ أيّام يجب مراجعةُ الطبيب لمعرفة السبب وتوجيه العلاجِ نحوه.
الحاشية:
* core stabilization: تعني استخدام العضلات الجذعية لتدعم العمود الفقري والجسم أثناء أي نشاط، من هذه العضلات (البطن – الظهر- حول العنق- حول الحوض-الورك- الأرداف- عضلات المنطقة الإربية...).
*العلاج اليدوي: هو طريقة علاج تُنجز بالأيدي (كالمساج مثلاً...)، ويهدف للوصول إلى الاسترخاء وتقليل الألم وزيادة المرونة.
ملخص المقال:
من أكثرِ الشكايّاتِ شيّوعاً ألمُ أسفل الظهر حيث يمكنُ أن ينتجَ عن عدة أسبابٍ شائعةٍ أو غير شائعة، يتم توجيهُ العلاجَ عادةً نحو السبب.
يمكنكم القراءة عن الام أعلى الظهر: هنا
خطوات بسيطة تجنبك ألم أسفل الظهر: هنا
هل الباراسيتامول فعال في تسكين آلام أسفل الظهر؟: هنا
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا