إطارٌ للصورِ يجعلُ الوقتَ يبدو وكأنهُ يمرُ بشكلٍ ابطأ.
الهندسة والآليات >>>> منوعات هندسية
الرقصُ البطيءُ أو كما أُطلِقَ عليه مُخترعُه بالإنجليزية "Slow Dance"، هو ذلك الإطارُ الذي بإمكانه ببساطةٍ تغييرُ الواقعِ، حيثُ يتحركُ كلُّ ما بداخلهِ ببطءٍ شديدٍ بحيثُ يبدو الأمرُ لنا، وكأنه يتحدى قوانينَ الفيزياءِ. ولكن كما في أغلبِ الغرائبِ التي نراها، هناك الكثيرُ خلفَ ما تراه عيونُنا، وفوقَ ما تتوقعه عقولنا.
- من السريع إلى بطيء:
قامَ المهندسُ والمصممُ جيف ليبرمان (Jeff Lieberman)، باختراعِ نُسخةٍ تناظريةٍ من كاميرا الأفلام التي بإمكانِها صنعُ حركاتٍ وهميةٍ دونَ الحاجةِ لغلقِ العدسةِ. يعتمدُ تصميمهُ الذي يُسميهِ الرقصَ البطيءَ على التفاعلِ بين مجموعةٍ من الصماماتِ الثنائيةِ سريعةِ الوميضِ، وبينَ أجسامٍ تتحركُ بالاهتزازِ، مما يجعلُ الجسمَ الذي بداخلِ الإطارِ يتمايلُ ببطءٍ أو يهتزُ بطريقةٍ غير منتظمةٍ نتيجةً لتغييرِ سرعةِ وميضِ الضوءِ .
هذه الصورُ المتحركةُ ببطءٍ داخلَ الإطارِ ما هي إلا نتاجُ خدعةٍ بصريةٍ تعتمدُ على الطريقةِ التي يستقبلُ بها عقلنا صورَ الأشياءِ من حولنا.
في الحقيقة يهتزُ الجسمُ الموضوعُ داخلَ الإطارِ بسرعةٍ عاليةٍ، لكنّ وميضَ الأضواءِ المَخفيةِ حولَ حوافِ الإطارِ تغيرُ صورةَ الجسمِ التي يستقبلها عقلُنا، فتتحركُ و كأنها معدلُ تحديثِ تناظري، مما يمنعُنا من رؤيةِ الجسمِ سوى في لحظاتٍ محددة. يومضُ الضوءُ داخلَ هذا الإطار قرابة 80 مرة في الثانية، ويعتبرُ هذا المعدلُ الكبيرُ من الومضاتِ سريعاً جداً؛ ليتمكنَ عقلنا من رصدِ حركةِ الجسمِ الدقيقة، لكنه يعتبرُ كافياً ليمنعنا من مراقبةِ تتابعِ الحركاتِ الحقيقةِ التي يتحركُ بها الجسمُ داخلَ الإطارِ. يقومُ عقلنا بناءً على المعلومات السابقةِ لديه ببناء صورةٍ متحركةٍ لهذا الجسمِ تجعله يبدو متموجاً بطرقٍ غيرِ واقعية.
إنّ إدراكَنا البصري محدودٌ بعددِ المراتِ التي تنقل بها عيوننا الإشارات إلى الدماغِ في الثانية الواحدة، و يتغيرُ هذا المعدلُ من حالةٍ إلى أخرى، ليصلَ نظرياً في حدِه الأعلى إلى 1000 لقطة في الثانية تقريباً، أما عملياً فيتباينُ هذا المعدلُ بشكلٍ كبيرٍ.
فعلى سبيل المثال، تُظهِرُ أغلبُ أفلامِ الرسومِ المتحركة 12 لقطةً مختلفةً في الثانية، و لكنها تظلُ قادرة على إعطاءِ صورةِ سلسةِ الحركةِ في ذات الوقت، بالمقابل أظهرت التجاربُ أنه بإمكاننا تمييزُ صورةٍ ما بمجردِ ظهورها لمدة 13 ميلي ثانية، أي ما يقارب ما معدله 80 لقطة في الثانية.
- حياتنا كفيلم مُصوَّر:
هذا الحدّ الفاصلُ بين العالمِ الفيزيائي المتحرك و بين الأفلامِ المتحركةِ، و الذي يقومُ دماغنا بإزالته لدمجِ الصورتين الحقيقيةِ والافتراضيةِ مع بعضهما يُسمى "استدامة الرؤية" ، وهو ما يُمكننا من صناعةِ بعض الصورِ الخادعَةِ لعيوننا، كالتي طَوّرته "zoopraxiscope" أو "زوبراكسيسكوب" في القرن التاسع عشر. حيثُ قامت بوضعِ صورٍ ثابتةٍ على عجلةٍ متحركةٍ، و كانت هذه الحيلةُ البسيطةُ كفيلةً بإيهامِ عقولنا بأنّ تلك الصور الثابتة هي صورٌمتحركةٌ متتابعة. ذات الحيلة هي المسؤولةُ عن جعلِ عجلاتِ السياراتِ المتحركةِ تبدو لنا وكأنها تدورُ بعكسِ اتجاهها، أو جعلُ المياهِ تبدو كأنها تتدفقُ نحو الأعلى.
إنّ تصميم ليبرمان بدأَ بكونِه هديةَ زفافٍ، إلا أنّ الفكرةَ الجديدةَ لاقت إعجاباً كبيراً إلى أن قامَ مع فريقهِ بعرضهِ في موقعِ (Kickstarter) ،والذي يقومُ على فكرةِ التمويلِ الجماعي. و يُمَكّننا إطارُ ليبرمان من وضعِ أيّ جسمٍ نريدُ بداخلهِ، ثم يقومُ محركٌ كهرومغناطيسي بتحريكِ هذا الجسم، كما يوجدُ مقابضٌ على الأطرافِ الخارجية للإطارِ تمكنُكَ من التحكمِ بسرعةِ وميض الضوءِ.
لتجربةِ روعةِ الصورةِ التي يُظهِرُها هذا الإطارُ قامَ ليبرمان بوضعِ عدةِ أشياءٍ داخلَ الإطارِ كالريش و الورود و بعض النباتات، و كان لكلّ جسمٍ حركاته المتراقصة المميزة. يُشجع ليبرمان مستخدمي هذا الإطار أن يجربوا و يتأملوا نتائجَ تجاربهم قائلاً: "علينا أن نستمتعَ بتجاربِ التلاعُبِ بعقولنا".
ونترككم الأن مع فديو رائع لهذا الأطار:
المصدر: هنا