الطّريق إلى المركبات مستقلة القيادة: يبدأ بالّراحة وينتهي بالأمان
المعلوماتية >>>> عام
إنّ تزايد تحديّات القيادة واختناق الشّوارع والازدياد في عدد السّائقين يوميّاً وتغيّر الأولويّاتِ، كلُّها عوامل شكَّلت قضيّةَ التّركيزِ على موضوعِ الأمان. فقد لعبَ هذا التّطوّر بالاشتراك مع انتشار تقنيّة IVI (الإخبار ضمن المركبة in-vehicle infotainment) في كلِّ مكانٍ دورَ الدّافعِ لصناعةِ محورِ السّيّارة والّذي يشكِّلُ التّحدي الأكبر كونه جزءٌ ميكانيكيٌّ والتّطوّراتُ المُفترَضةُ هي تطوّراتٌ تقنيّةٌ لذلك على الشّركاتِ أن تُصنِّعَه بطريقةٍ مناسبةٍ ليتجاوبَ مع التّحكُّمِ التّقنيِّ (الّذي يتمُّ عبر تقنيّاتِ الحوسَبَةِ)، وتركيزِ الأبحاثِ وجهودِ التّطويرِ على إمكانيّاتِ ووظائفِ أمانٍ متقدّمةٍ، و هذا ماأصبح ممكناً بتقنيّات اليوم، حيث بدأ المصنِّعون بتسليم أنظمةِ قيادةٍ بإمكانيّاتِ أمانٍ وراحة مُحَسَّنَةٍ من خلال تطويرِ أنظمةِ الجيلِ القادمِ لمساعدة السّائق المتقدمة ADAS (Advanced Driver Assistance Systems).
ستصبح السّيّاراتُ أكثرَ أماناً بكثيرٍ وأكثرَ فعاليّةً عن طريقِ إدراكِها وتفاعلِها المتزايدَين مع بيئةِ القيادةِ والظّروفِ المحيطةِ، و ستحقّقُ تقنيةُ ADAS نجاحها الحقيقيّ عندما تُتاح للسّائقين المبتدئينَ والمحترفين، وللسّيّاراتِ الخاصّةِ والتّجاريّةِ على السّواء، ولأنّ لهذه الابتكاراتِ إمكانيّةَ توفيرِ الوقتِ والمالِ وإنقاذِ الأرواحِ فإنَّ أوّلَ من يحقّقها من المصنِّعينَ يمكنُه أن يشكِّلَ الإلهام لتغيير التّفكيرِ المرتبطِ بمجتمعِ المواصلات.
كيف ستتغيّرُ السّيّارات؟
تصف شركة إنتل intel مسار التّغييرات في المركباتِ بثلاثِ مراحلَ هي: الإعلام أو الإبلاغ، و المساعدة، والتّقدير
الإعلام/ الإبلاغ Inform
بدأت هذه المرحلة مع بدايةِ التّقنيّتين IVI و ADAS. فمع ثورةِ الهاتف المتحرّك أراد السّائقون دمج حياتهم التّقنيّة مع سيّاراتهم بسلاسةٍ. فأصبحتِ السّيارات تملك قدرةً على الاتصال سواءً مع الهاتف المتحرّك أو مع أجهزة الموسيقى وغيرها، وهذا ما وسّع حياتنا الرّقميّةَ أكثرَ فأكثر. قدّم المصنِّعون ميزاتِ أمانٍ جديدةٍ فعلتها تقنيّات ADAS بالإضافة لتحسين وظائف تقنيّة IVI. قاد هذا التّطور المصنِّعين إلى مجالاتٍ واختصاصاتٍ جديدةٍ مُتزامنةٍ مع تطوّرِ الأجهزةِ الإلكترونيّةِ الخاصّةِ بالمستخدم بشكلٍ أكبرَ من المحرِّكاتِ الأوتوماتيكيّةِ.
المساعدة Assist
عندما بدأ المصنِّعون بجعل السّيّاراتِ تحقِّقُ الوظائفَ الرّقميّةَ، ظهرت متطلّباتٌ جديدةٌ تقتضي التّحرُّكَ لما بعد تقنيّة IVI، نفّذتها تقنيّة ADAS لتساعد السّيّاراتُ السّائقَ بشكلٍ نشيطٍ، من هذه الميزاتُ التّحذيرُ عند التّجاوزِ غير الآمن، ونظام تثبيتِ السّرعةِ التّكيُّف، و مكابح الطّوارئ وغيرها والّتي تشكّل بضعَ أمثلةٍ فقط عن أثر قوةِ الحوسَبَة في تغيير ما يمكن أن تفعله السّيّارات، جاعلةً القيادةَ أكثرَ أماناً، ويمكن القول أنّه بعد تقنيّة ADAS تحوّلت الآليّة الميكانيكيّة إلى كمبيوترٍ خارقٍ على عجلات.
