أقدم صخور الأرض بين أيدينا!
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم الأرض
هي الجزء الرقيق من طبقات الأرض، وتبلغ سماكتها تحت اليابسة من 35 إلى 40 كلم تقريباً، وتحت قمم الجبال العالية مثل جبال الهملايا والألب والأنديز حوالي 70 كم، أما تحت المحيطات فتبلغ سماكة القشرة الأرضية حوالي 5 كم على الاكثر، ويغطي القشرة المحيطية طبقة من ماء المحيط يبلغ متوسط عمقها حوالي 4 كم، وتنقسم القشرة إلى قسمين هما: المحيطية والقارية.
يبلغ عمق القشرة المحيطية من 0 الى 10 كيلومترات، وتمثل حوالي 0.099 % من كتلة الأرض، وتحتوي على 0.147% من كتلة قشرة الوشاح. تكونت المحيطية خلال النشاط البركاني، ويتولد منها قشرة جديدة بنسبة 17 كيلومتر مكعب في السنة، تغطي قاع المحيط بالبازلت، وهناك مناطق مثل هاواي وآيسلندا من أمثلة تراكم أكوام البازلت.
أما القشرة القارية فهي بعمق 0 الى 50 كيلومتر، وتمثل 0.374 % من كتلة الأرض، وتحتوي على 0.554 % من كتلة قشرة الوشاح، هذا الجزء الخارجي للأرض يكون أساساً من الصخور البلورية، والمعادن ذات الكثافة المنخفضة التي تكونت في الغالب من الكوارتز (SiO2) وسيليكات قليلة المعدن.
قدّر العلماء بشيءٍ من الدقة عمر أقدم صخرة على كوكب الأرض بحوالي 4.02 مليار سنة، بهدف معرفة تاريخ نشأة الأرض وكيفية تشكــّــل قشرتها وتركيبها، وتقترح الدلائل والموجودات بأن الأرض كانت مغطاة إلى حد كبير بسطح يشبه القشرة المحيطية.
تعطي دراسة هذه الصخرة معلومات هامة عن تشكل القارات الأولى، ولما كانت البيانات شحيحة، وجب التمسك بشدة بكل دليل نجده. يوجد على الأرض ثلاث مناطق تحتوي صخوراً ومعادن يتجاوز عمرها الأربع بلايين عام، واحدة في مقاطعة كيبيك الشمالية، فلزات معدنية في غرب أستراليا، والتشكيل الصخري الموجود في أقاليم شمال غرب كندا، وهو الذي شملته الدراسة موضوعنا في هذا المقال.
يبين التطور الفريد من نوعه الذي جرى على هذه الصخرة وجود فلزات معدن الزركون*، المحفوظة بشكل جيد، غير تاركة أي مجال للشك عن تاريخ تشكلها، وقد تم إيجاد هذه الصخرة الفريدة من نوعها أثناء الأعمال الحقلية للمشاركين في الدراسة. لم يقم معدن الزركون بحفظ عمر الصخور فقط بل حفظ معها أيضاً خصائص التركيب الجيوكيميائي لها، وهو ما تمت دراسته في هذا البحث.
تعطي هذه الصخور والزركون معاً معلومات مهمةً أكثر وبشكل أفضل عن وجود كل منهما على حدى، حيث يقوم معدن الزركون باحتجاز البصمة الكيميائية للصخور ويسجل معلومات عن عمر تشكيلها والتي لا يتم محوها لاحقاً بالأحداث الجيولوجية المختلفة، بينما تسجل الصخور نفسها معلومات كيميائية لا تحتفظ بها فلزات الزركون، وتشبه كيمياء هذه الصخور كيمياء الصخور التي تتشكل اليوم في آيسلندا الحديثة، والتي تمثل صخوراً انتقالية ما بين القشرتين القارية والمحيطية.
تمثل آيسلندا نظيراً لكيفية بداية تشكل القشرة القارية، حيث قام العلماء بفحص هذه الصخور ودراستها لتحليل البصمات الكيميائية وذلك لاكتشاف تدخل الماغما في تشكيل الصخور المحيطية، وقد سجلت واحدة من البصمات الكيميائية المدروسة تمثيلاً محدداً لخطوات تشكيل الماغما لصخور قشرة الأرض؛ عندما كانت الماغما تسخن وتذيب الصخور المحيطة بها أثناء انخفاض حرارتها. لكن وبرغم اكتشاف هذه الصخرة الثمينة، فإن قلة البصمات الكيميائية للقشرة القارية في هذه الصخرة مختلفة عما كان يُعتقد أن تكون عليه صخور القارات، وهو الأمر الذي يقود إلى أسئلة أكثر منه إلى أجوبة.
يمثل انخفاض كمية الأدلة الجيولوجية ونوعيتها عند العودة في زمن تشكيل الأرض أكبر التحديات للجيولوجيين القائمين على دراسة تاريخ قشرة الأرض وما يتعلق به، فالأرض تقوم بإعادة تدوير ذاتيّ لنفسها بشكل دائم فهي تشوه وتذيب القشرة وتمحو حقبة ما قبل التاريخ.
قدم لنا عنصر الزركون في هذه الدراسة بيانات دقيقة ولكنها ماتزال غير كافية عن صخور الأرض. وتبقى دوماً الحلقة المفقودة ما بين علم الكيمياء وعلم الجيولوجيا عند دراسة تاريخ تشكل قشرة الأرض وذلك نظراً للندرة الحادة في الصخور القديمة العائدة إلى الحقب القديمة والقديمة جداً، فالتركيب الجنيني الأولي لقشرة الأرض خلال حقبة الدهر الجهنمي (Hadean)** يبقى غير واضحٍ تماماً، هل هيمنت صخور هذه الحقبة على تركيب قشرة الأرض والمشابهة لقشرة المحيطات اليوم؟، أم هل احتوت كميات كبيرة من الصخور القارية؟ تبقى هناك أسئلة كثيرة دون أجوبة تحمل معها تأثيرات وروابط عن الحياة على سطح الأرض أصلها، وكيفية تشكلها، وتطورها.
هوامش:
(*) الزّركون: معدن يتألف من عناصر السليكون والأكسجين والزركونيوم ويُطلق عليه سليكات الزركونيوم، ورمزه الكيميائي (ZrSiO4). يحتوي الزركون على كميات قليلة من عناصر أخرى مثل الهفنيوم وعناصر أرضية نادرة ويقاوم الانحلال بفعل العوامل الجوية.
(**)الدهر الجهنمي أو الحياة الخفية (Hadean)، وهو أحد دهور الزمن الجيولوجي وأول دهر من أمد ما قبل الكامبري ويسبق الدهر السحيق. وقد بدأ عندما تكونت الأرض حوالي قبل 4.57 مليار سنة وانتهى تقريبا قبل 4 مليار سنة، واستغرق مايقرب من 770 مليون سنة. واشتق الاسم الإنجليزي "الهاديان" من الأسطورة اليونانية هاديس ملك العالم السفلي، إشارة إلى حالة الأرض "الجهنمية" في ذلك الوقت.
المصدر:
هنا
هنا