متحف اللّوفر ـ أبو ظبي
العمارة والتشييد >>>> التصميم المعماري
Image: courtesy of TDIC
تبعاً لاتفاقيَّـةٍ موقعةٍ بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة، سيحمل المتحف اسم لوفر أبو ظبي لمدَّة ثلاثين عاماً تيمناً بمتحف اللُّوفر الشَّهير بباريس، وسيقوم اللُّوفر أبو ظبي ببناء مجموعته الخاصَّة من الأعمال الفنيَّة، والتي سيتمُّ إثراؤها بأعمالٍ مستعارةٍ من المتاحف الفرنسية كمتحف اللُّوفر، ومتحف أورسيه، ومركز بومبيدو، والهدف الرئيسيُّ للمتحف هو إتاحة الفرصة أمام الزوار ليكتشفوا بأنفسهم مسيرة تطوُّر الفن في مختلف الثقافات والحضارات وتوضيح العلاقات التي تربط بينها، مما يمنحه طابعاً عالمياً متجاوزاً حدود الجُغرافيا والأعراق.
التّصميم المعماري:
المتحف من تصميم المعماري الشَّهير جان نوفل الحاصل على جائزة بريتزكر العالميَّة والذي استوحى فكرته المعماريَّة والعمرانيَّة من تكويناتٍ ورموزٍ تنتمي للثقافة المعمارية العربية محاولاً بالوقت نفسه التَّعامل مع الظروف الجوية والمناخ الخاصِّ للموقع.
Image: courtesy of TDIC
Image: courtesy of TDIC
يقع المتحف على جزيرةٍ اصطناعيةٍ بمساحةٍ تُقارب 63000م2 ويتألف من عدة مبانٍ ذَواتِ أسطحٍ متوازيةٍ ومُستقلَّةٍ هيكلياً ومنخفضة الارتفاع مرتبةٍ بتسلسلٍ يبدو عشوائياً شبيهٍ بتخطيط المُدن العربية الإسلاميَّة، تتخلَّلُها شبكةٌ متناوبةٌ من الفراغات المعبَّدة والقنوات المائيَّة المُستوحاة من الأفلاج (نظام الرَّيِّ عند العرب) والبحرات التي لعبت دوراً هاماً بالعمارة الإسلامية، حيث تمَّت الاستفادة من مياه البحر للسيطرة على المناخ الداخليِّ للمتحف باستخدام طريقة micro climate كَحلٍ ذكيٍ يهدف لتزويد الأشخاص والأعمال الفنيَّة بتبريدٍ وتهويةٍ طبيعيَّيْن.
يتضمَّن المتحف مساحة 6700م2 مخصصة للمعارض الدَّائمة ومساحة 2300م2 يُمكن استخدامها كفراغاتٍ ومعارض مؤقتة، وتُغطي قبةٌ دائريةٌ ضخمةٌ ثُلثي المجمَّع مؤمنةً الملجأ والتَّظليل والإنارة الطَّبيعية، ليجمع هذا التكوين بين بساطة المباني وتعقيد القبَّة.
Image: courtesy of TDIC
Image: courtesy of TDIC
القبَّة:
تُشكل قبَّة اللّوفر أبو ظبي نُقطة علّامٍ وجذبٍ للمتحف، وهي مُستوحاة من العمارة الإسلامية التَّقليدية التي اشتهرت بمساجدها ومدارسها المقبَّبة، ويستحضر نمط تغطية القبَّة أوراق النَّخيل المتداخلة والمتراكبة فوق بعضها والتي كانت تُستخدم كمادةٍ لتغطيةِ الأسقف التقليدية العربية، كما يذكرنا بنوافذ المشربيَّات الخشبية التقليدية، إذ تسمح قبَّة المتحف على نحو مشابهٍ بخلق شبكةٍ من الظِّلال أسفلَ مِنها تخترِقُها أشعةٌ من الضَّوءِ كما في الأسواقِ العربيةِ التقليديةِ.
Image: courtesy of TDIC
الإنشاء:
عند بداية عملية الإنشاء أُحيط موقع المتحف بجدارٍ يفصلهُ عن مياهِ البحرِ وتمَّت إزالةُ المياه للسمَّاحِ للحفريَّات ووضع الأساسات وأعمال البناء بأن تتمَّ بظروفٍ جافَّةٍ، وعند انتهاء الحاجة لحجز المياه سُمح لها بالتدفق عبر الجدار بعمليةٍ مخططةٍ ومدروسة، لتُحاط المنشأة بمياه البحر وليتشكل لدينا تناقضٌ بين لون حجارة المباني البيضاءِ و المياه اللّازورديّة (لون السماء).
أما القبّة البالغ قطرها 180م فتتكوَّنُ من شبكةٍ من الجوائز الفولاذية المُتقاطعة المكسوَّة بعشر طبقاتٍ (خمسٍ خارجية وخمسٍ داخلية) من المخرَّمات الهندسيَّة التي تتكرَّر بأحجامٍ وزوايا مختلفةٍ تنتج بينها فراغاتٌ متنوعةٌ تتسلل عبرها أشعة الشَّمس مما يعطي القبَّة شكلاً هندسياً رشيقاً، كما أن القبَّة تستند على مبان العرض المُتداخلة مع مثيلاتها عند أربعةِ نقاطٍ فقط وهذا ما يُعطي القبة البالغُ وزنها 7000 طن الإيحاءً بأنها تطفو في الهواء، ويتطلَّب هذا الأمر دعم المباني الحاملة بأساساتٍ عميقةٍ من الخرسانة عاليةِ المقاومة والمزوَّدةِ بسلسلةٍ من الأوتاد الفولاذيَّة التي تخترق أرضية البحر، وللحصول على محاكاةٍ حقيقيةٍ للهيكل الإنشائي لجُملة القبَّة والتَّكوين البصري النَّاتج عنها تم بناء نموذجٍ أوّليٍ مُسبق ومُصغر للقبَّة بمقياس 1:33.
Image: courtesy of TDIC
يُعتبر متحف اللُّوفر أبو ظبي الوجهة الحديثة لتصميم المُنتزهات الحضريَّة فهو أشبه بحديقةٍ على الشاطئ تُقدِّم الملاذ المُنعش لمرتاديها من الحرارة المرتفعة، إذ تُشكل المنطقة المرصوفة والمُغطَّاة بالقبّة فراغاتٍ عامةٍ حيث يُمكن للزوار التجوّل وسط السَّاحات والممرات الضيّقة والاستمتاع بمشاهدة الواجهات الداخلية والبِرك المائية والحدائق الصغيرة، بينما تُعتبر المباني منخفضة الارتفاع والمُخصَّصة لاحتضان المعارض الدائمة والمحترفات والخدمات والمكاتب فراغاتٍ أكثر خصوصيّة. ويُمكن الوصول إلى المتحف سيراً على الأقدام عبر جسورٍ مخصّصة للمشاة أو بواسطة القوارب.
Image: courtesy of TDIC
مُتحف اللّوفر أبو ظبي هو مثالٌ جديدٌ على سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لبناءِ منشآتٍ حديثةٍ تتلاءم مع المقاييس العالمية للتنمية المستدامة، مع مراعاة طبيعةِ الموقع وتاريخ المنطقة وتُراثها المعماري.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا