مُحَفِزٌ كيمائيٌّ يقلِّد آليَّة عملِ الرؤية عند الإنسان
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
تتكوَّن المستقبلات الضوئية عند الفقاريات عموماً من جزأين مختلفين عديمي اللون، هما صِباغٌ عضوي وبروتين، ولكن عند اجتماعِهما معاً ينتجان جُزَيء ملوَّن وحسَّاس للضوء (هي شاردة الإيمينيوم iminium ion)، وعند الإثارة الضوئية لهذا الجزيء تنشأ الرؤية. من وحي هذه الآلية قام فريقٌ من الباحثين في معهد الأبحاث الكيميائية في كاتالونيا (Chemical Research of Catalonia ICIQ) بتشكيل عائلة جديدة من المحفِّزاتِ المُستدامة والصَّديقة للبيئة، والتي يمكن تفعيلها باستخدام ضوء LED بنفسجي.
صَنَّع الباحثون مجموعة من المُحفِّزات العضوية التي تمتلك خصائص مثيرة جداً للاهتمام، وذلك عن طريق التعديل الكيميائيِّ للحَمضِ الأميني الطبيعي البرولين، وبمجرد تفاعل هذه المُحفزات مع ركيزة التفاعل يتم تشكيل شاردة الإيمينيوم كما يحدث في شبكية العين. ويقول ماتيا سيلفي Mattia Silivi، الباحثُ الرئيسي للورقة العلمية المنشورة في مجلةNature Chemistry : "تُنتِج هذه التحولات تغيّراً في اللون المرئي ومنه يمكننا معرفة متى يتشكل المُركَّب الوسطي، وبعد تشكُّل المركب الوسطي ما علينا إلا تفعيله بواسطة ضوء LED بنفسجي، وعندها سيكون ناتجُ التفاعل الكيميائي جاهزاً خلال بضع ساعات".
لقد تمَّ تصميم هذه المُحفِّزات بدقةٍ عاليةٍ لتحريض تشكيل مُتمَاكِبات ضوئية للمنتجات الكِيرالية (الفعَّالة ضوئياً)، فالحصول عليها هو أمر ذو فائدة عالية في الصِّناعات الصيدلانية فعموماً يكون لهذه المنتجات قدرة علاجية أعلى وأعراض سلبية أقل.
يقول باولو ميلكوير Paola Melchiorre، قائدُ مجموعة معهد الأبحاث الكيميائية في كاتالونيا (ICIQ) والبروفيسور في معهد كاتالان للأبحاث والدراسات المُتقدِّمة: "على الرغم من كونها آلية مدروسة جيداً في الكيمياء الحيويِّة، إلَّا أنَّه لم يتم استخدام الإثارة الضوئية لشوارد الإيمينيوم لإنتاج مركبات كيرالية حتى اللحظة، ولكن بفضل هذه المقاربة الجديدة يمكننا الحصول على منتجات -بتحفيز من الضوء المرئي- كان من المستحيل الوصول إليها باستخدام التحوُّلات التقليدية المُفعَّلة حرارياً ".
من المميزات المُهمَّة الأخرى لهذه المحفِّزات الجديدة هي ديمومتها، أي القدرة على إعادة استخدامها لوقتٍ طويل، وهي أرخص ثمناً والتعامل معها أسهل كونها مُحفزات عضوية لا تحتوي أي معادن، بالإضافة إلى الاستغناء عن محفزات البالاديوم والروثينيوم المكلفة جداً. كما تكون تنقية منتجات التفاعلات المحفَّزة ضوئياً أسهل، وتسمح هذه المحفزات للكيميائيين بالقيام بالتفاعلات في درجة حرارة الجو المحيط بسهولة دون الحاجة إلى التفعيل الحراري.
تصنَّف مشتقات البرولين ضمن أشهر المحفزات العضوية في الكيمياء، فقد ساهم هذا الاكتشاف في توسيع مدى تطبيقات هذه النوع من المحفزات إلى تحوُّلات كيميائية عديدة، مما قد يخفف الأثر البيئي لهذه التفاعلات وإعطاء القدرة للوصول إلى جزيئات كيرالية غير معروفة مسبقاً.
المصدر:
هنا