يُعَدُّ كريستوفر نولن مخرجاً سينمائياً مبدعاً وكاتبَ نصوصٍ ذا أسلوبٍ مبتكر، كيفَ لا وهو من أخرجَ عدداً من الأفلامِ التي لاقت رواجاً في أوائلِ القرنِ الواحدِ والعشرين، مثل: Momento و Inception و The Dark Night Rises.

وُلِدَ نولن في الثلاثين من تموز/يوليو عامَ 1970 في العاصمةِ البريطانيّة لندن، وبدأ صناعةَ الأفلامِ منذُ صغرِهِ، إذ كانَ أوّلَ أعمالِهِ فيلماً قصيراً حينَ كان يبلغُ من العمرِ سبعَ سنواتٍ فقط. تنقّلَ نولن بين شيكاغو ولندنَ فقد كانت والدتُهُ أميركيّةَ الأصلِ بينما كانَ والدُهُ بريطانياً. تخرّجَ نولن من جامعةِ لندنَ يحملُ شهادةً في الأدبِ الإنكليزيّ.

مسيرتُهُ في الإخراج:
كانت انطلاقةُ نولن الرئيسيّةِ في فيلمِ Following (تَعقّب) وهو فيلمٌ بالأبيض والأسود أُنتِجَ بميزانيةٍ منخفضةٍ تدورُ أحداثهُ حولَ كاتبٍ وحيدٍ مهووس بتعقّبِ الغرباء. بُنيت الحبكةُ الروائيّةُ للفيلم بشكلٍ غيرِ تقليديّ ما أثارَ الاهتمامَ بالعملِ ودفعَ نولن لينهيَ فيلمَهُ التالي Momento (تذكار) مثَّلَ بطولةَ هذا الفيلمِ المُظلمِ والفريدِ غاي بيرس Guy Pearce بدورِ رجلٍ فاقدٍ للذاكرةِ يعتمدُ على تدوينِ الملاحظاتِ في أثناءَ بحثِهِ عن الانتقام. أخذَ نولن فكرةَ الفيلم عن قصةٍ كتبَها شقيقُه جوناثان نولن،كما نالَ الفيلم ترشيحين لجائزة الأوسكارِعن فئتي السيناريو والتحرير.

في فيلم تذكار مع الممثل غاي بيرس

Image: https://www.dga.org/~/media/Images/DGAQ%20Article%20Images/DGA%20Quarterly/1202%20Spring%202012/interviewNolanMemento.ashx

استمرَّ نولن بإخراجِ أفلامِ الإثارةِ ذاتِ الجانبِ النفسيّ مع تجديدِه لفلم Insomnia (أرق) من بطولةِ أل باتشينو الذي لعبَ دورَ ضابطِ شرطة في ألاسكا يعملُ على التحقيقِ في جريمةِ قتلٍ في الوقتِ الذي يعاني فيه من شعور مستعصٍ بالذنب. وصلت مسيرةُ نولن ذروتَها حين وافقَ على العملِ لإعادةِ إطلاقِ بطلِ مجلاتِ الكرتون باتمان في فيلمِ Batman Begins (بداية باتمان)، حصدَ الفيلمُ الذي لعبَ بطولتُه كريستيان بيل ما يزيدُ على 372 مليونَ دولار حولَ العالم. أصدرَ نولن بعدَ ذلك فيلم The Prestige وهو فيلمٌ آخرُ نالَ استحسانَ الجمهورِ، وتدورُ قصتُه حولَ ساحرين متصارعين من بطولةِ كريستيان بيل وهيو جاكمان وسكارليت جوهانسون.

