سادساً: الأمان المخبري- التعامل مع المواد الكيميائية
الكيمياء والصيدلة >>>> مخابر وتشخيص مخبري
هناك أربعةُ مبادئَ أساسيةٍ تكمن وراءَ كلِّ الممارساتِ العمليةِ التي سنقوم بمناقشتِها في هذا الفصل:
1. التخطيطُ للمستقبل: ينبغي تحديدُ المخاطرِ المحتملةِ المرتبطةِ بكلِّ تجرِبةٍ قبل بدايتِها، كما ينبغي توفرُ خطةٍ لمعالجةِ النفاياتِ المتولّدةِ في المختبرِ قبل البَدءِ بأيِّ عمل.
2. الحدُّ من التعرضِ للموادِّ الكيميائية: ينبغي عدمُ السماحِ للموادِّ الكيميائيةِ في أن يكونَ لها أيُّ اتصالٍ مع الجسم. ولذلك تُستخدم الأغطيةُ المخبريةُ ومُعَدّاتُ التهويةِ لمنعِ التعرضِ للمواد المحمولةِ في الهواءِ كلما أمكن ذلك.
3. لا تقلّل من قيمةِ وأهميةِ المخاطر: يُفترض أنّ المزيجَ من الموادِّ الكيميائيةِ أكثرُ سمّيةً من أشدِّ مكوّناتِه سمّية. تُعامَل كلُّ الموادِّ والمركّباتِ الجديدةِ غيرِ المعروفةِ سمّيتُها كموادَّ سامة.
4. كُن مستعداً للحوادث: قبل البَدءِ بأيِّ تجرِبةٍ ينبغي معرفةُ ما يجب القيامُ به في حالِ التعرضِ للموادِّ الخطرة. ينبغي معرفةُ مكانِ وجودِ كلِّ مُعَدّاتِ السلامةِ، ومكانِ أقربِ هاتفٍ وإنذارٍ للحرائق، ومعرفةِ الأرقامِ أوالأشخاصِ الذين يجب الاتصالُ بهم في حالاتِ الطوارئ. أعلِمْ زملاءَك في العملِ بشأنِ النشاطاتِ التي تقوم بها في المختبرِ حتى يتمكّنوا من المساعدةِ بالشكل المناسب.
التعامل مع الموادِّ عاليةِ السمّية:
ينبغي على الأشخاصِ الذين يتعاملون مع الموادِّ الكيميائيةِ عاليةِ السمّيةِ التقيُّدُ بالإرشاداتِ العامةِ للتعاملِ الآمنِ مع الموادِّ الكيميائيةِ في المختبر، إلا أنّ هذه الإرشاداتِ لوحدِها ليست كافيةً عند التعاملِ مع موادَّ كهذه. من الضروريِّ التقيّدُ بتحذيراتٍ إضافيةٍ للتقليلِ من خطرِ التعرضِ للمواد عاليةِ السمية.
التخطيطُ الحذِرُ ينبغي أن يسبقَ أيَّ تجرِبةٍ تتضمن موادَّ عاليةَ السمّيةِ، في كلِّ مكانٍ تُستخدم فيه هذه الموادُّ للمرةِ الأولى أو في كلِّ مكانٍ يجري فيه تطبيقُ بروتوكولٍ جديدٍ من شأنِه زيادةُ خطرِ التعرضِ لهذه المواد. وممّا يمكن عملُه بهذا الشأن:
1. التخطيطُ للتجارِبِ التي تتضمن موادَّ كيميائيةً عاليةَ السمّية: قبل البَدءِ بالتجرِبةِ ينبغي تجهيزُ خطةٍ تتضمن إجراءاتِ الحمايةِ الإضافيةِ التي ستُستخدَم في جميع مراحلِ التجرِبةِ، بدءاً من الحصولِ على الموادِّ الكيميائيةِ وحتى التخلّصِ منها. كما يجب التأكّدُ من ضرورةِ المراقبةِ لضمان سلامةِ التجاربِ، إن كان هناك سببٌ للاعتقاد بأنّ مستوياتِ التعرضِ للموادِّ في التجربةِ قد يتجاوز مستوياتِ السلامةِ المعمولِ بها. يجب على الأشخاصِ الذين يقومون بالتجربةِ معرفةُ علاماتِ وأعراضِ التعرضِ الحادِّ والمزمنِ، ويشمل ذلك الآثارَ المتأخرة. وينبغي استشارةُ طبيبٍ أو خبراءَ طبّيين آخرينَ لتحديدِ ما إذا كان الفحصُ أو الإشرافُ الطبيُّ مناسباً.
