قُدرات
الرياضيات >>>> الرياضيات
لقد قَدّر هذه الأرقامَ فريقٌ من الخبراء في عالم الحيوانِ من جامعةِ كامبردج. تشرحُ دراستهم الّتي نُشِرَت في مجلة PNAS لماذا لم يأتِ في الطّبيعةِ كائناتٌ مُتسلّقةٌ تعتمدُ على الالتصاقِ بحجمٍ أكبرَ من حيوانِ الوزغة أو ما نعرفه بـِ (أبو بريص).
Image: +plus
الوزغة وأقدامها اللزجة.
فكلَّما زادَ حجمُ الحيوانِ المُتسلِّقِ، زادت النِّسبةُ الّتي يجب أن تُغطّيها أيضاً المادةُ اللّاصقةُ من جسمه، وقد وضعَ هذا حداً لحجمِ الحيوانِ الّذي يَتسلَّقُ بهذه الاسترتيجيّة، فالحيواناتُ الأكبرُ ستحتاجُ إلى أرجلٍ أكبرَ. لذا فإنّ تغيّراتِ الشكّلِ الضّروريّة تجعلُ من تطوّرِ هذه السّمة أمراً غيرَ عمليٍّ.
وضع "ديفيد لابونت" وزملاؤه أساساً لدراستِهم وهو ملاحظةٌ هندسيّةٌ بسيطةٌ. وقد شرح ذلك بقوله: "كلّما زاد حجمُ الحيوانِ، ينقصُ مقدارُ مساحةِ سطحِ الجسمِ بالنّسبةِ للحجمِ، فالنّملةُ لديها الكثيرُ من مساحةِ السّطحِ ولكنّها ضئيلةُ الحجمِ، أمّا الفيلُ فحجمه كبيرٌ وأمّا مساحةُ سطحه فصغيرةٌ".
يمكنك أن تأخذَ فكرةً عن صحّةِ ما ذكرناه سابقاً بأن تتخيّلَ أنّ جميعَ الحيواناتِ لها شكلٌ كرويٌّ. إنّ مساحة سطحِ كرةٍ نصفُ قطرها r تُعطى بالعلاقة:
أمّا حجمُ الكرة فيعطى بالعلاقة:
وتكون بذلك نسبةُ مساحةِ السّطح إلى الحجم:
والّذي ينقصُ بازديادِ نصف قطر الكرّة r: كلّما كبرت الكرّة، ستصغُرنسبةُ مساحةِ السّطحِ إلى الحجم. وبما أنّ الحيوانات عادةً ليست كرويّة الشّكل، فأشكالُها ليست غريبةً بما فيه الكفاية لنتمكّن من تحديد العلاقةِ العكسيّةِ بين مساحة سطح الحجمِ نسبة للحجمِ وَحجم الجسم. هذا يعني أنّ الحيوانَ الذي حجمه كبيرٌ يحتاج إلى قسمٍ أكبرَ من الحيوانِ الصغيرِ من جسمه ليكون مغطىً بالمادةِ اللّاصقة لكي تتمكّن من حملِ وزن جسمه.
Image: +plus
كيف يمكن للكتلة اللاصقة أن تتغير بحسب حجم الجسم
لقد قارنَ الباحثونَ بين الوزن وحجم المادة اللّاصقة لـ 255 نوعٍ من الحيواناتِ المُتسلّقةِ بما فيهم الحشرات والضّفادع والعناكب والعظّاءات وحتّى الثّدييات. وقال "لابنوت": "لقد قمنا بتغطيةِ أكثرَ من سبعِ رُتَبٍ من الأحجامِ في وزنِ الجسم، وهو تقريباً نفس الفرق بين وزن الصّرصور وساعةِ بيغ بن". وأردف قائلاً: "بالرّغم من أنّنا كنّا ننظر إلى حيواناتٍ مختلفةٍ بشكلٍ كبيرٍ - فاختلافُ عنكبوتٍ عن أبو بريص يُشبه الاختلافَ بينَ إنسانٍ ونملة - ولكنّ أرجلَهم اللّزجةَ متشابهةٌ إلى حدٍّ يلفت الأنظار".