في عام 2008 أخرجَ نولن جزءاً جديداً من سلسلةِ أفلامِ باتمان The Dark Night والذي أصبحَ من بين أربحِ خمسةِ أفلامٍ في الولاياتِ المتحدة، ورُشّحَ الفيلم لعدة جوائزَ في الأوسكار والكرة الذهبية (الغولدن غلوب) إلا أنّ الحزنَ عمّ أجواءَ النجاحِ الذي حققهُ الفيلم مع وفاة ِ الممثّلِ هيث ليدجر (الذي لعبَ دورَ الجوكر في الفيلم) قبلَ عرضه.

في فيلم بداية باتمان مع كريستيان بيل وكيتي هولمز

Image: https://www.dga.org/~/media/Images/DGAQ%20Article%20Images/DGA%20Quarterly/1202%20Spring%202012/interviewNolanBatmanBegins.ashx

عادَ نولن بعدَ عامين مع فيلم Inception من بطولةِ ليوناردو دي كابريو بدورِ قائدٍ لمجموعةٍ من المرتزقةِ المسافرين في الأحلام، ولاقى الفيلم رواجاً كبيراً وفاز بأربع جوائز أوسكار على تفوقه في المجال الفني. ألحقَ نولن هذا الفيلمَ بالجزءِ الثالثِ من سلسلةِ أفلامِ باتمان The Dark Night Rises الذي لعبت فيه آن هاثاوي دورَ المرأةِ الهرّة.

في فيلم البداية مع ليوناردو ديكابريو

Image: https://www.dga.org/~/media/Images/DGAQ%20Article%20Images/DGA%20Quarterly/1202%20Spring%202012/interviewNolanInception.ashx

بين النجوم Interstellar:
عاد نولن في خريفِ عام 2014 إلى الشاشةِ الكبيرةِ بفيلم Interstellar الذي يمتدُّ إلى ما يقاربُ الثلاثَ ساعاتٍ من الخيالِ العلميّ الملحميّ الذي يتبعُ رحلةَ فريقٍ من روّادِ الفضاءِ الباحثين عن عالمٍ جديدٍ لسكانِ الأرضِ المحاصرين. من شاهدَ الفيلمَ يلاحظُ تفوّقه من حيثُ التأثيراتِ البصريّةِ الآسرة. لعبَ بطولتَه ماثيو ماكونوهي وآن هاثاوي.

الحسّ السينمائيّ:
تُعرفُ أفلامُ نولن بذكائِها وعمقِها النفسيّ والطريقةِ غيرِ التقليديّةِ في سردِ القصة. ويتميّزُ الفيلمان Following و Momento ببِنيّةٍ سرديّةٍ غيرِ متسلسلةٍ زمنياً إذ لاقى فيلمُ Momento الكثيرَ من الاهتمامِ لتطوّرِ قصته بشكلِ حلقاتٍ تعودُ بالزمنِ للوراء، بينما يعرضُ Inception قصصاً تتواجدُ ضمنَ قصصٍ أخرى أثناءَ اكتشافِ أبطالِ الفيلم عالمَ العقلِ اللاواعي بطبقاتِه العديدة.

ركّزَ نولن أيضاً في عملِهِ على الأبطالِ الذكورِ الذين يحاولون التعايشَ مع ماضيهم في محاولةٍ للتعاملِ مع تحدياتٍ معقدةٍ في حاضرهم. أما النساءُ فيلعبنَ في أفلامِه دورَ الحليفاتِ أو البطلاتِ أو محطّ اهتمامِ البطل.

يُمنحُ نولن أفلامَه أحاسيسَ فنيّةٍ قويّةٍ وتدلُّ تصاويرُه وخياراتُه السينمائيّةِ على ذلك إضافةٍ لمشاهدَ تشبهُ لوحاتٍ خياليّةً تدبُّ فيها الحياة، وكانَ لهذهِ الخياراتِ تأثيراً كبيراً على صناعةِ السينما ما أثبتَ أنّه يمكنُ للأفكارِ المُعقدّةِ والعميقةِ أن تتواجدَ في الأعمالِ التجاريّةِ الربحيّة.

المصادر:
هنا
هنا