الحوسبة التماثلية
المعلوماتية >>>> عام
في السّنواتِ الأخيرةِ أثبتتِ الحَواسيب التّماثليّةُ فعاليتها في مُحاكاةِ الأنظمةِ البيولوجيّةِ وتفوقت بذلك على الحَواسيبِ الرّقميّةِ، إلّا أنَّ الحَواسيبَ التّماثليّةَ الموجودةَ في الوقتِ الرّاهنِ تتطلّبُ برمجتها بشكلٍ يدويٍّ من قِبَلِ الإنسانِ، وتتطلّبُ مُحاكاةَ طيفٍ واسعٍ من عمليّاتِ المُحاكاةِ إلى عمليّاتِ برمجةٍ مُعَقَّدَةٍ ومُسْتَهلِكَةٍ للوقتِ بشكلٍ رهيبٍ.
قام باحثون في علوم الحَواسيب والذَّكاءِ الصُّنعيِّ في معهد MIT بتصميم مُجَمِّعٍ Compiler خاصٍ بالحَوْسَبةِ التَّماثُليّةِ يقوم بترجمةِ اللُّغةِ العاليةِ المستوى الواضحةِ للبشر إلى لغةٍ مُنخفِضَةِ المستوى تتناسبُ مع الدّاراتِ الكهربائيَّةِ للحَواسيبِ التَّماثُليّةِ.
هذا الإنجازُ يمكنُ أن يُساهِمَ في تمهيدِ الطّريقِ لزيادةِ فاعليّةِ ودقّةِ عمليّاتِ المُحاكاةِ التّماثُليّةِ لجميعِ الأعضاءِ البيولوجيّةِ والعُضويّةِ بشكلٍ عامٍ.
يقولُ الباحثونَ بأنَّ مِنَصَّاتِ العَتادِ الصَّلْبِ الرَّقميَّةِ قد تطوَّرَت وتخصَّصَت لتُناسِبَ التّطبيقاتِ الحاليّةِ بشكلٍ كبيرٍ لذلك فقد قَرَّروا تجربةَ شيءٍ جديدٍ لكي يَرَوا إلى أَيْنَ يُمكِنُ أن يصلَ بِهِم.
يقومُ هذا المُجَمِّعُ بأخذِ مُدخَلاتِ المعادلاتِ التَّفاضُليّةِ والّتي يستخدمُها علماءُ البيولوجيا لتَوصيفِ الدِّيناميكيَّاتِ الخلويّة وترجمتَها إلى جُهدٍ و تدفُّقِ تيارٍ يمرُّ خلالَ الشَّريحةِ التَّماثُليَّةِ ، مبدئيّاً يُمْكِنُ لِهذا المُجمِّعِ العملَ على أيِّ شريحةٍ تماثُليّةٍ قابلةٍ للبرمجةِ وتملُكُ المواصفاتِ التِّقنيَّةِ اللّازمةِ إلّا أنَّ الباحثينَ في تجارِبِهم استخدَموا شريحةً خاصةً بِهِم.
باستِخدَامِ الشَّريحةِ الّتي طوَّرَها أَحَدُ الباحثينَ ، قاموا باختبارِ المُجَمِّعِ على خمسِ مجموعاتٍ منَ المعادلاتِ التّفاضليَّةِ الشّائعةِ الاستخدامِ في الأبحاثِ البيولوجيّةِ. حيث أنَّ المُجَمِّعَ لم يستغرِقْ أكثرَ من دقيقةٍ لتوليدِ تطبيقٍ تماثُليٍّ حينَ تمَّ اختبارُهُ على مجموعةِ اختباراتٍ بسيطةٍ. ولكن في تجاربَ أكثرَ تعقيداً بـ 75 معادلةٍ فقد استغرَقَ قُرابةَ السّاعةِ ، إلّا أنَّ تصميمَ تطبيقٍ تماثُليٍّ يدوياً يتطلَّبُ وقتاً أكبرَ بكثيرٍ.
المعادلاتُ التّفاضليّةُ هي المعادلاتُ الّتي تحتوي على توابعَ رياضيّةٍ ومُشتقاتِها والّتي تقومُ بتَوصيفِ معدّلِ تغيُّرِ خرجِ تابعٍ رياضيٍّ وبالتّالي المعادلاتُ التّفاضليّةُ مثاليّةً لتوصيفِ التّفاعلاتِ الكيميائيّةِ في الخليّةِ حيث أنَّ معدَّلَ تفاعلِ مادتَينِ كيميائيَّتَينِ هو تابعٌ لتركيزِهِما.
