الحَوسبَة الضّبابيّة
المعلوماتية >>>> الحوسبة السحابية
بسبب كونِ المصطلح جديداً نوعاً ما، سأستهلُّ مقالي هذا بتعريفٍ مبسطٍ عن Fog Computing وعن أبرز المزايا الّتي تقدمها بحيث تأتي بالفائدة على مُقَدِمي الخدماتِ والمستخدمين على حدٍ سواء.
يُقصَدُ بالحوسَبَةِ الضّبابيّةِ (fog computing) الّنموذجُ الهيكليُّ المُمَدِدُ للحوسَبَةِ السّحابيّةِ بحيث تقوم الأجهزةُ الطّرفيّةُ (أي المتواجدة على أطراف السّحابةِ) بعمليّاتِ المعالجةِ وحفظ البياناتِ وأغلب العمليّاتِ الّتي تقوم بها السّحابة. من هذه الأجهزة الطّرفيّة مُشّغلات الفيديو والحواسيب الشّخصيّة والأجهزة الذّكيّة وغيرها. بهذه الطّريقة نستطيع الانتفاعَ من مواردِ الأجهزةِ الخاملةِ أو شبهِ الخاملةِ القريبةِ عوضاً عن التّواصل مع المُخّدِماتِ الرّئيسيّةِ المتواجدةِ في السّحابةِ البعيدةِ.
برزت الحاجةُ إلى هذا النّموذجِ بعدَ انتشارِ إنترنت الأشياء IoT وقيامُ هذه الأجهزةِ الصّغيرةِ بتوليدِ كمٍّ من البياناتِ كبيرٍ جدّاً وحاجتها إلى قدرات تحليلٍ وسرعةِ ردٍّ كبيرةٍ جدّاً من قِبَلِ السّحابةِ، إضافةً إلى الحاجة إلى نطاق تردُّدٍ عريضٍ جدّاً لايستطيعُ الإنترنتُ الحاليُّ مواكبَتَهُ. فغالباً ما ترسل هذه الأجهزةُ البياناتِ إلى السّحابةِ وتنتظرُ الرَّدَّ كي تقومَ باتّخاذِ القرارِ في مهمتَّهِا المنوطَةِ بها. في حالة نموذج الـ fog computing تقوم هذه الأجهزة بإرسال هذه البياناتِ إلى أجهزةٍ قريبةٍ منها كالهواتفِ الذّكيّةِ والتّواصلِ معها واستلامِ الرّدِّ في وقتٍ أقصرَ بكثيرٍ مقارنةً بالوقت اللازم للإرسالِ إلى السّحابة وذلك بفضل تواجد هذه الأجهزة الطّرفيّة في منطقةٍ جغرافيّةٍ قريبةٍ جدّاً.
دعونا في البداية نجيب على السّؤال التّالي: ما هو إنترنت الأشياء Internet Of Things؟
إنترنت الأشياء هو مفهومٌ متطوّرٌ لشبكة الإنترنت بحيث تمتلك كلَّ الأشياء في حياتنا قابلية الاتصال بالإنترنت أو ببعضها البعض لإرسالِ وإستقبالِ البياناتِ لأداءِ وظائفَ محدّدةٍ من خلال الشّبكة.
الاعتمادُ على إنترنتِ الأشياء في المستقبل يُبرِز حاجتنا إلى بنيةٍ تحتيّةٍ جديدةٍ. فالبنيّةُ التّحتيّةُ الحاليّةُ ليست مهيّئةً للكمِّ، والنّوعِ، والتّنوّعِ في البياناتِ المولَّدَةِ من قِبَل أجهزةِ إنترنتِ الأشياء. ملياراتُ الأجهزة الّتي لم تكن متصلةً بالإنترنت مسبقاً تولِّدُ أكثرَ من 2 اكزابايت (10006 بايت) يوميّاً. وفي العام 2020، من المُقدَّرِ أن يكونَ هناك أكثرَ من 50 مليار جهاز متَّصلٍ بالإنترنت وبحاجةِ نطاقِ تردُّدٍ عريضٍ جدّاً للتّواصُلِ مع السّحابَةِ الّتي بدورها يجبُ أن تكبُرَ وتتوسَّع بالقّدْرِ الكافي!
