صابورة السفن
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
صُمِّمَت السفن لتتحرّك في البحار بشكل آمن حاملةً هذه البضائع أو المسافرين. لكن، عندما تُبحر السفينة بدون حُمولة أو تُفرغُ جزءاً من بضائعها في ميناء وتتّجه إلى الميناء التّالي خلال رحلتها، فلابُدّ أن تأخّذ حُمولةً إضافيّةً بدلاً من البضائع التي أفرغتها لتتمكّن من الإبحار بفاعليّة وبسلامة وذلك للحفاظ على السفينة على عمق كافٍ في الماء لضمان عمل المروحة وتوجيه دفّة القيادة وخاصّةً في البحار كثيرة الأمواج. تُسمّى هذە الحمولة الإضافية بالصابورة أو مياە التّوازن (Ballast water).
مياه الصابورة؛ الأهمية والخطر:
يُقلّل ضخّ مياه الصابورة داخل السفينة من الضّغط على هيكلها، ويُحافظ على ضغط حمولتها ضمن الحدود المقبولة، كما يُنظّم استقرارها ويُوفّر الاستقرار العرضي ويُحسّن الدّفع والقُدرة على المُناورة، والأهم أنه يُعوّض عن تغييرات الوزن في مُختلف مستويات حمولات بضائعها.
استخدَمت السفن موادّ صلبةً لتوازنها قبل 1880 م كالحصى والرّمال، حيث كانت عُرضةً للتسرُّب مسبّبةً عدم استقرارها. أُتاحَ الماء خياراً أفضل منذ 120 سنة خلت بفضل إدخال تقنيات الضخ التي تجعل التعبئة والتفريغ أسهل وأرخص، وتضمن استقرارً أفضل لأن نسبة وزن الماء إلى حجمه جيّدة. تُملاً مياه الصابورة في خزانات كما في الشكل
Image: source
مقطع عرضي للسفن يوضح خزان الصابورة ودورة مياە الصابورة )المصدر: البرنامج العالمي لإدارة مياه الصابورة، 2002).
رغم الأهميّة المذكورة إلّا أنّها تُحدِث مشاكل بيئيّة واقتصاديّة وصحيّة خطيرة، فقد أظهرت الدّراسات أنه ملأ َ خزّان المياە يحمل معه آلاف الكائنات المائيّة التي قد تموت قبل الوصول إلى الوجهة المطلوبة وإعادة التفريغ، وبذلك فالصابورة وسيط لنقل الأنواع الغريبة من منطقة جغرافيّة إلى أخرى حول العالم.
تُعدّ الأنواع غريبة (دخيلة) إذا لم تكن موجودة في النّظام بيئي، وتعتبر غازية (من الغزو) عندما يُسبّب دخولها ضرراً على البيئة المحليّة، الاقتصاد، أو الصحة البشريّة. قد تتضمن هذه الأنواع آفات أو أنواعاً مزعجة، وعليه فقد شملت اتفاقية إدارة مياە الصابورة هذه الكائنات بالتالي: كائنات مائية أو مسببات للأمراض يكون في إدخالها إلى البحر، مصبات الأنهار أو المياە العذبة مخاطر على البيئة وصحة الإنسان وممتلكاته، ويفسد إدخالها التنوع البيولوجي ويؤثِّر في الاستخدامات التقليدية للمنطقة.
قد تبقى الأنواع الغريبة المنقولة على قيد الحياة إذا كانت البيئة الجديدة مناسبة لها، لتتوطّن وتُشكِّل جماعة قادرة على التّكاثر بنسب ضارّة في البيئة المضيفة، فتنافس الأنواع الأصليّة ممّا يؤدّي إلى فقدان التنوُّع الحيوي للبيئة المحلّية. وتختلف الآثار الناجمة عن دخول هذه الكائنات بحسب نوعها، وموقع نقطة التفريغ لمياه صابورة السفن الحاملة لها. عُرِفَت الأنواع الغريبة في البيئة البحرية والساحلية، كواحدة من أخطر أربعة مخاطر على محيطات العالم إلى جانب: التلوث البحري من مصادر برّية، الاستغلال الجائر للموارد البحرية الحية و التدخل المادي أو التدمير للموائل البحرية. يقدر أن الصابورة تنقل يومياً 7 إلى 10 آلاف نوعٍ غازٍ حول العالم.
تحمل السفن 3 – 5 مليار طن ماء سنوياً محملةً بأنواع البكتريا، العوالق، اللافقاريّات الصغيرة، البيوض، إضافةً إلى الأنواع النباتية والحيوانية في مراحل حياتها المختلفة؛ من أبواغ ويرقات الأسماك. يضاف إلى ذلك كله رواسب المناطق الضحلة التي تترسب في الخزانات مشكلةً بيئةً للسُّوطيّات النباتيّة.
كان ظهور كتلة كبيرة من العوالق النباتية الآسيوية في بحر الشمال عام 1903 أولى علامات ظهور الأنواع الغازية كما عانت كندا وأستراليا من هذه المشكلة. تعدّ قناديل البحر المشطية Mnemiopsis leidyi كائناً غازياً بارزاً على ساحل الأطلسي الأمريكي وفي البحر الأسود وقزوين حيث ينافس الأسماك التجارية على غذائها.
بعض الحلول:
استُمِدَّت التقنيّة المُستخدمة في معالجة مياه الصابورة بشكلٍ عام من التطبيقات الصناعيّة الأخرى، كنُظُم معالجة مياه الصَّرف الصحِّي. وهناك ثلاث تقنيّات أساسيّة يجمعها نظام واحد عام كما في الشكل
Image: source
- المعالجة الميكانيكيّة:
فصل المواد الصّلبة عن السّائلة باستخدام أقراص أو أغشية ترشيح مثبّتة، مع إجراء الغسل العكسي الآلي للحفاظ على فعّاليّة نفاذيّة غشاء التّرشيح. بالإضافة إلى الطرد المركزي للجسيمات الكبيرة.
2- التعقيم الفيزيائي:
باستخدام الأشعّة فوق البنفسجيّة UV، ومصابيح الزّئبق المحاطة بأكمام من الكوارتز التي تُنتج إشعاع الـ UV، وتُغيِّر التركيب الجزيئي للكائن الحي مانعةً إياه من التكاثر، أو بحقن غاز خامل يحرم الكائنات من الأوكسجين.
3- المعالجة الكيميائيّة والمبيدات:
وتكون حيوية تأكسدية بالكلور أو الأوزون
اعتمد مجلس المنظمة البحرية الدولية IMO مبادئ تّوجيهيّة، وُضعت في ظل إشراف تقني وعلمي، لمُساعدة الحكومات وكل الأطراف المعنيّة الأخرى على التّقليل من مخاطر إدخال عضويّات مائيّة مؤذية وكائنات مُمرضة مع مياه صابورة السفن ليصار إلى الالتزام بها وتشمل:
- تزويد كل سفينة بخطّة لإدارة وتبادل مياه الصابورة.
- إزالة الرّواسب وتجنّب التفريغ غير الضروري.
- التفريغ بمرافق الاستقبال الشّاطئيَّة وإنشاء تقنيّات المعالجة.
كالعديد من أنشطة البشر، تشكل الصابورة خطراً تجب معالجته إذا أردنا الاستمرار بالنقل البحري بشكل آمن علينا وعلى بيئتنا، ويبقى أن تشاركونا أفكاركم في ابتكار بدائل لمياه التوازن؛ تضمن السلامة والفعالية.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا