يشكّل الـ DNA نصف الصبغيات فقط!
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم الجينات
هنا).
إلّا أنَّ الوظيفةَ الأساسية لهذا الغلاف لا زالت مجهولة ولم يتمَّ التعرّف عليها بعد، ويقترح الباحثون قيامَه بعزل الصبغيات بعضِها عن بعض خلال أهمّ العمليات الحيوية التي تقوم بها أيّة خلية؛ وهي انقسام الخلايا.
وقد أُطلق على هذا الغمد الغامض )محيط أو إطار الصبغيات Chromosome Periphery)، ويُقترح أنَّ لهذه الصبغيات المحيطية التي توجد على الحدود السطحية من المادّة الوراثية دوراً في منع حدوث الأخطاء خلالَ انقسام الخلية، كالأخطاء التي تتشكل نتيجة السرطنة والأمراض المرتبطة بالتشوّهات الولادية.
ما هي التقنيات التي استُخدمت للوصول إلى هذه النتيجة؟
تمكّن الباحثون باستخدام تقنيات التصوير الحديثة من الحصول على أوّل نموذج ثلاثيّ الأبعاد لصبغيات الإنسان -التي يبلغ عددها 46 صبغياً- بأدقّ التفاصيل (الصبغيات هي تلك التراكيب التي تحتوي على المادّة الوراثية ضمن الخلية).
ومنذ اكتشاف الصبغيات عامَ 1883، حازت الصبغيات على قدرٍ ضخم من اهتمام العلماء، وشُغل الكثيرون بمعرفة المزيد والمزيد عنها. وعلى الرغم من التطوّر التقني الذي وصل إليه المجتمع العلمي، إلّا أنَّ التركيبَ الشكلي الكامل وتنظيم الصبغيات بقيَ لغزاً مدّةً طويلةً من الزمن.
إلى أنْ طوّر العلماء في جامعة إدنبرة Edinburgh تقنيةً مجهريةً شديدةَ الدقّة، سمحت لهم بدراسة بنية الصبغيات عبر طريقة لم يسبق لها مثيل، وتمكّنوا بالتالي من الحصول على تفاصيلَ واضحةٍ للمرّة الأولى.
إنّ التقنية المسمّاة 3 D-CLEM تجمع ما بين الضوء ومجهر إلكتروني، وبرمجيات تشكيل نماذج حاسوبية، لإنتاج صور ثلاثية الأبعاد دقيقة للصبغيات.
ماذا أظهرت الصور عن محتوى DNA؟
كشف تحليل الصور أنَّ المادّة الحاوية على ال DNA والداعمة للبروتين، المسمّاة الكروماتين تبلغ ما نسبته 53 إلى 70% من المحتوى الكلي للصبغيات، أمّا النسبة المتبقية 30-47% فهي مكوّنةٌ من إطار الصبغيات Chromosome Periphery، أي أنَّ الفكرةَ الشائعة، التي استمرّ الاعتقاد بها حوالي 100 سنة بأنَّ الصبغياتِ مكوّنةٌ من الكروماتين بشكل كامل، ولم يحدثْ أنْ فكّر أحد ما في احتمال أن تصبحَ غيرَ صحيحة قد أضحتْ افتراضاً سابقاً.
يقول البروفيسور Bill Earnshaw: "علينا إعادةُ التفكير في الطريقة التي بُنيت بها الصبغيات، وكيفية انفصال هذه الصبغيات عن بعضها خلال انقسام الخلية، طالما أصبحنا نعرف أنَّ المادّةَ الوراثية مغطاةٌ بطبقة سميكة من موادّ أخرى."
هذا الاكتشاف أمرٌ مثير بالفعل، يفرض على الباحثين في مجال الوراثة والصبغيات بذلَ المزيد من الجهود، لمعرفة الدور الحقيقي لهذه الإطارات الصبغية، ولا بدَّ من إعادة النظر في دراسة عمليات انقسام الخلايا وتوزّع الصبغيات، ودراسة ذلك مجدّداً عن كثب.
بقدر ما يعدّ هذا الاكتشاف مهمّاً، فإنّه يعزّز من أهمية المنهجية العلمية في افتراض قابلية الخطأ في النظرية، ما يجعل العلمَ الوسيلةَ الأكثر مرونة وتكيّفاً لفهم الآليات الدقيقة لعمل جسم الإنسان.
المصادر:
هنا
هنا