ملياراتُ الأجهزة هذه ستكون مختلفةَ الأنواعِ والأهدافِ فمنها الصّناعيُّ والأمنيُّ والتّعليميُّ و الصِّحِّيُّ والشَّخصيُّ. منها ما سيكون متصلاً بمتحكِّماتٍ صناعيّةٍ لتزويدِ هذه المتحكِّماتِ بدرجةِ الحرارةِ باستمرارٍ أو بكونِ أحد خطوط الإمداد مُقفَلاً أم مفتوحاً. في أغلبِ الحالاتِ، يكون هناك مُتَطَلَّبٌ واضحٌ وكبيرٌ لهذه الأجهزةِ في اتّخاذِ القراراتِ بسرعةٍ كبيرةٍ شبهِ لحظيَّةٍ حيث أنّها غالباً ماتكونُ أجهزةً ذاتَ مهمَّةٍ حسّاسةٍ جدّاً. انتظارُ الرَّدِّ من السّحابةِ يُعتَبَرُ أحدَ الجوانبِ الضّعيفةِ في نموذج الحوسَيَةِ السّحابيّةِ بسبب بطءِ الاستجابةِ لأسبابٍ عديدةٍ جدّاً.
وهنا تبرُزُ إيجابيّاتُ الحَوسَبَةِ الضّبابيّةِ حيث سنستطيعُ نقلَ الطَّرَفِ الّذي يقومُ بالتّحليلِ والرَّدِّ إلى مكانٍ جغرافيٍّ قريبٍ جدّاً من الجهازِ المولِّدِ للبياناتِ IoT.
عند القيامِ بنقلِ الأجهزةِ المسؤولَةِ عن تحليلِ البياناتِ إلى مراكزَ جغرافيّةٍ قريبةٍ من أجهزةِ إنترنت الأشياء نقوم باكتساب العديد من الأمورِ الإيجابيّةِ. منها أن نكون قد قمنا بحفظ بياناتِ الإنترنت وقمنا باستخدام الشّبكةِ الدّاخليّةِ فقط. إضافةً إلى قيامنا بتأمينِ البياناتِ الحسّاسةِ من الخروجِ منَ الشّبكةِ الدّاخليّةِ إلى إنترنت العالَمِ الخارجيِّ وتعريضها للخطر. كذلك، نقومُ بزيادةِ سرعة الاستجابة بين أجهزة إنترنت الأشياء والأجهزة المحلِّلة للبياناتِ إلى سرعاتٍ شبِهِ لحظيّةٍ.
متى نقرِّرُ اتّباعَ نموذجِ الحّوسَبَةِ الضّبابيّةِ؟
هناك 3 عواملَ مهمةٍ جداً يجب دراستها قبل اتّخاذ القرار وهي:
- هل يتمُّ توليدُ كلِّ البياناتِ من خلالِ أجهزةِ إنترنت الأشياء؟
- هل هناك عددٌ كبيٌر جدّاً من أجهزةِ إنترنت الأشياء الّتي تقومُ بتوليدِ البياناتِ باستمرارٍ؟
- هل هناكَ حاجةٌ لاتّخاذِ القراراتِ شبهِ لحظيّاً بعد رؤيةِ نتائجِ التّحليل للبيانات المولَّدَةِ؟
إن كانت الإجابةُ بنعمٍ لكلِّ أو لأغلبِ النّقاطِ الثّلاثةِ فيجبُ الأخذُ بالاعتبارِ اتّباعَ نموذجِ الحَوسَبَةِ الضّبابيّةِ.