بالنّتيجة وبعد سنواتٍ من التّطويرِ وتحقيق الغاياتِ هناك تحدٍّ جديدٍ يظهرُ في الأفق وهو إدخال تقنيّة أنصافِ النّواقل في العمل وفيما إذا كانت تلبّي متطلباتٍ جديدةً أخرى لإطلاق الجيلِ الجديدِ القادمِ من تقنيّة ADAS.
البدء بالعمل Assume
يَعِد الجيلُ القادم من تقنيّة ADAS بتحقيقِ مستوياتٍ غيرِ مسبوقةٍ من الأمان، بحيث ستصبح السّيّارة تجمّع تقنّيات ADAS المختلفة على منصّةٍ واحدةٍ لتشكّلَ نظاماً واحداً متكاملاً، يؤدّي المزيدَ من مهامِ السّائقِ كالقيادةِ ضمن زحام المدن أو على الطّرقِ السّريعةِ، ولكن كما أشيرَ سابقاً فإنّ ذلكَ يتطلّبُ من المصنِّعين أن يجدوا مزوّدين قادرين على نقل حلول الحوسَبةِ الّتي تجعل الأداءَ أقرب إلى مُخدِّمات البيانات المركزيّة منه إلى تقنّيات الهواتف الذّكيّة المعتمدة هذه الأيام.
آليّة العمل المفترضة للجيل القادم من تقنيّة ADAS: الحسّاسات والكاميرات وغيرها
حتّى نصلَ إلى تحقيقِ الجيلِ القادمِ من تقنيّة ADAS وللوفاءِ بالوعود الّتي قُطعت للسّائقين، ستحتاج السّيّارات إلى حسّاساتٍ كثيرةٍ لجمعِ المعلوماتِ اللّازمة عن الوسطِ المحيطِ بالسّائقِ والمتغيّر باستمرارٍ، وقابليّة أن تكونَ سرعةُ جمعِ هذه البياناتِ من الحسّاسات هي 1 جيجا بت / ثانية من أجل اتّخاذ قراراتٍ آمنةٍ.
ستكون هذه الحسّاسات المختلفة جزءاً من مجموعة تقنيّاتٍ أخرى تتضمّنُ كشف الضّوء وتقييم شدّته، ورادار، وتقنيّاتُ كاميرا متطوّرة، ونظامَ تحديدِ مواقعَ، فضلاً عن غيرها.
الوثوقيّة، الحماية والسّرعة
إنَّ عبء اتّخاذ القراراتِ التّشغيليّةِ الّذي كان يوماً من اختصاصِ السّائق أصبحَ بشكلٍ متزايدٍ من اختصاصِ المركبة. وفي نفس الوقت نحن ننتقل من واجهةِ مستخدمٍ ثلاثيّةِ الأبعادِ تحيط بالسّائق وتجعله جزءاً منها (في حالةِ القيادة التقليديّة) إلى واجهةِ مستخدمٍ مساعدةٍ تتوقّع احتياجاتِ السّائق وتشاركه في جعلِ القيادةِ أكثرَ أماناً. في النّهاية ستتولّى الواجهةُ التّحكمَ بالسّيّارة للتّأكدِ من أنّ السّائقَ والركابَ بأمانٍ. إنَّ قدرةَ السّيّارةِ على إدارةِ هذه التّغيّرات وكميّة البياناتِ الضّخمةِ النّاتجةِ تخوّل اتّخاذ قراراتِ القيادةِ الحرجةِ بشكلٍ أساسيٍّ.
الوثوقيّ، الحماية و قرارات الزّمن الحقيقيِّ هي ضروراتٌ غيرُ قابلةٍ للمساومةِ في موضوعِ تقنيّة السّيّارات حيث جزءٌ من الثّانية يمكنُ أن يعني الفرق بين الحياةِ والموتِ.
الحَوسَبَة ضرورةٌ للمنافسة
اعتمد المصنِّعونَ في السّنواتِ الأخيرةِ بشكلٍ كبيرٍ على تقنيّة IVI الخاصّة بالمركبة للتّمّكنِ من ابتكارِ السّيّاراتِ الآليّة. اقترحَ البعضُ أنَّ هذه الأنظمةَ كافيةٌ لتلبيةِ متطلّباتِ الحَوسَبَةِ الّتي تعمل على تمكين الجيلِ الجديد لتقنيّة ADAS لكنَّ الواقعَ يقولُ بأنّ أنظمة IVI الحاليّة لا تقّدم إمكانيّاتِ المعالجةِ الضّروريّةِ، و في الوقتِ الّذي ستستمرُّ فيه تقنيّة IVI بلعب دورٍ مهمٍ في نظام السّيّارة إلّا أنّ سيّاراتِ المستقبلِ ستتطلّبُ مستوىً من الحَوسَبَةِ غيرَ متوفّرٍ حاليّاً في أيٍّ من مُحرّكاتِ اليوم.