2. تعيينُ مناطقَ مصمّمةٍ خصّيصاً: يجب حصرُ الإجراءاتِ التجريبيةِ التي تنطوي على موادَّ كيميائيةٍ شديدةِ السمّيةِ في مناطقِ العملِ المحدّدةِ ضمنَ المختبرِ، وأن تكونَ معروفةً من قِبلِ جميعِ الموظفين. وهذا يشمل نقلَها من حاوياتِ التخزينِ إلى أوعيةِ التفاعل. يمكن استخدامُ هذه المناطقِ لأغراضَ أخرى شرطَ التزامِ جميعِ العاملين في المختبراتِ بالتدريبِ ومتطلباتِ الأمنِ والسلامةِ، وأنْ يكونوا على درايةٍ كافيةٍ ببروتوكولاتِ الاستجابةِ للحالاتِ الطارئة.
3. التحكّمُ بالوصول: فيما يخصّ المخابرَ التي تستخدم موادَّ كيميائيةً شديدةَ السمّيةِ ينبغي أن يكونَ الوصولُ لأماكنِ العملِ مقتصراً على الأشخاصِ الذين أُذِن لهم بهذا العملِ المِخبريِّ وجرى تدريبُهم على الاحتياطاتِ الخاصةِ المطبّقة.
4. التقليلُ من التعرضِ للموادِّ الكيميائيةِ عاليةِ السمّية: نورِد عدداً من الاحتياطاتِ اللازمةِ التي تعزّز السلامةَ في العمل المخبريِّ مع هذه المواد:
• تُجرى الاختباراتُ المُنطويةُ على موادَّ كيميائيةٍ شديدةِ السمّيةِ التي يمكن أن تولّدَ الغبارَ والأبخرةَ داخلَ أغطيةٍ خاصةٍ أو غيرِها من أجهزةِ الاحتواءِ الأخرى.
• ارتداءُ القفازاتِ عند التعاملِ مع السوائلِ السامّةِ أو الموادِّ الصلبةِ أمرٌ ضروريٌّ لحماية اليدين والساعدين.
• ارتداءُ أغطيةٍ خاصةٍ للوجه والعينين لِمنعِ الابتلاعِ أو الاستنشاقِ أو امتصاصِ الجلدِ للموادِّ السامة.
• تُعزل المُعَدّاتُ المستخدمةُ عند العملِ مع الموادِّ الكيميائيةِ شديدةِ السمِّية.
5. التخزينُ والتخلصُ من الفضلات:
يجب اتّباعُ خطواتِ السلامةِ والأمانِ عند تخزينِ الموادِّ الكيميائيةِ عاليةِ السمّيةِ والتخلصِ منها. توضَعُ اللُّصاقاتُ التعريفيةُ على جميعِ العُبْواتِ الحاويةِ على موادَّ كيميائيةٍ عاليةِ الخطورةِ، تتضمن التركيبَ الكيميائيَّ والمخاطرَ المعروفةَ ومحاذيرَ الاستعمال، كما يجب أن تُخزَّنَ هذه الموادُّ الكيميائيةُ في مناطقِ تخزينٍ مصمَّمةٍ خصّيصاً لها.
كذلك يجب اتباعُ إجراءاتِ المؤسسةِ للتخلصِ من الفضلاتِ، وإلا ينبغي الأخذُ بعينِ الاعتبارِ إمكانيةُ المعالجةِ المسْبقةِ للفضلاتِ إمّا قبلَ أو في أثناءِ تراكمِها. قد يكون الإتلافُ داخلَ المختبرِ الطريقَ الأسلمَ والأكثرَ فعاليةً للتعاملِ مع النفاياتِ، ولكنّ المتطلباتِ التنظيميةَ قد تؤثر بهذا القرار.