كيف تعملُ الحَوسَبَةُ الضّبابيّةُ وهل سنستغني تماماً عن السّحابة؟
بالطّبعِ لن نقومَ بالاستغناءِ عن السّحابةِ والحَوسَبَةِ السّحابيّةِ. الحَوسَبَةُ الضّبابيّةُ هي فقط امتدادٌ للحَوسَبَةِ السّحابيّةِ لحلِّ عددٍ من المشكلاتِ أو المصاعِبِ الّتي تواجهنا حاليّاً بسبب دخول إنترنت الأشياء بقوةٍ على عالَمِ الأعمالِ وعالمنا عموماً.
يتكوَّنُ هذا النّموذجُ الجديدُ من جزأينِ رئيسيّينِ وهما السّحابَةُ و Fog Nodes أو أطرافٌ حاسوبيّةٌ مرتبطةٌ بشكلٍ وثيقٍ بإنترنت الأشياء والسّحابة كلتيهما. تكون هذه الأطراف صلةَ الوصل بين السّحابةِ وأجهزةِ إنترنت الأشياء وتقوم بعددٍ من المهمّاتِ عِوَضاً عن السّحابة ومن ثمّ تقومُ برفعِ تقاريرَ دوريّةٍ للسّحابةِ. للتّفصيل سأقوم تالياً بذكر أبرزِ ماتقوم به الأطراف الحاسوبيّةُ و ما تقوم به السّحابة.
بالنّسبةِ للأطرافِ الحاسوبيّةِ سوف تقوم بالتّالي:
- استقبالُ البياناتِ المولَّدَةِ من أجهزةِ إنترنت الأشياءَ بشكلٍ لحظيٍّ
- تشغيلُ البرامجَ المهيّأةَ للتّواصلِ مع أجهزةِ إنترنتِ الأشياءِ وتحليلِ البياناتِ المستقبِلَةِ ومن ثمَّ إرسالُ النّتائجَ والقراراتِ لهذه الأجهزةِ بسرعةِ أجزاءٍ من الثّانية.
- تقديمُ خدماتِ التّخزينِ المؤقّتِ وعادةً ماتكونُ بمدةِ ساعةٍ إلى الساعتين.
- إرسالُ تقاريرَ دوريّةٍ للسّحابةِ.
أمّا بالّنسبة للسّحابة فسوف تقومُ بالتّالي:
- استقبالُ وتجميعُ التّقاريرِ الدّوريّةِ المستقبَلَةِ من العديدِ من الأطرافِ الحاسوبيّةِ.
- تحليلُ البياناتِ والتّقاريرِ المُستقَبَلَةِ وجمعها ببياناتٍ أخرى مفيدةٍ في عمليّاتِ اتّخاذِ القرار.
- يمكنُها إرسالُ قوانينَ عملٍ جديدةٍ للأطرافِ الحاسوبيّةِ بناءً على البياناتِ المُستَقبَلَةِ.
نهايةً، من الواضحِ أنّ للحوسَبَةِ الضّبابيّة العديدَ من المزايا خصوصاً في تطبيقاتٍ معيّنةٍ صناعيّةٍ وخدميّةٍ وطبيّةٍ. أهمُّها هو عدمُ الحاجةِ لإرسالِ البياناتِ بشكلٍ كبيرٍ إلى السّحابةِ عبرَ الإنترنت وسرعةِ الاستجابةِ والاستفادةِ من العتَادِ المتوفِّرِ بجانبنا. كذلك، من المهمِّ ملاحظةُ مستوى الحمايةِ الّذي يمكنُ الحصولَ عليه عند استخدام هذا النّموذج. لكن من المهمِّ أن لا ننسى أنّ الحوسَبَةَ السّحابيّة هي الطّرف المهمُّ في المعادلة هنا وأنَّ هذه الأطرافَ الحاسوبيّةَ هي مجردُ امتدادٍ لما هو مستخدمٌ حاليّاً.
-------------------------------------------------------------------------
المصدر:
هنا