ما هي المتطلّباتُ الخمسةُ لتمكينِ تقنيّة ADAS في السّيّاراتِ ذاتيّةِ القيادة؟
قدرةٌ حسابيّةٌ أكبرَ للأجهزةِ ضمن السّيّارات
لتحقيقِ الأهدافِ المنوطةِ بالجيلِ القادمِ من تقنيّة ADAS ستتطلّبُ السّيّاراتُ أجهزةً ذاتَ قدراتٍ حسابيّةٍ أكبرَ، بكلامٍ آخرَ فإنّ تحقيقَ السّيّارةِ الذّكيّةِ يتطلَّبُ عتاداً وبرمجيّاتٍ جديدةً، حيث أنّنا نحتاجُ لمعالجة كميّاتٍ كبيرةٍ من البياناتِ قد تصل إلى 1 جيجا بايت / ثانية ضمن نظام تشغيل الزّمنِ الحقيقيِّ الخاصِّ بالسّيّارةِ، ويجب أن يتمَّ تحليلُ البياناتِ بسرعةٍ كافيةٍ حتّى تتفاعلّ المركبةُ مع التّغيّراتِ المحيطةِ في أقلَّ من ثانيةٍ أي يجبُ على المركبةِ أن تتخذَ القرارَ الصّحيحَ في الوقتِ الصّحيحِ لتحافظَ على حياةِ ركّابها.
سلسلة تغذيةٍ موثوقةٍ
كما أنّ دماغ السّيّارة – إن صحَّ التّعبيرُ – المُتَمَثِّلُ بنظامِ التّشغيلِ المسؤولِ عن تحليلِ البياناتِ واتّخاذِ القراراتِ في الزّمنِ الحقيقيِّ يجب أن يُطوَّرَ ليحقِّقَ ما نرغبُ فيه كذلك الحالُ بالنّسبةِ لسلسلةِ التّغذيةِ الّتي تقوم على مصدر الطّاقة، وبنية الشّبكة، وطرقِ توصيلِ الطّاقة. لذلك يعمل المصنِّعون حاليّاً مع شركاءَ جدد وخاصّةً شركاتُ أنصافِ النّواقل للوصولِ إلى التّغذيّةِ الموثوقة.
منهجيّةٌ مركّزةٌ
تأتي التّقنّياتُ الحديثةُ المُضافةُ حاليّاً إلى السّيّاراتِ مع حاسوبِها وبرمجيّاتِها الخاصةِ بها، ولّدت هذه الحالة منهجيّةَ حوسبةٍ موزّعةٍ تستوعب أنظمةَ وحداتِ التّحكّم المدمجةِ النّامية ECUs، لكنّ ارتفاعَ الكلفةِ والتّعقيدَ مع كلِّ إضافةٍ جديدةٍ وجّه المصنّعين للعودةِ إلى نماذجَ أنظمةٍ متمركزةٍ لتمكينِ السّيّاراتِ ذاتيّةِ القيادة.
حلُّ طاقة منخفضة صغير
حدّد المصنعون أنّ وحدةَ المعالجةِ الأساسيّةِ الّتي ستشكّلُ الدّماغَ للسّيّارةِ يجب أن تتوضّع في الموقع الأكثرَ أماناً في السّيارة وهو تحت مقعد السّائق دون إقلاقِ راحةِ بقيّةِ الرّكاب، و لتحقيق هذا المطلب لا بدّ من استخدام أنصافِ النّواقل الّتي تؤمّنُ إمكانيّاتِ معالجةٍ عاليةٍ وتستخدمُ مقدارَ طاقةٍ صغيرٍ في نفس الوقت.
الحماية والخصوصيّة
يتوقّع المستخدمونَ مستوى حمايةٍ وخصوصيّةٍ معيّنٍ في سيّاراتِهم، وإنّ المركباتِ القائمةِ على الجيلِ الجديدِ من تقنيّةِ ADAS ستعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على بياناتٍ مولَّدَةٍ من مصادرَ ضمنَ المركبةِ نفسِها وتعالَجُ ضمن المركبةِ نفسِها ثمَّ يتمُّ اتّخاذُ القرارِ المناسبِ ما يعني أنَّه لا داعي للتّخوّفِ من نقل البياناتِ إلى وجهاتٍ خارجَ نطاقِ المركبةِ ممّا قد يُسبِّبُ مشاكلَ في الخصوصيّة.
المستقبل بالانتظار
ستشكّلُ عمليّةُ التّجهيزِ للجيلِ القادمِ من تقنيّة ADAS ثورةً في السّيّاراتِ بحدِّ ذاتِها وفي صناعةِ السّيّاراتِ على السّواء، و قد بدأت مجموعةٌ من المصنِّعين بالتّجهيزِ لإطلاقِ مركباتٍ ذاتيّةِ القيادة بحلول عام 2020 لكنَّهم لا يستطيعون القيامَ بذلكَ لوحدهم لأنَّ التّعاونَ بين شركاتِ تصنيعِ السّيّاراتِ وشركاتِ البرمجيّات سيكونُ المُحرِّكَ الّذي يقودُ هذا التّحول.
Image: http://www.intel.com/content/www/us/en/automotive/driving-safety-advanced-driver-assistance-systems-self-driving-technology-paper.html
----------------------------------------------------------
المصدر:
هنا