عندما يصبح الحاسب اللمسي جزءا من وصفتك الطبية
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
فيما لا يرى مدمنو التكنولوجيا حرجاً في استخدام وسائلها لمختلف الأغراض وخاصةً للتسلية، وفيما يرى الآباء في هذه الوسائل الضررَ الكامل، يدأب الباحثون في اكتشاف نواحٍ وآفاق جديدةٍ لتحقيق الاستفادة القصوى من كل صغيرة وكبيرة فيها لصالح الإنسان ما حدا بمجموعة من الباحثين لدراسة تأثير استعمال الحواسب اللمسية على الأطفال قبل العمل الجراحي، فما هي هذه الدراسة وكيف صُمِّمَت؟
أُجريَت الدراسةُ على يد باحثين في فرنسا على مئة واثني عشر طفلاً تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 10 أعوام في الوقت الذي سبق عملاً جراحياً يتطلَّب التخديرَ العام، إذ طُبِّقَ الميدازولام كمهدئ تقليدي على 54 منهم، بينما أُعطي البقية أحدَ أنواع أجهزة الحاسوب اللوحية، ثمَّ قورن بين المجموعتين من ناحية مستوى القلق عند الطفل والأبوين، فماذا كانت النتيجة؟
فجَّرت النتيجةُ مفاجأةً من العيار الثقيل، إذ أظهرت عدمَ وجود فروق في مستوى القلق بين المجموعتين: تلك التي استخدمت الميدازولام والأخرى التي تسلَّمت الحواسبَ اللوحية واستخدمتها عشرين دقيقةً قبل العمل الجراحي، ومن المثير للاهتمام أيضاً أنَّ مجموعةَ مستخدمي الحواسبَ اللوحيةَ لم تُظهِر الأعراضَ الجانبيةَ التي أظهرها المرضى الذين تلقوا العلاج الدوائي، كما أنَّ الباحثين قالوا أنَّ تخديرَ مستخدمي الحواسب اللوحية كان أسهل! بالإضافة إلى ذلك، أشارت إحدى الباحثات إلى أنَّ مستوى رضا الوالدين كان أعلى، مرة أخرى، عند مستخدمي الأجهزة اللوحية.
تتفق هذه النتائج مع الخبرات السريرية للعديد من المراكز، إذ صدر الكثيرُ من الأخبار خلال الأعوام القليلة الماضية حول فائدة المعالجات اللادوائية في تخفيف القلق عند الأطفال قبل التخدير العام تحضيراً للعمل الجراحي، ونقتبس من تعليق أحد أساتذة التخدير عند الأطفال: "إجبارُ الطفل على ترك أبويه، وإحساسُه بأحد الأشخاص يضع قناع التخدير على وجهه قد يُحدث رضاً في نفسية الطفل."
هل هناك محاولاتٌ مماثلةٌ لاستعمال وسائلَ غيرَ تقليدية للتخفيف من القلق قبل الجراحة؟
أجرى فريقٌ آخرُ من الولايات المتحدة هذه المرة المقارنةَ بين مجموعتين من الأطفال بطريقةٍ تشبه من حيث المبدأ ما سبق ذكره، ووجدوا أنَّ مستوى القلق انخفض 9 درجاتٍ لدى المجموعة التي تلقَّت الدواء مقابل 14 نقطةً لمستخدمي الحواسب اللوحية، كما وجدوا أنَّ نسبَ الرضا أعلى، والوقتَ المُستَغرَق في غرف الإنعاش أقلُّ لدى مستخدمي الحواسب قبل الجراحة.
لا بدَّ لنا من أن نشيرَ إلى أنَّ هذا الحلَّ لا يُعدُّ سحرياً، كما أنَّه قد لا يعملُ جيداً عند جميع الأطفال، ومع أنَّ هذه الدراساتِ تبقى دراساتٍ مبدئيةً إلا أنَّ هذه النتائجَ قد تكون مثيرةً للاهتمام، وقد تُحفِّزُ استقصاءاتٍ أعمقَ لدراسة تطبيقِ الأدواتِ التكنولوجية في بعض المُمارسات الطبية كبدائلَ أو وسائلَ مُعززةٍ وذلك لزيادة استغلال فوائدها مقارنةً بأضرارها.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا