القوالب الموسيقية الغربية: قالب السوناتا
الموسيقا >>>> القوالب الموسيقية
"sonata-allegro form"، وهو قالبٌ موسيقيٌّ يوجدُ على نحوٍ كبير في الحركاتِ الأولى ضمن الكثيرِ مِن الأنماطِ المُوسيقيَّة الغربيَّة مثل السوناتات والسيمفونيات والثلاثيات، أو الرُّباعيَّات أو الخُماسيَّات الوتريَّة. إذ بَدَأ هذا القالبُ بالنُّضج والتطوُّرِ في القرن الثامن عشر حتى القرن التاسع عشر، وأصبحَ مِن القوالبِ الأساسية التي يستعملُها المُؤلِّفون لطرح أفكارهم.
ومع العلم أنَّ هذا القالب يُسمَّى أحيانًا بقالب الحركة الأولى، ولكن ليسَ مِن الضروري أن تكونَ الحركة الأولى مِن عمل مُتعدِّد الحركاتِ المؤلَّفة في هذا القالب، وأيضًا لا ينحصر هذا القالبُ على الحركةِ الأولى فقط. فالتعبيرُ سوناتا-اليجرو (أو بمعنى الحركة السريعة) هو تعبيرٌ مُضلِّل؛ لأنَّهُ ليس مِن الضروري أَن تَكون الحَرَكة سريعة أو مَرحة.
البنية ثلاثية الأقسام:
إنَّ البنيةَ الأساسية لقالب السوناتا مؤلَّفة مِن ثلاثةِ أقسامِ: العرض، والتطوُّر والخلاصة. إذ عُرض في هذه الأقسام الموضُوع المُوسيقي ووسِّع وأُعيدَ طرحه. يوجدُ مُقدمة في بعضِ الأحيان، وتكونُ عادةً بسرعة بطيئة ومقطع ختامي (أو ما يُسمَّى بالمقطعِ الذيلي) وهذه الأقسامُ لا تؤثِّر على البنية الأساسية للقالِب.
ونجدُ للوهلة الأولى أنَّ هذا القالب هو نوع من أنواع القوالب ذات الأقسام الثلاثة (القوالب الثلاثية)، إذ تتألَّفُ هذه القوالب مِن ثلاثة أقسام، قسم أول A يليه قسم مناقض لَهُ B، ثُمَّ إعادة للقسمِ الأول A (أي شكل ABA). ولا ترتبطُ هذه الأقسامُ مع بعضِهَا بالبنية، وإنَّما بِالخاصية اللحنيَّة والمُوسيقية المُختلفة فيمَا بينها. وتطوَّرت هذه البنية من البنية الثنائيَّة المُوسيقية في القرن السابع عشر.
ويُمكن مُقارنة البنية الثلاثية مع البنية الثنائية القديمة إذ يُمكنُنَا القولُ إنَّ مقطعَ العرض يتوافقُ مع المقطع الأولِ من البنية الثنائية، ومقطع التطوُّرِ يتوافقُ مع المَقطَع الثاني في البنية الثنائية، ثُمَّ يعودُ العرض مرةً أخرى ولكن في سلَّمٍ مُوسيقيٍّ مختلفٍ وفي مقطعِ التطورِ يمكنُ أن يُغيَّر السلم المُوسيقي قبلَ العودةِ إلى السلم الأصلي. ولكن قالب السوناتا قالب مُعقَّدٌ أكثر مِن القالبِ الثنائي، إذ يمكنُ أن تعرض موضوعات موسيقية مختلفة ومتناقضة لحنًا في قسمِ العرضِ، ويمكنُ التعاملُ مع هذه الموضوعات المُوسيقية في قسمِ التطورِ؛ وذلك عن طريق دمجها مع بعضها وتغييرها على نحوٍ ما، وفي مقطعِ الإعادة يُعادُ طرح هذه الموضوعات ولكن في ضوءٍ مُختلفٍ، وهذه العلاقة بين الأقسام والموضوعات المُختلفة تجعل من هذا القالب قالبًا معقَّدًا أكثر مِن القوالب الثلاثية الأخرى.