وفقاً لقوانينِ الفيزياءِ، الجَهدُ والتّيارُ المارُّ عبرَ دارةٍ تماثُليّةٍ يجبُ أن يُحققا التّوازنَ دوماً فإذا كان الجَهدُ والتّيار يَرْمُزانِ لمتغيِّراتٍ في معادلةٍ تفاضليّةٍ فإنّ تغيُّرَ أحدِهِما سيؤثِّرُ في الآخرِ بشكلٍ تلقائيٍّ.
فإذا كانتِ المعادلةُ تُوَصِّفُ تغيُّراً في مجموعةِ تراكيزِ موادٍ كيميائيَّةٍ عبر الوقتِ فإنَّه وبالتّالي تغييرَ المُدخلاتِ عبرَ الزَّمنِ سينتُجُ عنه حلّاً كاملاً لمجموعةِ المعادلات.
بينما الدّاراتُ الرّقميّةُ، وعلى النّقيضِ من ذلك، تحتاجُ لتوزيعِ الوقتِ إلى الآلاف أو حتّى الملايينِ من الفتراتِ الصّغيرةِ وحلِّ مجموعةٍ كاملةٍ من المعادلاتِ لكلِّ معادلةٍ منها. وجميع التّرانزستوراتِ في الدّاراتِ يمكن أن تمثِّلَ حالةً واحدةً فقط من القيمَتَينِ، بدلاً من مجالٍ مستمرٍ من القيَمِ. "مع عددٍ قليلٍ من التّرانزستوراتِ، يمكن أن تقومَ الدّاراتُ التّناظريَّةُ بحلِّ المعادلاتِ التّفاضليّةِ المُعقَّدةِ -، الّتي تحتاجُ الملايينَ منَ التّرانزستوراتِ الرّقميّةِ والملايينَ من الدّاراتِ والعديدَ من نبضاتِ السّاعة – دون أن نغفَل في ذلك آثارَ الضّجيجِ (النّاتجِ عن زيادةِ عدد التّرانزستورات).
يستطيعُ المُجَمِّعُ انطلاقاً من المعاييرِ الّتي وضعَها الباحثونَ للدّارةِ التّماثُليّةِ أن يُحدِّدَ العمليّاتِ الحسابيّةَ القادرِ على إنجازِها، حيثُ طوَّرَ الباحثونَ الشَّريحةَ التَّماثُليَّةَ لتتناسبَ مع المعادلاتِ التّفاضليّةِ الّتي تَظْهَرُ بشكلٍ متكرّرٍ في الخلايا.
ويحوي المُجَمِّعُ مُحرِّكاً جبريّاً قادراً على إعادةِ توصيفِ دخلِ المعادلاتِ لتُصبِحَ أسهلَ في التّرجمةِ لنأخذ مثالاً: التّركيبين ((a(x+y) و ax+ay متكافئَين جبريّاً ولكن يمكن لأحدِهِما أن يكونَ أكثرَ وضوحاً للدّارةِ بناءً على تصميمِ الدّارةِ.
عندما يتمُّ إعادةُ توصيفِ المعادلاتِ الجبريّةِ للمعادلاتِ التّفاضليّةِ يبدأ المُترجِمُ بربطِ عناصرَ المعادلاتِ مع عناصرِ الدّارةِ وفقَ مُخطَّطِ مُعيّن، وقد تفشلُ هذه العمليّة في بعض الحالاتِ ممّا يؤدّي إلى التّراجعِ وإعادةِ الكَرَّةِ مرّةً أُخرى باستخدامِ مُخطَّطِ ربطٍ بديل. إلّا أنّ المُترجِمَ استغرقَ بين 14 إلى 40 ثانية للمعادلةِ الواحدةِ لإنتاجِ مُخطَّطِ ربطٍ ممّا يبشّرُ بأنَّ المُجَمِّعَ لن يتعرَّضَ لطريقٍ مسدودٍ عندَ فرضيّاتٍ غيرِ مُجديَةٍ.
إنّ مُصطلحَ الرّقميّةِ هو مرادفٌ للحواسيبِ في وقتِنا الحاضرِ إلّا أنّ هذه الحقيقة مؤسفةٌ للغايةِ، فالجميعُ يعلمُ أنّ العَتَادَ الصُّلْبَ التَّماثُليَّ قد يكونُ فعّالاً بشكلٍ لا يُصدَّقُ إذا تمكنّا من توظيفِهِ بشكلٍ مجدٍ، فالمُضيُّ قُدُماً في هذا الاتجاهِ قد يفتَحُ الآفاقَ أمامَ مزيدٍ من التَّقدُّمِ في مجالِ عمليَّاتِ المُحاكاةِ البيولوجيّةِ واستكشافِ القُدُراتِ الدَّفينةِ لأنواع أُخرى من الحَوسبَةِ.
المصادر:
هنا