وليام شكسبير، أيقونة الإبداع المسرحي (الجزء الأول)
الفنون البصرية >>>> فن المسرح
الإخراج المسرحي
كما لم يفكر شكسبير بأعماله كأعمال أدبية ولا بالقارئ خلف مكتبه، بل انحصر اهتمامه بالمشاهد الجالس أمام خشبة المسرح، التي كانت تمثل كل شيء لشكسبير الكاتب المسرحي. لذلك إن أردنا قراءة أي من مسرحياته علينا أن ننصب في مخيلتنا خشبة مسرح تشبه تلك التي كانت موجودة في عالم شكسبير وأن نتخيل المسرحية تؤدى هناك. سيساعدنا هذا في تجنب التفكير بشخصيات المسرحية على أنها لأناس حقيقيين، فبالنسبة لشكسبير تتواجد شخصيات مسرحياته مع بداية العرض وتنتهي بنهايته، فهو لا يكترث بصفة المسرح التمثيلية (أي ادعاء حقيقة الشخصيات أمام الجمهور) فلا ديكور ولا لباس مناسب للمرحلة الزمنية ولا حتى محاولة لإقناع الجمهور أن الشخصيات تعيش مثلاً في روما أو اليونان أو بريطانيا. فمن الملفت أن الملابس في كلٍ من مسرحية يوليوس قيصر و كريولانس تشير إلى أنها مسرحيات عن بريطانيا في العصر الإيليزابيثي لا عن روما.
نجد تلك المرونة أيضاً في الديكور، فيمكن لمنصة المسرح أن تكون منصة تمثيل وغابة لو استدعى الأمر ذلك، أو يمكن أن تكون سفينة ومنصة تمثيل في آن واحد، وتعد رشاقة الأحداث في عمل شكسبير وتغييره السريع للمشاهد ملائمة للعمل السينمائي، وبالفعل يعتقد الكثيرون اليوم أن السينما قد أعطت أعمال شكسبير ما تستحقه من مؤثرات.
Image: http://www.modernlibrary.com/files/2010/09/ShakespeareanTheater.jpg
اللغة
وبالرغم من أن أعمال شكسبير تحمل صفة سينمائية لمرونة مشاهدها وتسارع أحداثها إلا أنها لا تشبه السينما من الناحية اللغوية، ففي السينما ما نراه أكثر أهمية مما نسمعه، أي أن العامل البصري أهم من العامل اللغوي، وهذا لا ينطبق على مسرحيات شكسبير. فالكلمات في العمل المسرحي هي الأولوية بالنسبة له، وليس الكلمات لمعناها فقط بل لنغمها أيضاً فقد أراد أن يسحر آذان الجمهور باللغة. ففي أعماله الأولى كـ روميو وجولييت تشكل كلماته نغماً موسيقياً وصوراً شعرية جذابة في خطابات مطولة تحرك أحداث المسرحية، أما في مسرحياته الأخيرة مثل أنطونيو وكليوباترا والملك لير، تصبح اللغة حادة ومركزة وصعبة الفهم في بعض الأحيان.
المصدر:
أنتوني بيرغس. الأدب الإنكليزي. لندن: لونغمان، 1974