هل يمكن للكون أن ينشأ من العدم؟
الفيزياء والفلك >>>> مقالات بقلم فيزيائيين وفلكيين معاصرين
السؤال: ذكر ستيفن هوكينغ Stephen Hawking في كتابه "التصميم العظيم The Grand Design" أنّ قانون الجاذبية يقضي بِأنَ الكونَ قادِرٌ على أن يُنشئ ذاتهُ مِن العَدَم. ولكنني كنت أعتقد بأن الجاذبيَة تابعةٌ لِلكُتلة. فكيف يمكن للجاذبيةٌ أن توجَدَ من دون وجود الكُتلة؟ وكيف تُفسّر الجاذبيَةُ وجود الكتلة؟
جواب الدكتور كاكو:
يقول ستيفن هوكينغ في كتابه الجديد، أن نظرية كلّ شيء Theory of Everything التي أمضى آينشتاين ثلاثين سنةً من عمره يُطاردها، ما هي إلا نظرية الأوتار String Theory (أو التحديث الأخير منها، أي M-Theory).
تخيل أن كوننا هو سطح فقاعةٍ صابونيّة تكبُر باستمرار، ونحن نعيش على سطحها الخارجيّ. تفترضُ نظرية الأوتار، وجودَ فُقاعاتٍ أخرى (أكوانٍ أخرى)، تتصادم مع بعضها البعض، أو تُبرعِم فقاعاتٍ أصغر، كما يحصُل في حوض الاستحمام.
ولكن، كيف يمكن لكونٍ أن ينشأ من العدم؟ هذا الأمر يخالف قوانين انحفاظ الطاقة والمادة!
يمكننا الإجابة على هذا السؤال بشكلٍ بسيط. تمتلك المادة طاقة موجبة، أمّا الجاذبيّةُ فهي ذاتُ طاقة سلبيّة. لتبسيط الفكرة، سأضرب المثال التالي: نعلمُ جميعًا أن الأرضَ مرتبطة بالنظام الشمسيّ، ومن أجل إبعاد أو فصلِ الأرض عن النظام الشمسيّ، علينا أن نقدم طاقةً للأرض. بمجرد فصل الأرض عن النظام الشمسيّ، تُصبح قوى جاذبية الأرض معدومة؛ مما يعني أن النظام الشمسيّ كان ذا طاقة سلبيّة.
إذا قمنا بالعمليات الحسابيّة، سنجد أن مجموع المادة في الكون ينفي مجموع طاقة الجاذبية السلبيّة. من هذا المنطلق، نجد أن الأكوان حرة، فنحن لا نحتاج إلى مادةٍ أو طاقةٍ لإنشاء كونٍ جديد. قارن الأمر مع مثال حمام الاستحمام والفقاعات. ففي حمام الاستحمام، تتصادم الفقاعات مع بعضها البعض مُنشأةً فقاعاتٍ جديدةٍ، أو أحياناً تنشأ فقاعاتٍ جديدةٍ من العدم!
إن هذا الأمر يُعطينا صورةً مُدهشةً عن نظريةِ الإنفجار العظيم، إذ أنه لدينا ثلاثة سيناريوهات تُفسر نشوء كوننا. قد يكون كوننا قد تشكل من تصادم كونين آخرين (كما تتنبأ نظرية Big Splat Theory)، أو يكون مُتبرعماً من كونٍ أب، أو ربما قد يكون قد نشأ من العدم! هذا الأمر يُعطينا الإنطباع أن الأكوان تتشكلُ على مدارِ الساعة.
نبذة عن الكاتب
Image: cloudfront.net
الفيزيائيّ النظريّ ميتشيو كاكو، أحد مؤسسيّ نظرية حقل الأوتار (نظرية حقل الأوتار هي أحد أفرع نظرية الأوتار). تلقى الدكتور كاكو شهادة البكالوريوس في العلوم من جامعة هارفارد Harvard University في عام 1968، إذ كان الأول على صفه آنذاك. تابع الدكتور كاكو مسيرته التعليمية بعد ذلك ليستلم شهادةً في الدكتوراة الفلسفية (Ph.D.) في العام 1972 في Berkeley Radiation Laboratory في جامعة كاليفورنيا University of California؛ ليتولى بعدها منصبِ محاضرٍ في جامعة برينستون Princeton University.
يتابع الدكتور كاكو مسيرةَ الفيزيائيّ آينشتاين في إيجاد "نظرية كلِّ شيء "Theory of Everything" النظرية التي توحد القوى الكونيّة الأربعة.
كتب الدكتور كاكو العديد من الكتب الجامعية لمرحلة الدكتوراه الفلسفيّة (Ph.D.)، كما أنه كتب أكثر من سبعين مقالةً نُشرت في مجلة Physics Journals. تلك المقالات غطت مواضيع عديدة مثل نظرية الأوتار الفائقة Superstring Theory، الجاذبية الفائقة Supergravity، التناظر الفائق Supersymmetry والفيزياء الهادرونيّة Hadronic Physics.
يرأس الدكتور كاكو مكتب الفيزيائي هنري سيمات Henry Semat في جامعة City College of New York كما يعمل منذ خمسةٍ وعشرين عاماً كبروفيسور في الفيزياء النظرية في الجامعة الآنف ذكرها. بالإضافة إلى ذلك فقد عمل كبروفيسور ضيف في معهد الدراسات العليا Institute for Advanced Study في جامعة برينستون Princeton University، وأيضاً في جامعة نيويورك New York University.
المصادر:
هنا
هنا