العرض Exposition:
التأكيد على التباين والصراع بينَ العناصر اللحنية لهذا المقطع من العناصر التي تميزُ مقطعَ العرض في قالب السّوناتا، إذ يكونُ هذا التأكيدُ ديناميكيًا ويكونُ هذا التباين واضحاً في الحركةِ. وهذا التباين هو تباينٌ في السلالمِ المُستعملة، أو تباين نَغَمي. إذ يكون افتتاحُ قسم العرض مكتوبًا على السلم القراري "tonic" أو السلم الأساسي للمقطوعة، ثُمَّ يُنتقَل إلى سلَّمٍ مُوسيقيٍّ قَريبٍ مِن السلم الأساسي ولكن على نحوٍ مُختلف ليُعرَض موضوع جديد، ويكونُ السلمُ المُختار في أغلب الأحيان سُلمًا قريبًا جدًا إلى السُّلَّم الأساسي، في حال كانَ السُّلَّم الأساسي هو ماجور يُنتقلُ إلى السُّلَّم المُسيطر (السائد) dominant (إنَّ السُّلَّم المُسيطر هو السُّلَّم الذي تكون الدرجة الأساسية فيه هي الدرجة الخامسة للسُّلَّم الأساسي، أي إذا كانَ السُّلَّم الأساسي دو فيكونُ المُسيطر صول)، وفي حال كان السُّلَّم الأساسي هو مينور يُنتقَلُ إلى سُلَّم المَاجور المُوازي (سلَّم المَاجور المُوازي لسُلَّم المينور هو السُّلَّم الذي تكونُ الدرجةُ الأساسية لَهُ هي الدرجةُ الثالثة لسلَّم المينور دونَ تغيير إشارات التحويلِ، وفي حال كانَ السُّلَّم لا مينور فَـسلَّم الماجور المُوازي هو دو ماجور).
التطوُّر Development:
إنَّ هذا المقطع ومقطع الخُلاصة في قالب السُّوناتا هما تطوُّر طبيعي لما عُرضَ في قسم العرض، والهدفُ منهما هو التفاعل بين التَّيمات أو الموضوعات التي عُرضَت في مقطعِ العرضِ وحل النزاع النَغَمي بينَهَا.
في مقطعِ التطور يحصلُ تدفقٌ نَغَميٌّ، إذ يُغيرُ السُّلَّم باستمرار، وتكونُ السلالم عادة التي تمرُّ في هذا المَقطع هي سلالم بعيدة نسبيًا عن السُّلَّم الأساسي في مقطع العرض. أي تُجرَّد وتُختزل تيماتِ أو موضوعات المَقطع الأساسي إلى موتيفات أو أفكارٍ لحنيَّة صغيرة، ثُمَّ دمجها مع بعضها وعرضها في سلالم جديدة، وعلاقات تطابقية جديدةٍ "contrapuntal". هذا التطوُّر يُودّي تدريجيًا إلى الذُّروةِ، ذروة المقطوعة المُوسيقيّة التي غالبًا ما تأتي في نهاية هذا القسم.
الخلاصة Recapitulation:
كما في بدايةِ قسمِ التطوُّر، فإنَّ نقطة الانتقال من مقطع التطوُّرِ إلى مقطع الخلاصةِ هي نقطة مهمة جداً، ومن أهم اللحظات في بنية هذا القالب، إذ تجدُ نهاية المعضلة أو تطور الموضوعِ الأساسي، ويبدأُ المقطعُ النهائي الذي يُعيد الموضوع الأساسي مع بعض الاختلافاتِ، ويكونُ مُحَضَّرًا له على نحوٍ يجعل المُستمع مستعدًا لهذا المقطع. ويختلف كلُّ مؤلِّف كبير في عصرِ الكلاسيك في التحضيرِ، والتعاملِ مع هذا المُنعطَف، فيحضِّر له معظم المؤلِّفين عن طريق مقطع طويل ذي توتر مُرتفع حتى الوصول إلى النقطةِ المرجوَّة. عندَ مُوتسارت مثلًا، نجدُ أنَّ العودةَ إلى سُلَّم القرار أو السُلَّم الأساسي والعودة إلى اللَّحن الأساسي يمرُّ على نحوٍ غير ملحوظٍ، ولكن عندَ هايدن وبيتهوفن مثلاً يكون هذا الانتقال واضحًا جدا.
المصدر:
هنا
هنا
هنا