الإسفنج؛ دواءٌ جديدٌ قاتلٌ لل MRSA
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
تُنتِج خلاصة الإسفنج، المعروف باسم Dendrilla membranosa، نوعاً جديداً من المواد الكيميائية الطبيعية والتي أظهرت في الفحوص المخبرية أنها قادرةٌ على القضاء على أكثر من 98% من خلايا الـ MRSA. أطلق فريق الباحثين على هذا المنتج الكيميائي الجديد اسم "darwinolide"، وتمّ نشر هذه الدراسة متضمّنة الطرائق المستخدمة والنتائج المستخلصة في مجلة الخطابات العضوية التابعة للجمعية الكيميائية الأمريكية (American Chemical Society's journal Organic Letters)
شكّلت العدوى بجرثومةِ MRSA شديدةِ المقاومةِ خلال السنوات الماضية إشكاليةً خاصة على مستوى المشافي ودور رعاية المسنين، لكنها ما لبثت أن طوّرت أنماطاً أخرى من العدوى يمكنها أن تنتشر في الأماكنِ شائعةِ الاستخدام كالنوادي الرياضية وغرف تبديل الملابس والمدارس. يقول الطبيب ليندسي شوو Lindsey N. Shaw الباحث المشارك في الدراسة وأخصائي علم الأحياء الدقيقة في جامعة جنوب فلوريدا: "في السنوات القليلة الماضية أصبحت MRSA مقاومةً ضد الصاد الحيوي فانكومايسين vancomycin))، الأمر الذي هدّد باستبعاد أهم علاجاتنا ضد العنقوديات.
تنفرد MRSA بكونها تستطيع أن تتسبّب بإنتاناتٍ في كل جزء من جسم المضيف البشري، بدءاً من الإنتانات الجلدية وصولاً إلى التهاب الرئة والتهاب شغاف القلب (إصابةٌ إنتانيةٌ خطيرةٌ في الأنسجة المبطنة للقلب). يقول الطبيب Shaw: "لقد تباطأت في السنوات الأخيرة وتيرةُ الجهودِ المبذولةِ من قِبل شركات الصناعة الدوائية لإيجاد مضادٍ حيويٍّ جديدٍ يُستخدم بديلاً عن تلك المضادات التي لم تعد فعّالة."
كما هو الحال في العديد من أنواع البكتيريا الأخرى، تقوم MRSA بتشكيل فيلمٍ حيويٍّ Biofilm) أو غشاء حيوي)، وبحسب Shaw فإن الأفلام الحيويّة المصنعة من قِبل العديد من الجراثيم المُمرضة خلال مرحلة العدوى هي مجموعةٌ من الخلايا المغلَّفة ضمن مجموعةٍ متنوعةٍ من الكربوهيدرات والبروتينات والأحماض النوويةDNA . ويضيف قائلاً:"ما تصل نسبته إلى 8% من مجمل الإصابات الجرثومية تسبّبها الأفلام الحيوية، وهي المسؤولة أيضاً عن المقاومة ضد العلاج. نحن بحاجةٍ ماسةٍ إلى موادَّ مضادةٍ للأفلام الحيوية لعلاج الإنتانات المقاومة للأدوية كالتي تسببها الـ MRSA."
قام الطبيب بيل بيكر Bill Baker، بروفيسور الكيمياء في جامعة جنوب فلوريدا ومدير مركز اكتشاف وابتكار الأدوية التابع للجامعة ذاتها، ورفاقه بالذهاب إلى أقاصي الأرض لتقديم المساعدة في الصراع ضد الMRSA. يقوم Baker بدراسة البيئة الكيميائية للقارة القطبية الجنوبية والغطس في المياه المتجمّدة بالقرب من محطة Palmer للحصول على اللافقاريّات البحرية، كالإسفنج، وإجراء عملية "عزل للمنتجات الطبيعية"، ما يعني استخلاص وتعديل واختبار المركبات الطبيعية التي يمكن أن تمتلك فعّاليةً دوائية.
قاد فريق Baker الجهود الرامية إلى استخلاص وتوصيف البنية الكيميائية للمركبات من أجل تصنيع المنتج “darwinolid” من الإسفنج القطبي الجنوبي المجمّد والجاف، ومن ثم إجراء الاختبارات اللازمة في مختبر الطبيب Shaw بغرض تحديد فعاليته ضد جرثومة MRSA .
يقول الدكتور Baker:"عندما قمنا باختبار فعالية darwinolide على جرثومة MRSA، تبين أن 1.6% فقط من الخلايا البكتيرية تمكنت من البقاء حيّةً ونمت. ويتضح من هذا أنه يمكن لمركب darwinolide أن يكون أساساً جيداً لتصنيع الصاد الحيوي الفعال ضد الـ Biofilms بشكل مستعجل". حيث قام فريقه أيضاً بإعادة ترتيب البنية الكيميائية لخلاصة الإسفنج.
لاحظ الباحثون أنه في السنوات السبعين الأخيرة، وعلى الرغم من اكتشاف واستخدام الصادات الحيوية لعلاج الإنتانات، تبقى الأمراض الجرثومية ثاني أكبر سبب للوفاة عالمياً، وبخاصة بين المُسنّين والأطفال. يوجد في الولايات المتحدة لوحدها ما يقارب مليوني إصابةٍ بعدوى المستشفيات مع ما لا يقل عن 100000 حالة وفاة سنوياً، يعود سبب العديد منها إلى مقاومة البكتيريا للصادات الموجودة حالياً.
ويخلص الباحثون إلى القول: "نعتقد أن darwinolide سيمثل مرتكزاً مناسباً جداً من أجل تطوير صاداتٍ حيويةٍ جديدةٍ ومضادةٍ بشكلٍ نوعيٍّ للفيلم الحيوي"
المصدر:
هنا