"إنّ الأرجلَ اللّاصقةَ للحيواناتِ المُتسلّقةِ مثالٌ رئيسيٌّ عن التّطوّرِ المُتقاربِ – وهو أن تصلَ أنواعٌ متعدّدٌة من الكائناتِ بشكلٍ مُستقلٍّ عن بعضها، ومن خلال تاريخٍ تطوّريٍّ مستقلٍ جدّاً، إلى نفسِ الحلّ لمشكلةٍ ما. عندما يحدث ذلك، فهذا دليلٌ واضحٌ على أنّ ذلك يجب أن يكون حلّاً ممتازاً".
ليس أكبر، وإنّما لزجٌ أكثرَ
ولكن هناك حلٌّ آخرَ لحلِّ مشكلةِ كيفَ يمكن لحيوانٍ ضخمٍ أن يتمكّنَ من الالتصاق، وهذا بجعلِ أرجلَه اللّاصقةَ أكثرَ التصاقاً. "لقد لاحظنا أنّه في بعضِ المجموعاتِ للأنواعِ المُتربطة ببعضها عن قربٍ أنَّ الكتلةَ اللّاصقة لم تكن تنمو بما يكفي لتتناسب مع حجم الجسم، ومع ذلك تلكَ الحيواناتُ كان بإمكانها أن تلتصقَ بالجدران". قال ذلك "كريستوفر كليمينت"، وهو أحد الباحثين المساعدين من جامعة " Sunshine Coast " وأردَفَ: "لقد لاحظنا أنَّ ثلاثةَ ضفادعٍ قد انتقلوا إلى الخيارِ الآخرِ وهو بجعلِ المادةِ اللّاصقةِ أكثرَ التصاقاً بدلاً من جعلها أكبَر. إنّه من المدهشِ أن نرى حلَّينِ تطوّريّينِ مختلفينِ لمشكلةٍ واحدةٍ وهي ازديادُ الحجمِ والالتصاقُ إلى الجدران."
"بالنّسبة لجميعِ الأنواع، فإنَّ الحلَّ يكمُنُ في ازديادِ حجمِ المادةِ اللّاصقةِ، ولكن هذا لا يبدو ممكناً في الأنواعِ المُتقاربة، رُبّما لأنّ التّغييرَ في شكلِ الجسمِ سيكونُ كبيراً جدّاً. فعِوضاً عن ذلكَ تغدو تلكَ الموادُ أكثرَ التصاقاً كلّما ازدادَ الحجمُ بالنّسبةِ للأنواعِ المُتقاربةِ، ولكنّ الميكانيكيّةَ أو الآليّةَ المسؤولةَ عن ذلك لا تزال غامضةً. هذا مثالٌ عظيمٌ عن القيودِ والابتكارِ التّطوّريِّ."
Image: +plus
الأنواع المختلفة للأرجل ذات المواد اللاصقة.
يقولُ الباحثونَ أنَّ هذه الأفكارَ الّتي تتعلّقُ بالقيودِ على الحجمِ بالنّسبةِ للموادِ اللّاصقةِ قد تحملُ آثاراً عميقةً على تطويرِ موادَ لاصقةٍ واسعةِ النِّطاقِ مستوحاةً من موادَ حيويّةٍ. ويقولُ "لابونت": "تؤكّدُ دراستُنا على أهميّةِ تغيّرِ قياسِ الموادِ اللّاصقةِ، وهذا التّغيّيرُ أساسيٌّ لعمليّةِ تحسينِ أداءِ الموادِ اللّاصقةِ في العديدِ من المجالاتِ. هنالِكَ العديدُ من الأعمالِ البحثيّةِ يُمكنُ القيامُ بها للبحثِ عن الاستراتيجيّاتِ الّتي تقوم بها الحيواناتُ لتجعلَ موادَها أكثرَ التصاقاً، وهذا سيكونُ له تطبيقاتٌ عظيمةٌ في مجالِ التّطويرِ على موادَ لاصقةٍ ضخمةٍ ويمكنُ التّحكُّمَ بها في الوقتِ ذاتِه."
المصدر:
هنا