خطوةٌ بارزةٌ في طريقِ حُلمِ "الإنترنت للجميع وبسرعاتٍ عالية"
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا
لاستيعاب هذه السرعةَ؛ عليك أن تتخيلَ أنك تستطيعُ الآن تحميلَ 6 حلقات من مسلسلك المُفضَل بصورةٍ عاليةِ الوضوح (HD) في 10 ثوانٍ فقط، وهو ما يُحطّمُ الرقمَ القياسيَّ العالميَّ السابق بمُعدَلِ عَشرةِ أضعاف. ولتحقيقِ مثل هذه السرعةِ العاليةِ، استخدمَ المهندسون الألمان موجاتٍ كهرومغناطيسيةٍ تُسمى ”الموجات الميلليمترية“ لإرسالِ البياناتِ الخاصةِ بهم بترددِ الموجات الراديوية، أي ما يعادلُ 71-76 جيجا هرتز، وهذا النطاقُ محفوظٌ عادةً للبَثِّ الأرضيِّ للأقمارِ الصناعية، وبالتالي يكون أقلَ ازدحاماً من نطاقاتِ الترددِ الأقل.
Image: Jörg Eisenbeis
يقعُ مجالُ الموجاتِ الملليمترية بين مجالي الموجاتِ الميكرويةِ والأشعةِ تحت الحمراء على الطيفِ الكهرومغناطيسي، وهذه الموجاتُ قادرةٌ على نقلِ البياناتِ بشكلٍ أسرعَ بكثيرٍ ولمسافاتٍ أطولَ مقارنةً مع ترددات 2.4 جيجاهرتز أو 5 جيجاهرتز التي تُستَخدمُ الآن.
ولكي يتم إرسالُ واستقبالُ هذه الموجاتِ الملليمترية، استخدمَ المهندسون نظاماً يسمى "الدارات المتكاملة للأمواج الملليمترية" (MMICs)، مَهمةُ هذا النظام تضخيمُ الإشارةِ وإرسالُها إلى مسافاتٍ كبيرةٍ. يتكون هذا النظامُ بشكل أساسيٍ من قسمين؛ القسمُ الأولُ هو المرسل، ومَهمتُه تضخيم الإشارةِ وإيصالها إلى استطاعةِ 1 واط، ويَتمُ هذا بفضلِ مضخماتِ الإشارةِ المصنوعةِ من نتريد الغاليوم. أما القسمُ الثاني فهو مستقبلُ الإشارة، ويتكون من مجموعةِ مضخماتِ إشارة منخفضةِ الضجيج، وهو قسمٌ حساسٌ جداً لأيِّ إشارةٍ مهما كانت منخفضةً. ولشرحِ الهدف من هذا القسم يكفي القولُ بأنه مهما كانت قوةُ الإشارةِ عند الإرسالِ فإنَّ قوَّتَها ستنخفضُ تدريجياً أثناءَ سفرِها بين المرسلِ والمستقبلِ، ولأن مسافةَ 37 كيلومتر هي مسافةٌ طويلةٌ جداً، ستصبح طاقةُ الإشارةِ منخفضةً جداً عند وصولها إلى المستقبل، وهذا ما يدعو إلى وجودِ مُستقبلٍ يتحسسُ أضعفَ الإشارات.
هل سرعةُ 6 جيجا بايت في الثانية هي أعلى سرعةِ نقلٍ للبيانات حققها الإنسان؟
الجواب هو لا، إذ تمَّ تحقيقُ سرعةٍ أعلى من هذه بكثير، وصلت إلى 1 تيرا بايت في الثانية (أي 1000 غيغا بايت في الثانية)، وهو رقمٌ هائلٌ جداً وخياليٌّ، ولكن قد تمَّ تحقيقه في مخابرِ البحثِ فقط وباستخدام تقنية الليثيوم فاي (Li-Fi)، وهي تقنيةٌ تعتمدُ على نقلِ البياناتِ باستخدام الضوء.
ما الفائدةُ التي سنجنيها من هكذا إنجاز؟
أحدُ أهمِ الاستخدامات التي يفكرُ بها الباحثون لهذا الاكتشاف هو تزويدُ المناطقِ الريفيةِ والنائيةِ بالإنترنت، ووفقاً للفريقِ فإنه يمكنُ توفيرُ 250 نقطةَ اتصالٍ بالإنترنت بسرعةٍ تصلُ إلى 24 ميجا بايت في الثانية باستخدام هذا النظام. سيكون هذا الأمرُ رائعاً بالنسبة للمناطقِ النائيةِ التي لا تصلها خدمةُ الإنترنت إما بسبب افتقارها للبنية التحتية المناسبة أو بسبب الكوارث الطبيعية التي حلّت بها.
كما ويمكن أن تَحُلَّ هذه التقنيةُ الجديدةُ محلَ تقنية الألياف الضوئية، مما يعني إمكانية الاستغناء عنها.
في الحقيقة، يُشكّلُ هذا الإنجازُ خطوةً هائلةً جداً في سبيلِ إيصالِ الإنترنتِ إلى كلِّ مكانٍ وبسرعاتٍ عالية، فهل سنراه في المدن والقرى قريباً؟
المصدر:
هنا