ما هو الفرسخ الفلكي؟
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
هو بالأساس واحدة لقياس المسافة؛ تُستخدَم لقياسِ المسافات الكونيّة الكبيرة بين الأجسام الّتي تَقعُ خارج المجموعة الشّمسيّة. الفرسخ الفلكيّ الواحد هو المسافة بيننا (كوكب الأرض) وبين جرمٍ ما في الفضاء تبلغُ زاوية اختلافِ منظره (Parallax) ثانيةً قوسيّةً واحدة. وإذا أردنا قياسها بالسّنوات الضّوئيّة فإن كُلّ فرسخٍ فلكيٍّ واحدٍ يساوي 3.26 سنة ضوئيّة، وبما أنّ الضّوء يعبرُ خلال سنةٍ ضوئيةٍ مسافةَ 9.4 ترليون كيلومتر فهذا يَعني أن الفرسخ الفلكيّ يساوي 30.8 ترليون كيلومتر.
الكلمة "Parsec" في اللّغة مشتقة من كلمتين هما "Parallax" ويُؤخذ منها القسم "Par"؛ وتعني اختلاف المنظر، و"arc second" ويُؤخذ منها القسم "sec"؛ وهي الثّانية القوسيّة.
اختلاف المنظر "parallax" يعني أن شيئاً ما يَبدو لنا أنه يُغيِّر مكانَه بسبب تغيِّرِ مكاننا. فعلى سبيلِ المثال؛ إذا وقفت على الشّرفة ونَظرت إلى الشّارعِ فإنّك سَتَرى بيتاً على يمينِك وبيتاً على يسارِك، لكن إذا عبرت الشّارع ونظرتَ بالاتّجاهِ المعاكسِ إلى نَفْسِ البيوت فستَجد الاتّجاهاتِ مَعكوسة. هل غيّرتْ هذه البيوتُ مكانَها؟ بالطّبع لا، بل أنتَ من غيّر مكانَه؛ حيث أنّك تَنظُر من مكانٍ مُختلف وباتّجاهٍ مُختلف لذلك تبدو لك البيوت في مواقعَ مُختلفة.
Image: iop.org
ينطبقُ نفس المبدأ على شخصين مَوجودين في مكانين مُختلفين على كوكبِ الأرض. قد يُشاهِد هذان الشّخصان نفسَ الحدث الفلكيّ في السّماء، لكنّ كل منهما يراه بشكُلٍ مختلفٍ بسبب اختلافِ مواقِعِهما. يَقوم الفلكيّون بقياسِ الاختلاف الظّاهري في توضُّع النّجوم في السّماء النّاتج عن دورانِ الأرضِ حول الشّمس.
يقيسُ الفلكيّون موقعَ نجمٍ ما في السّماء في يومٍ محدّد من السّنة عندما يكونُ للأرضِ موقعٌ محدّدٌ بالنّسبة للشّمس، ثمّ يقومون بقياسِ موقعِ ذات النّجم بعدَ ستّة شُهورٍ حيثُ تكون الأرضُ في الاتّجاه المُقابلِ بالنّسبة للشّمس. ينحرفُ الموقعُ الظّاهريّ للنّجومِ القريبةِ بمقدارٍ ضئيلٍ بالنّسبة للنّجوم البعيدةِ التي ستَنحرِف بمقدارٍ أكبر. إنّ عمليّات القياسِ الدّقيقة قادرةٌ على رصدِ هذه الاختلافاتِ في المَواقِع.
أما بالنّسبة للكلمةِ الثّانية "arc second"؛ أي الثّانية القوسيّة فهي لا تعني الثّانية الخاصّة بقياسِ الزّمن بل الخاصّة بأجزاء الزّوايا. تخيّل خطَ الأُفق من حولِك وقد قُسِّم إلى 360 شَريحة متساوية (درجة)، ستكون كُلّ شريحةٍ بعرض قمرين تقريباً. الدّقيقة القوسيّة تساوي 1/60 من الدّرجة القوسيّة، والثانيّة القوسيّة تساوي 1/60 من الدّقيقة القوسيّة. وعلى هذا الأساس يَقومُ العُلماء بقياس الأجسام في السّماء وحركاتِها الظّاهريّة باستخدامِ الدّرجات والدّقائق والثّواني القوسيّة.
بدمج المُصطلحين مع بعضِهِما فإن كلمةَ "Parsec" تعني الحركة الظاهريّة مسافةً تُعادلُ ثانيةً قوسيّةً واحدة. لتَوضيحِ هذه الفِكرة نَحتاجُ إلى مجموعةٍ من قوانين عِلم المثلثات، فإذا قُمتَ برسم مُثلّثٍ قائمٍ طولُ أحدَ أضلاعِه القائمةِ يساوي المسافةَ بين الأرضِ والشّمسِ (وحدة فلكيّة)، والزّاوية المُقابلة لهذا الضّلع قدرُها ثانية قوسيّة واحدة، فإن الضّلع القائمَ الآخرَ المُمتدّ من الشّمس إلى النّجم يكون طولُه فرسخٌ فلكيّ واحد.
*الوحدة الفلكيّة: هي المسافة بين الأرض والشّمس
على سبيلِ المِثال، أقربُ نجمٍ إلينا هو النّجم " Proxima Centauri". لديه حركةٌ ظاهريّة في السّماء قدرها 0.77233 ثانية قوسيّة، وهي تُعبّر عن المسافة التي يتحرّكُها النّجم في السّماء عندما تتحرّك الأرض وحدةً فلكيّة كاملة. بالقيام ببعض الحسابات سنجد أن هذا النّجمَ يبتعدُ عنا 1.295 فرسخ فلكي أو 4.225 سنة ضوئيّة
المصدر: هنا