نعلمُ أنّ قيمة الكتلة موجبة، لكن هل هناك كتلةٌ سالبة؟
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
ادفَعهُ، وخلافاً لكل جسمٍ ماديٍّ نعرفهُ في العالم، فإنّه لن يتسارَعُ في الاتّجاه الّذي تدفعهُ له، بل سيتسارَعُ إلى الوَراء.
نظريّاً، يُمكِنُ أن يكون للمادّةِ كتلةٌ سالبةٌ مثلما يُمكنُ أن يكون للإلكترونات شحنةً كهربائيّةً سالبةً أو موجبة. نادراً ما يُفكر النّاس بهذه الطريقة، ولا يرى عالمنا اليوميّ سِوى الجوانِب الإيجابيّة لِقانون إسحاق نيوتن الثّاني في التّحريك، والّذي تساوي فيه القوّة جداء الكُتلة بالتّسارع؛ F = ma.
بعبارةٍ أخرى، إن دفعتَ جِسمًا ما، فإنه سيتسارَعُ في الاتجاه الّذي دَفعتهُ إليه؛ أي أنّ الكتلة تتسارعُ الكُتلةُ في اتّجاهِ القوة.
يقول مايكل فوربس: "هذا ما اعتدنا عليه. أمّا مع الكُتلةِ السّالبة، فإذا دفعتَ شيئاً مّا، فإنَهُ يتسارَعُ نحوك!"
ظروفُ الحصولِ على الكُتلةِ السّالبة:
توصّل فوربس وزملاؤه للحصولِ على الكُتلة السّالبة عن طريقِ تبريدِ ذرّات عنصرِ الرّوبيديوم "Rubidium" إلى أقربِ درجةٍ من الصّفر المُطلق، ممّا جعلَ المادّة تُشكّل حالةً تُعرفُ باسمِ تكاثُف بوز- آينشتاين. في هذه الحالة، الّتي تنبّأ بها الفيزيائيّان ساتيندرا ناث بوز وألبرت أينشتاين، تتحرّك الجُسيمات بِبطءٍ شديدٍ جدّاً، ووفقاً لمبادئ ميكانيك الكمّ، فإنّها تتصرّفُ كموجةٍ، كما أنّها تنتظمُ معاً وتتحرّكُ بانسجامٍ تامٍّ وتتدفّقُ دونَ أيّة لزوجةٍ وبميوعةٍ عاليةٍ جدّاً دونَ أن تفقد الطّاقة، مُشكلةً حالةً تُعرفُ باسم الموائع الفائقة " Superfluid".
وظّفَ باحثون في الطّابق السّادس من قاعة وبستر، بقيادة بيتر إنجلز "Peter Engels"، أستاذِ الفيزياء وعلم الفلك، أشعّةَ الليزر لإبطاءِ حركةِ الجُسيمات وجعلِها أكثرِ برودة، وبتبريد المادّة أكثرَ فأكثر، تخلّصوا من كلّ الجُسيمات السّاخنة نسبيًا والمرتفعة الطّاقة.
حصرَ الليزر ذرّات الروبيديوم كما لو كانت في وعاءٍ صغيرٍ جدّاً بقياسٍ أقلّ مِن مئةِ ميكرون. في هذه المرحلة، يمتلكُ مائع الروبيديوم الفائق كُتلةً عاديّة. فإذا كسرنا الوعاء فإنّ الروبيديوم سيتمدّد ويتوسّع كما هو أي سائلٍ آخر.
لإنشاءِ كُتلةٍ سلبيّة، طبّقَ الباحِثون مجموعةً ثانيةً من أشعّة الليزر لركلِ الذرّات ذهاباً وإياباً وتغيير اتّجاه لفّها الذاتيّ*. وعندما ينكسرُ الوعاءُ وينطلقُ الرّوبيديوم بسرعةٍ كافيةٍ، فإنهُ يتصرّف كما لو كانت كتلتهُ سالبة، وبمجرّد دفعِهِ فإنّهُ يُسرعُ إلى الوراء، وكأنّهُ يصطدمُ بجدارٍ غير مرئيّ.
تتميّز هذه الدّراسة بأنّها تجنّبت الآثار الجانبيّة الخفيّة للتّقنيات الّتي وظّفها الباحثون سابقاً للتوصّل إلى الكتلةِ السّالبة، وبأنّها أيضاً تمكّنت من التحكّم بشكلٍ رائع بطبيعة الكتلةِ السّالبة من دونِ أيّةِ مضاعفاتٍ جانبيّة.
هذا التّحكم المتزايدُ بالجسيمات يعطي الباحثين أداةً جديدةً لتصميمِ وهندسة تجارب تُحاكي الظّواهر الفلكية، مثل النّجوم النّيوترونية، والثّقوب السوداء والطّاقة المظلمة، حيثُ يكونُ إجراء التجارب مُستحيلاً.
* اللف الذاتي هنا
المصدر هنا