أول مُزارِعٍ في التّاريخ
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء
أكثر من حشرة عاديّة!
نعم.. إنه النمل الأبيض، إحدى الكائنات الذكية التي تُعدّ من نقاط الارتكاز في النظام البيئي الذي تتواجد فيه، فهي إضافةً لرفعها من إنتاجيته، تجعله اكثر استقراراً ومقاومةً للجفاف، وبإمكانكم التعرف أكثر على هذه الكائنات وقدرتها على تحسين البيئة من خلال قراءة مقالنا السابق (هنا)، كما أن لهذه الكائنات قدرة على بناء هياكل محددة لتضمن استمرارها، ويمكنكم أيضاً قراءة مقالنا السابق ومعاينة العمارات المذهلة التي شيدتها مستعمرات النمل الأبيض (هنا)
يلعب النمل الأبيض دور هاضمٍ (مفكّكٍ) طبيعي هامّ للأنسجة النباتية، وتقوم مستعمراته بزراعة الفطريات في حدائقَ ضمن أوكارٍ أو حجراتٍ تحت الأرض، مما يساعد على تحويل المواد النباتية إلى مصدر غذائي أسهل هضماً لها. كان العلماء قد استخدموا سابقاً الحمض النووي DNA لمجموعات من النمل الأبيض تعيش في الوقت الحالي لتقدير أصل سلوك "زراعة الفطريات"، ليكتشفوا أنه يعود إلى 25 حتى 30 مليون سنة سابقة. يفترض ذلك أن زراعة الفطور بدأت فعلاً في الحشرات، لكن دون توفر أدلّة أحفوريّة قاطعة تدعم هذا الافتراض.
_____
توفّر الدلائل الأحفورية اليوم:
اكتشف فريق من الباحثين أخيراً دلائلَ أحفوريّة للزراعة الحشرية بشكل حدائق فطريات، وهي محفوظة في أوكار متحجرة للنمل الأبيض موجودة ضمن رسوبيات عمرها 25 مليون عام من جنوب غرب تنزانيا في الوادي المتصدع العظيم (أو ما يعرف بالشق السوري الافريقي Great Rift Valley). تعد تعد هذه الاكتشافات أقدم الأمثلة الموجودة عن الزراعة الحشرية لحدائق الفطريات، وهي تثبت الأصل الإفريقي لهذه العلاقة التعايشية في سياقها الأحفوري والجيولوجية.
النتائج المستخلصة:
تمكن الباحثون من توصيف وقت وتطور سلوك زراعة الفطريات لدى الحشرات بالشكل الأكثر دقة حتى الآن، حيث ازداد هذا النشاط بشكل كبير في المواطن المناسبة للنمل ولما يزرعه خلال عشرات ملايين السنين اللاحقة، بشكل يشبه إلى حد كبير ما حدث للبشر عندما طوروا زراعتهم ومحاصيلهم ليساعدهم ذلك في الانتشار نحو مواطن جديدة لم تكن ملائمة لهم من قبل. ساعدت زراعة النمل الأبيض للفطريات في الغابات المطيرة الافريقية وهي المهد المفترض للزراعة الحشرية، على الانتشار نحو غابات السافانا الجافة الأقل ملائمة للسكن، وكذلك الهجرة خارج افريقيا باتجاه آسيا.
وتؤكد هذه الدراسة الحاجة إلى دمج النتائج المستخلصة من السجلات الأحفورية والطرائق الحديثة في علم الأحياء المقارن، كما أنها تدفع الباحثين إلى الرجوع نحو بداية العلاقة التكافلية بين النمل الأبيض والفطريات منذ 31 مليون سنة على الأقل، لأن فهم تطور هذه العلاقة التكافلية سيزيد الإلمام بتاريخ دورة الكربون في البيئات الجافة المدروسة والتي يقوم النمل الأبيض بهضم حوالي 90% من أخشاب غاباتها.
المصدر:
هنا
هنا