إبرةٌ تُصيبُ المكانَ الصحيحَ حساسٌ قد يساعدُ الأطباءَ في تحديدِ مكانِ الإبرِ في بعض العملياتِ الطبيّةِ
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا الطبية
تَجري سنوياً أكثر من 13 مليون عملية تخدير فوق الجافية؛ لمنعِ الألمِ في الولايات المتحدة. بالرغم من أنّ التخدير فوق الجافية يعتبرُ آمناً في العموم، فقد تَحصُل مشاكل بنسبة 10 بالمئة من الحالات، حيثُ يتمّ إدخال الإبر أكثر من اللازم، أو تدخل في النسيج الخطأ.
يأملُ باحثون من معهد ماساتشوستس مع مستشفى ماساتشوستس العام، بتحسينِ هذه الأرقام بواسطة حساسٍ يُمكِنُ تزويدُ إبرةُ التخديرُ به، ليساعد أطباء التخدير في توجيه الإبرة للمكان الصحيح.
حالياً، يجب على أطباء التخدير أن يوجهوا إبرةً بطولِ أربعة إلى ستة إنش عبرَ طبقاتٍ متعددةٍ من الأنسجة لتصل إلى منطقة فوق الجافية المحيطة بالنخاع الشوكي. يعلمُ الأطباءُ أنّ الإبرةَ قد وصلت البقعة الصحيحة بالاعتماد على تغيّر مقاومة الأنسجة للإبرة، حيث إن سهولة إدخال الإبرة يختلفُ من طبقةٍ لأخرى في النسيج. مع ذلك، بعضُ أنسجةِ المرضى تختلف عن النمط المعتاد، مما يجعل تحديد المكان الصحيح للإبرة أكثر صعوبةً.
صورة توضح منطقة فوق الجافية والنسج المختلفة:
Image: Medisight Corp
بشكلٍ عامٍ يقومُ الطبيبُ بإدخالِ الإبرةِ بشكلٍ أعمى أي يمكن للإبرة أن تدخل أكثر من اللازم أو إلى النسيج الخاطئ، مما يؤدي إلى عدم حصول المريض على التأثير الإيجابي الذي تريده .
في أغلب الحالات، تؤدي المشاكل إلى تأثير ضعيف للعقار القاتل للألم، أو وجع رأس مؤلم بعد العملية. في الحالات النادرة التي تدخل فيها الإبرة أكثر من اللازم بكثير أو في وعاء دموي، قد تحصل سكتة دماغية أو إصابة في النخاع الشوكي.
التمييز بين النسج:
صمم الباحثون، واختبروا أنواعاً مختلفة من الحساسات البصرية التي يُمكنُ وضعها في مقدمة إبرة التخدير، ووجدوا أن أفضلها هو ذلك الذي يعتمدُ على تحليل رامان الطيفي. هذه التقنية -التي تستعمل الضوء لقياس انتقالات الطاقة في الاهتزازات الجزيئية- تقدمُ معلومات مفصلة عن التركيب الكيميائي للنسيج
وبتفصيلٍ أكثر عن تحليل رامان الطيفي، يقدمُ هذا التحليل معلومات عن الاهتزازات الجزيئية تستخدم في تحديد ماهية وكمية العينة المدروسة. تتضمن هذه التقنية إسقاط ضوء أحادي اللون (كالليزر) على عينة، والتقاط الضوء المتشتت عنها. معظم الضوء المتشتت له نفس تردد المصدر، يعرف ذلك بتشتت رايلي أو التشتت المرن. كمية قليلة من الضوء المتشتت (حوالي 10⁻⁵ بالمئة من كثافة الضوء الساقط)، يحدثُ فيها انزياح طاقي عن تردد الليزر، بسبب التفاعل بين الموجات الكهرومغناطيسية الساقطة، ومستويات الطاقة الاهتزازية للجزيئات في العينة. برسم العلاقة بين كثافة هذا الضوء المزاح وبين التردد نحصل على طيف رامان لهذه العينة. (1)
في حالتنا هذه، قام الباحثون باستخدامِ تحليل رامان لقياس تراكيز بروتينات الألبومين، الأكتين، الكولاجين، التريولين والفوسفاتيديلكولين لتحديد طبقات الأنسجة المختلفة بدقة.
هذا الحساس يقيسُ باستمرار إشارات تحليل رامان الطيفي، والذي يعطيك التركيب الكيميائي للنسيج الّذي نستطيع من خلاله أن نحدد كل طبقات النسيج، من الجلد حتى النخاع الشوكي.
وجد الفريق أن تحليل رامان الطيفي يستطيع تمييز كل من طبقات الأنسجة الثمانية المحيطة بالمنطقة فوق الجافية بدقة مئة بالمئة، بينما تمكنت تقنيتان أخريان (الفلورية fluorescence، والانعكاسية Reflectance) من تميّز بعض الطبقات ولكن ليس كلها.
"العمليات العمياء"
قام الباحثون بتجريب الحساس على نسيج الخنزير، ويخططون اليوم للقيام بدراسات أكثر على الحيوانات قبل اختباره على البشر، بالإضافة لتقليل قطر الحساس قليلاً، من 2 مليميتر- والّذي يعتبر كبيراً جداً، ولا يناسب معظم إبر التخدير فوق الجافية المستعملة عادةً- إلى 0.5 مليميتر.
تؤكدُ رئيسةُ قسمِ التخديرِ، والعناية المشددة في مستشفى ماساتشوستس العام على أن هذا النوع من الحساسات قد يطور الأمان في التخدير فوق الجافية بشكل كبير، كما في غيرها من العمليات التي تتضمن الإبر.
أسس الباحثون شركة مِدسايت كوربوريشن Medisight Corp ليكملوا تطوير هذه التكنولوجيا، التي يرون أنها قد تطبق أيضاً في العمليات الطبية، مثل خزعات السرطان، أو حَقن العقاقير في المفاصل الذي يمكن أن يكون صعب التطبيق بدقة، ولَقِي هذا المشروع دعم كبير من قبل معاهد ومؤسسات مختلفة.
يعتبر هذا الحساس من أهم الأجهزة الّتي يحتاج لها الأطباء، وذلك لكثرة الوفيات الناتجة عن أخطاء التخدير، كما تأتي أهميته من مجالات استخدامه الواسعة ودقته الكبيرة، فهو يمكننا من إجراء عملية تخدير دون الحاجة إلى توقع موقع الإبرة الصحيح، وبنفس الوقت يَضمَن لنا وصول الإبرة إلى المكان المطلوب تماماً.
للتعرف أكثر عن الحساس يمكن زيارة موقع شركة الباحثين:
هنا
المصادر:
هنا
هنا