احذر الهدوء الذي يسبق الانفجار
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم الأرض
تتم في منطقة وجود البركان مراقبة بعض المتغيرات للاستدلال على حالة البركان، وأهمّها النشاطات الزلزالية والانبعاثات الغازيّة والتي تكون في مستويات منخفضة في فترة خمود البركان، لكنها عادةً ما تبدي بعض الخصائص التبشيرية مع اقتراب البركان من الثوران، حيث تبدأ النشاطات الزلزالية تحته بالازدياد، ويتسرّب الغاز من فتحته، وتبدأ الأرض المحيطة به بالتشوه. يعني ذلك أنه من الصعب توقّع مواعيد الانفجارات التي تحدث بشكل منفرد في البراكين الثائرة أثناء ثورانها المتواصل، أو في البراكين المضطربة دوماً، وذلك لأن تلك المؤشرات موجودةٌ باستمرار.
توصّل فريق دوليّ من الباحثين في دراستهم لبركان تيليكا في نيكاراغوا، والتي نشرت في دوريّة Earth and Planetary Science Letters، إلى مؤشّر هام للتنبؤ بانفجار وشيك لبركانٍ ثائر أو مضطرب، وأثبتوا إمكانية استخدام ذات المؤشر للتنبؤ بكمية الطاقة المتحررة أيضاً خلال الانفجار. فما هو هذا المؤشر؟
رصد البركان:
يتكون بركان تيليكا من عدة طبقات فوق بعضها من الحمم والرماد البركانيين، وهو ذو مخروطٍ بركاني تقليدي الشكل. بدأ الفريق عملية رصد هذا البركان منذ عام 2009 باستخدام أجهزة متنوعة، وأصبح لديهم بحلول عام 2011 شبكة متكاملة للرصد على مسافة أربعة كيلومترات من قمة البركان، وتمكنوا على مدى شهر أيار/مايو في ذات العام من رصد سلسلة من الانفجارات المتوسطة للرماد البركاني وبلغ عددها خمسين انفجاراً.
لاحظ الفريق خلال فترة الرصد قبل ثوران البركان تراجعاً في النشاط الزلزالي العميق، وتغيرات طفيفة أيضاً في انبعاثات غاز ثنائي أوكسيد الكبريت، مما يدل بأن ثوران البركان لم يكن مدفوعاً بالحمم البركانية، وإنما كان على الأرجح بسبب انسداد فتحات تسرّب الغازات، والتي أدت لاحتباسها وبالتالي زيادة الضغط الذي أدى في النهاية إلى الانفجار.
اعتـــُـــبرت فترات السكون أو الهدوء هذه والتي سبقت الانفجار، المؤشر الذي يبحث عنه الباحثون، وقد تراوحت هذه الفترات من 6 دقائق حتى 10 ساعات (619 دقيقة) قبل الانفجار الأكبر، ولاحظوا أنه من بين خمسين انفجاراً مرصوداً، فقد دامت مدة السكون 30 دقيقة أو أكثر قبل 35 انفجاراً، بينما 13 انفجاراً سبقتهم فترة سكون مدتها 5 دقائق على الأقل، وانفجارين فقط لم يسبقهما أي فترة سكون.
نتائج الرصد:
تمكن فريق الباحثين أثناء رصدهم لبركان تيليكا من توثيق حوادث السكون الزلزالي قبل الانفجارات خلال ثوران البركان في أيار عام 2011.
ومن خلال الملاحظات الزلزالية والبصرية والتحاليل التي أجراها الباحثون على كمية الطاقة المتحررة بعد الانفجار، فقد أُثبت وجود ارتباط قويّ بين مدة السكون التمهيدية التي تسبق الانفجار والطاقة المتحررة في الانفجار الذي أعقبها، فكلما ازدادت مدة السكون التي تسبق الانفجار، تحررت طاقة إضافية أثناء الانفجار، بعبارةٍ أخرى ليس هدوءً قبل العاصفة وحسب بل كلما اشتدّ الهدوء كلما كانت العاصفة أكثر ضراوة.
أما عن التفسير، فتتعلق فترة السكون الزلزالي التمهيدية هذه بفترة انسداد مسارات الغاز السطحية، والتي تؤدي إلى تراكم الضغط وصولاً إلى الانفجار، حيث أن الفترات الأطول للانسداد تؤدي إلى تراكم أكبر للضغط وبالتالي تتحرر طاقة أكبر في الانفجار اللاحق. عزا الباحثون سبب الانسداد إلى أحد أمرين، فإما أن يكون سببه هو الترسيب المعدنيّ ضمن الشقوق التي كانت تمثل ممرات للغاز، أو سببه ترسب الصخور قرب سطح البركان.
تمكّن الباحثون من التنبؤ بالحدّ الأدنى من الطاقة الناتجة عن الانفجارات الوشيكة الحدوث، اعتماداً على البيانات السابقة لكل مزاوجةٍ بين "طول فترة السكون وطاقة الانفجار الذي تلاها"، وعلى طول فترة السكون التي يتم تحليلها. بالتالي، فإن عملية الرصد والمراقبة التي تتم في الوقت الفعلي للسكون الزلزالي في البراكين المضطربة أو النشطة يمكن أن تكون مفيدة لإطلاق التحذيرات في الوقت المناسب، وللتنبؤ بكمية الطاقة التي ستتحرر خلال الانفجار الوشيك.
إن تحديد المؤشرات قبل وقت قصير من انفجار البراكين المضطربة التي تتصاعد فيها المؤشرات التنبؤية، وفهم آلية حدوث الانفجار، أمور هامة لتقليل خطر البركان قدر الإمكان في جميع أنحاء العالم.
المصدر:
هنا
الدراسة الكاملة: هنا