القيلولة تغذّي الأدمغة الآخذة بالنمو
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
شو علاقة القيلولة بالذاكرة وبسلامة التفكير بمرحلة النمو؟
يشغل موضوع النوم حيّزاً كبيراً من تفكير الأبوين ويعتبر جزءاً لا يتجزّأ من عملية تربية الأطفال، وقد نوقش هذا في اجتماع للأكاديمية الوطنية للعلوم، ليقدّم أول دليل على أنّ النوم أثناء النهار حسّاس ومؤثّر في التعلم لدى الأطفال الصغار. ومع هذا الموضوع نتذكر سؤال الأهل الأزلي: هل يحصل طفلي على ما يكفيه من النوم؟
رغم رغبة العديد من الأهل بتوفير قدر أكبر من النوم لأولادهم، لا تزال الخدمات التي يقدمها النوم للصغار غامضةً نوعاً ما، وخصوصاً قيلولة النهار. فهل تساعد القيلولة الأطفال على استعادة المعلومات كما هو حال نوم الليل عند البالغين؟
اهتمّت العالمة النفسية ريبيكا سبينسر Spencer من جامعة ماساتشوستس بهذا الموضوع، فعندما بدأت بالبحث عن إجابة لهذه الأسئلة كانت أعمار بنتَيها 3 و5 سنوات. وقد تساءلت أيضاً عن الحماسة النامية لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، من عمر السنتين إلى الستة، مع أنّ الأساتذة لا يُولون اهتماماً للقيلولة. وقالت سبينسر بأنّ هناك الكثير من العلوم والمناهج الدراسية التي تخص المرحلة التمهيدية أو مرحلة ما قبل المدرسة، ولكنّها لا تتبنّى القيلولة. وما زالت المعلومات التي تهتم بفائدة القيلولة غامضة نوعاً ما، فالدراسات على البالغين وجدت أنّ النوم يساعد على تقوية الذاكرة والتعلم، ولكن من غير المعروف إذا كانت القيلولة لها نفس التأثير على الصغار.
قرّرت سنبسر أن تجرّب على بناتها في البداية، لتتأكّد من صحة الافتراض، ثم أضافت لاحقاً أطفالاً من مرحلة ما قبل المدرسة إلى نموذج تجربتها: "40 طفلاً تتراوح أعمارهم من 3-6 سنوات "، وكان هدف سبنسر وفريق البحث مقارنة كل طفل مقابل نفسه؛ كيف تعلّم الطفل وقت القيلولة وبدونها.
بدأ الفريق الثلاثي تجربته بتعليم الأطفال ألعاب للذاكرة والتركيز، وقد لاحظوا أنّ القيلولة أثّرت في أداء الأطفال الصغار، وبخاصّة أولئك الذين اعتادوا عليها. وبعد النوم تذكر كلّ من الأطفال لعبة الذاكرة كما قبل قيلولتهم، ولكن التذكّر تراجع بنسبة 10% عندما لم يحصل الطفل على قيلولته. وكان المفاجئ أنّ الصغار استطاعوا تذكر اللعبة في اليوم التالي، ولكنه كان متراجعا بالنسبة نفسها عند الصغار الذين لايأخذون قيلولة.
وقد تبين لهم أنّ حال القيلولة ليس كحال النوم ليلاً، فقد أوضحت سبنسر أنّ وقت النوم يجب أن يكون قريباً من وقت التعلّم. كما أخذ الباحثون بالحسبان حالة النعاس التي تصيب الطفل بعد القيلولة، فأداء الذاكرة لا يتطوّر فقط عندما يصحى الطفل جيدا بعد القيلولة.
وقد عانى الأطفال المعتادون على القيلولة بمعدل لا يقل عن خمس مرات اسبوعياً، من فقدان للذاكرة بدونها، فقد نسوا حوالي 15% مما تعلموه. أما ألأطفال الذين لم يعتادوا على القيلولة من قبل، فلم يستفيدوا من القيلولة الإضافية لأنهم نضجوا بدون حاجتها، وهم يحصلون بها على قدر أقل من النوم ومجال استيقاظ أكبر.
جعلت سبنسر وفريقها الأطفال يأخذون القيلولة في مختبر النوم الخاص بهم مع تسجيل عيّنات لموجات أدمغتهم وذلك لاستكشاف طبيعة القيلولة. وقد وجدوا ما يُدعى بمغازل النوم sleep spindles وهي اندفاعات صغيرة لأنشطة الدماغ المرتبطة بعمليات الذاكرة.
وقالت الباحثة ميدنيك Mednick التي نشرت دراسة في وقت أسبق هذه السنة تُظهر أنّ مغازل نوم أكثر تتآلف مع الذاكرة المطوّرة بعد النوم: " إنّنا في بداية الفهم الحقّ لكيفية تكافل وتماسك الذكريات أثناء النوم". فقد آمنت هي وسبنسر أنّ عملاً جديداً سيحدّد مدى حساسية وأهمية عنصر القيلولة في عملية التعلّم لدى الأطفال.
المصدر: هنا
مصدر الصورة: هنا