العمل بالموادِّ ذاتِ الخطورةِ البَيولوجية:
تُستخدم الموادُّ الحيويةُ بالمحاذيرِ العامةِ نفسِها المتبعةِ عند استخدامِ الموادِّ الكيميائيةِ الخطِرة. تُتَّبع المعاييرُ الإضافيةُ التاليةُ للتقليلِ من المخاطرِ عند التعاملِ مع هذه المواد :
1. تُعزل الأدواتُ الحادةُ أو يتم العملُ بها بحذرشديد ( كالمحاقنِ والمشارطِ ومِمَصّاتِ باستور والأنابيبِ الشَّعْرية).
2. العملُ بحذرٍ للتقليل من احتماليةِ تشكّلِ الأبخرةِ الجوّية. ويتم حصرُ الأبخرةِ المنطلقةِ قدرَ الإمكانِ بالقرب من مصادرِها باستخدامِ كابيناتِ الوقايةِ الحيوية.
3. تعقَّم سطوحُ العملِ والأدواتُ بعد الاستخدام.
4. تُغسل اليدان بعد التخلصِ من الملابسِ الواقيةِ وبعد الاحتكاكِ بالموادِّ الملوِّثةِ وقبل مغادرةِ المختبر.
هنالك ممارساتٌ أخرى تساعد بشكلٍ أكبرَ في الوقايةِ من العدوى أو التسمُّماتِ الناتجةِ عن المختبر؛ وهي:
1. إبقاءُ أبوابِ المختبرِ مغلقةً في أثناءِ تنفيذِ التجارِبِ المِخبَرية.
2. تطهيرُ النفاياتِ المُعْدِيةِ قبل التخلصِ منها.
3. استخدامُ الواقياتِ الثانوية.
العمل بالموادِّ الكيميائيةِ القابلةِ للاشتعال:
ينبغي على كافةِ العاملين في المختبرِ أن يكونوا على درايةٍ بخصائصِ جميعِ الموادِّ الكيميائيةِ التي يتعاملون معها، وأن يمتلكوا حداً أدنى من الفهم لشروطِ المختبرِ التي يمكن أن تؤثّرَ في هذه الخصائص. يجب اتباعُ التعليماتِ العامةِ التاليةِ عند العملِ بالمواد الكيميائيةِ القابلةِ للاشتعال:
1. استخدامُ أقلِّ كميةٍ ممكنة.
2. التقليلُ قدرَ الإمكانِ من تواجدِ الموادِّ القابلةِ للاشتعال بالقربِ من المؤكسِداتِ كالهواء، حيث تُغطّى العبواتُ والأواني غيرُ المستخدمة.
3. تخزَّن الموادُّ الكيميائيةُ بالشكل المناسبِ، وتُفصَل الموادُّ الكيميائيةُ القابلةُ للاشتعال عن العملياتِ والمصادرِ المولِّدةِ للاشتعال.
4. تخزَّن الموادُّ القابلةُ للاشتعال التي تتطلب درجةَ تخزينٍ منخفضةً فقط في برّاداتٍ مصمّمةٍ خصيصاً لهذا الغرض. ولا تُستخدمُ البَرّاداتُ العاديةُ إطلاقاً لتخزين هذه الموادِّ الكيميائية.
5. تُعزَل مصادرُ الاشتعالِ عن المناطقِ التي يجري بها العملُ بالموادِّ القابلةِ للاشتعال. هذه المصادرُ تتضمن: مواقدَ بِنْسِن، أعوادَ الثِّقاب، دخانَ السجائر، مواقدَ الغاز، مُعَدّاتِ التدفئةِ أو التسخينِ التي تعمل بالغاز، المُعَداتِ الكهربائيةَ مثلَ أجهزةِ التحريكِ والمحرّكاتِ وأزرارِ التبديل، ومصادرَ الاشتعالِ ذاتَ المستوى المنخفضِ كالأطباقِ الساخنةِ وخطوطِ البخارِ أو السطوحِ الساخنةِ الأخرى.
6. لا تسخَّنُ الموادُّ القابلةُ للاشتعالِ باستخدام اللهبِ المكشوفِ إطلاقاً. وتشمل مصادرُ الحرارةِ المفضّلةِ: حمّاماتِ البخارِ والحماماتِ المائيةَ وحماماتِ الزيتِ والشمعِ وحماماتِ الملحِ والرملِ وحماماتِ النتروجين أو الهواءِ الساخن.
7. قبل تشغيلِ اللهبِ ينبغي التأكدُ من وجودِ موادَّ قابلةٍ للاشتعال بالقربِ من الموقد.
