محيطاتنا تخسر الأكسجين
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
غطَّتْ هذهِ الدِّراسةُ مُعظمَ مساحةِ محيطاتِ الأرضِ وامتدَّت لفترةٍ زمنيّةٍ طويلةٍ (حوالي خمسةَ عقودٍ) ممّا ميَّزَهَا عن سابِقاتِها، كما تناولَتْ خمسَ مناطقَ مُحيطيّةٍ من سطحِ الأرضِ فقط، هي: (القطبُ الشّماليّ، المنطقةُ الاستوائيَّةُ من الأطلسي، جنوبُ الأطلسيّ، شمالُ المحيطِ الهادئ والأحواضُ المحيطيّةُ الجنوبيّة)، وكانَ تأثيرُ القُطبِ الشّماليِّ على ظاهرةِ نقصِ الأوكسجين 7.6% في هذهِ المنطقةِ التّي تُشكِّلُ 1.2% من إجماليّ محيطاتِ الأرضِ، مِن أغربِ النَّتائجِ التي توصّلَتْ إلَيها تلك الدّراسة، ممَّا يدُلُّ على أنَّ تأثُّرَهَا بالاحتباسِ الحراريِّ أسرع من باقي المناطق.
بيّنَتِ الدّراساتُ أنَّ تزايُدَ مُستوياتِ ثاني أكسيدِ الكربون المُرتبطِ بأفعالِ البشَرِ مِن أهمّ أسبابِ نقصِ تركيزِ الأوكسجين، ويُمكنُ القولُ أنَّ انخفاضَ مُعدَّلِ انحلاليَّةِ الأوكسجين في المياهِ يُمثِّلُ 15% من سببِ هذا النّقصِ وذلكَ نظراً لارتفاعِ حرارةِ المياهِ المُؤدّي لتغيُّرٍ في خصائصِهَا، فيمَا يَعُودُ القسمُ المُتبقِّي (85%) إلى جُملةٍ منَ العواملِ الفيزيائيَّةِ والبيوكيميائيَّةِ.
تُظهِرُ دراسةُ ظاهرة نقْصِ تركيزِ الأوكسجين ضمنَ طبقاتِ المُحيطاتِ، النّقاطَ التّالية:
ينسجِمُ تركيزُ الأوكسجين عندَ سطحِ المُحيطِ المُعرَّضِ لأشعَّةِ الشَّمسِ في المناطقِ الاستوائيَّةِ - والذّي تتمُّ فيهِ عمليَّاتُ التَّركيبِ الضَّوئيِّ- معَ ما هوَ مُتوقَّعٌ في الحالةِ الطّبيعيَّةِ (التَّركيزُ التَّوازُنيُّ) لتبادُلِ الغازاتِ بينَ المُحيطِ والجوِّ. وتنتقِلُ هذه المياهُ المُشبَعَةُ بالأوكسجين إلى الأعماقِ وِفْقَ الآلياتِ التَّاليةِ:
- تلعبُ تيَّاراتُ المُحيطِ الدَّوْرَ الأهمَّ وبشكلٍ خاصٍّ تيَّارَا قاع المُحيطِ ( التّيَّاراتُ العميقةُ القادمةُ من شمالِ الأطلسيّ والقارَّةِ المُتجمِّدَةِ الجنوبيَّةِ) والتّي تنتقِلُ من القُطبَينِ باتّجِاهِ خطِّ الاستواءِ.
- يتحرَّكُ جُزْءٌ من هذهِ المياهِ مُجَدَّداً إلى السَّطح بالقُرْبِ من شواطئِ القارّةِ المُتجمِّدةِ الجنوبيَّةِ.
- تتحرَّكُ المياهُ مُجدَّداً من السَّطحِ نحوَ الأعماقِ في النِّطاقِ بينَ خطَّي عرْض 50 و 60 في نهايةِ الشِّتاءِ حاملةً معَها الأوكسجين المُنحلّ إلى طبقاتٍ بعمقِ 700 - 1200 م تحتَ سطحِ المُحيطِ ومُتَّجهةً نحوَ خطِّ الاستواءِ.
فيما يتمُّ استهلاكُ الأوكسجين المّنحلُّ عبرَ التحلُّلِ البِكتيريِّ للبقايا النَّباتيّةِ أو الحيوانيّةِ وعمليّاتِ تنفُّسِ الأحياءِ البحريَّةِ واللاَّفقاريّاتِ وأكسدةِ المُركّباتِ الكيميائيّةِ المُنحلَّةِ في المياهِ إضافةً إلى الرَّواسِبِ، ويكونُ هذا الاستهلاكُ أعظميّاً عندَ السّطحِ ويتناقَصُ باتِّجاهِ الأسفلِ.
تُوضِّحُ الصُّورةُ التَّاليةَ العمليّات الأساسيّة المُؤثّرة على مُحتَوى الأوكسجين في مُحيطاتِ نصفِ الكُرةِ الجنوبيِّ:
Image: source
تأثيرُ المناخِ الطّبيعيِّ على الأوكسجين المُنحلِّ:
يُؤثّرُ تنوُّعُ المناخِ الطَّبيعيِّ بشكلٍ كبيرِ على استهلاكِ الأوكسجين، الأمرُ الذي يُؤثّرُ بدورِهِ على توزُّعِهِ في باطنِ المُحيطاتِ، وبذلك يَصعُبُ للغايةِ تمييز السَّبَبِ الرَّئيسيّ لتغيُّرِ كمّيّاتِ الأوكسجين نَظراً لتَعدُّدِ تلكَ الأسبابِ بينَ ازديادِ كمّيّاتِ ثاني أكسيدِ الكربون والمناخِ المُتقلِّبِ. وسيعملُ الباحثونَ على تخصيصِ دراساتٍ مُستقِلَّةٍ لتحديدِ التَّأثيرِ النِّسبيِّ لكُلِّ سببِ منَ الأسبابِ السّابقةِ على انخفاضِ كمّيّاتِ الأوكسجين. كمثالٍ على الجُهودِ في هذا الإطارِ: يعتَمِدُ النّموذجُ الأمريكيُّ لمُراقبةِ مناخِ ومُحتَوى المُحيطاتِ الجنوبيَّةِ منَ الكربون (SOCCOM)، على 200 روبوتِ لمُراقبةِ مُستوى الأوكسجين وعددٍ منَ المُؤشِّراتِ البيو-جيوكيميائيةِ للمياهِ في القارَّةِ المُتجمِّدَةِ الجنوبيَّةِ على عمقِ 2000 متراً.
ختاماً نقولُ: تحتاجُ معظمُ الكائنات البحريّة للأوكسجين للاستمرارِ، وسيُؤدّي نقصانُ كمّيَّة هذا الغاز بمعدّلِ 2% -والتّي تبدو نسبةً ضئيلةً- إلى تدَاعياتٍ كبيرةٍ على الأنظِمةِ البحريَّةِ، منْ شأنِها أنْ تكونَ صعبةً في بعضِ البُقَعِ المُحيطيّةِ يقلُّ فيها الأوكسجين أساساً.
المصدر:
هنا