8. تُستخدم مصادرُ اللهبِ المثبَّتةُ جيداً على الأرضِ، وتُستخدم البدائلُ المتاحةُ الأقلُّ خطراً.
9. التنبُّه دائماً إلى أدواتٍ كالأطباقِ الساخنةِ وحمّاماتِ الزيتِ والأفرانِ والمجفِّفاتِ وأدواتِ التسخينِ الأخرى في أثناءِ العمل.
10. يتم الحفاظُ على معَدّاتِ مكافحةِ الحرائقِ المناسبةِ متاحةً وجاهزةً في أيِّ وقت.
العمل بالسوائلِ القابلةِ للاشتعال:
تُتَّبَع التعليماتُ التاليةُ عند العملِ بالسوائلِ القابلةِ للاشتعال:
1. تجنُّبُ خَلقِ تراكيزَ من الأبخرةِ القابلةِ للاشتعال.
2. يتم الحفاظُ على عبواتِ السوائلِ القابلةِ للاشتعالِ قريبةً من بعضِها إلا عندما تقوم بنقلِ المحتويات.
3. تُستخدم التهويةُ لتمديدِ الأبخرةِ بهدف تجنّبِ الوصولِ إلى التراكيزِ القابلةِ للاشتعال.
4. تُستخدم العادماتُ المناسبةُ والآمنةُ كلما يتم نقلُ كمياتٍ ملموسةٍ من الموادِّ القابلةِ للاشتعالِ من حاويةٍ لأخرى، وكلما سُمح لها بالبقاءِ في أوعيةٍ مفتوحةٍ وكلما تمّ تسخينُها في حاوياتٍ مفتوحةٍ، أو تمّ التعاملُ معها بأيِّ طريقةٍ أخرى.
5. عند استخدامِ تِقنياتِ التمديدِ ينبغي التأكدُ من أنّ بعضَ المُعَدّاتِ كالمراوحِ مقاومةٌ للانفجارِ، وأنّ الموادَّ التي تعطي شرارةً متواجدةٌ خارجَ مجرى الهواء.
6. توضع عبواتُ السوائلِ القابلةِ للاشتعالِ على الأرضِ بالشكل المناسبِ لتفريغِ الشحناتِ الساكنة. توليدُ الكهرباءِ الساكنةِ مرتبطٌ بشكل وثيقٍ بمستوى الرطوبةِ، ومن الممكنِ أن يشكّلَ مشكلةً في الجوِّ الباردِ والجافِّ وأيامَ الشتاء. عند استخدامِ العبواتِ غيرِ المعدنيةِ وخصوصاً البلاستيكيةِ فإنّ الاتصالَ مع أدواتِ التأريضِ ينبغي أن يكون مباشرةً مع السائلِ وليس مع العبوة. في الحالاتِ النادرةِ التي لا يمكن فيها تجنّبُ الكهرباءِ الساكنةِ يتم بتنفيذِ جميعِ العملياتِ بأبطأ ما يمكن أو يتمُّ العملُ في جوٍّ خاملٍ للسماحِ بتفريغِ الشحناتِ المتراكمة.
العمل بالغازات القابلة للاحتراق:
يمكن لتسرب الغازاتِ أن يسببَ بيئةً انفجاريةً في المختبر. الأسيتيلين والهيدروجين والأمونيا (النشادر) وكبريتُ الهيدروجين و البروبان وأُحادي أوكسيدِ الكربون تعتبر خطرةً بصفةٍ خاصة. الأسيتيلين والميثان والهيدروجين تمتلك مجالاً واسعاً من التراكيزِ التي تكون قابلةً للاحتراق (عتبة الاحتراق). قبل إنتاجِ أيِّ غازٍ قابلٍ للاشتعال في وعاءِ التفاعلِ يتم تطهيرُ المُعَدّاتِ عبر المُخَلِّياتِ أو باستخدامِ غازٍ خامل، وتُكرَّر العمليةُ ثلاثَ مرّاتٍ لإنقاصِ كميةِ الأوكسجينِ المتبقيةِ إلى ما يقارب 1%.
المصادر:
Chemical Laboratory Safety and Security، a Guide to Prudent Chemical Management. Edited by Lisa Moran and Tina Masciangioli. Copyright 2010 by the National Academy of Sciences (p. 107- 124