الجيوغليف
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> ورقو الأخضر شهر أيلول
وتتألّفُ هذه الأشكال من حُفَرٍ وخنادقَ متوضِّعةٍ بدقّة في دوائرَ ومربّعاتٍ لاحظها العلماء بعد قطع الأشجار، ممّا يدلُّ على أنّ البُناة أزالوا الغابات من المنطقة في الماضي.
وقد نشر فريقٌ من الباحثين بقيادة عالمة آثارٍ في جامعة ساو باولو في البرازيل دراسةً في مجلّة الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم أشارت إلى أنّ البشر كانوا يُغيّرونَ في غابات الأمازون منذ قرابة 4000 عام، ويمكنكم الاطلاع على مقالٍ سابقٍ لنا عن تغيير البشر في غابات الأمازون هنا;
كذلك نؤكد على ضرورة التمييز بين موضوع هذا المقال والمقال الذي نشرناه سابقًا عن دوائر الحصاد. هنا;
Image: source
جيوغليف ولاية أكري البرازيليّة
تفاصيل الدراسة:
أخذ الباحثون عيّناتٍ من حُفَرٍ في التّربة بعمق 1.5 مترٍ من موقعَين لرسومات الجيوغليف في ولاية أكري، وحلّلوا محتواها من الفحم الّذي يدلّ على نشاطات الحرق، إضافةً إلى محتواها من نظائر الكربون المستقرّة، واختلافاتِ الكربون الجزيئيةَ التي تكشف طبيعةَ النباتاتِ التي كانت تنمو في تلك المنطقة وسواء كانت أنواعًا عشبيةً أم أشجارًا، ومن ثم تحرَّى الباحثون وجودَ الفيتوليث (phytoliths) في العينات، وهي بقايا مجهريّة من النبات في التربة يمكن أن تساعدَ على تحديد أنواع النباتات المزروعةِ قديمًا في المنطقة.
وجدَ الباحثون أنّ الخيزران (Bamboo) قد سيطرَ على الغابة مدّة 6000 عامٍ على الأقلّ؛ وهذا يدلّ على مستوىً معيَّنٍ من التكيُّف مع تغيُّرِ المُناخ والنشاط البشري، الأمر الذي ساعد على صمود الغابات في ولاية أكري، على عكس نظيرتها من الغابات المطيرة بالقرب من بوليفيا التي تحوّلت إلى سهولٍ من السافانا منذ قرابة 6000 سنةٍ نتيجة فترات الجفاف.
وقد أظهرت التحليلاتُ أنّ طبقاتِ الفحم ظهرت قبل قرابة 4000 سنةٍ، أي في فترة انتقال الإنسان إلى المنطقة حسب ما تبيِّنُه الأدلةُ الأثرية. يشير الفحم إلى اندلاع الحرائق، ومن المرجَّح أنّ المجموعاتِ البشريةَ كانت تضرِمُها بغرض إزالة الغابات.
وأظهر التحليل أيضًا أنّ أشجار النخيل أصبحت أكثر سيادةً في الغابة بعد أن بدأ البشر بتغيير المظاهر الطبيعيّة، ومن المرجح أنّ الناسَ شجّعوا نموَّها لأنّها توفّر الغذاء وموادَّ البناء، فكان النخيلُ من أوائل الأشجار الّتي عادت إلى الظهور بعد إزالة الغابات.
وعلى الرغم من صعوبة دخولها المنافسة مع الأشجار الأكبرِ والأبطأ نموًّا، بقيت أشجار النخيل وفيرةً قرابة 3000 سنةٍ، ممّا يرجحُ أنّ البشر كانوا يعدلون في الغابة ليمنعوا الأشجارَ الجديدةَ من أخذ مكان أشجار النخيل المفيدة. وبعد هَجْرِ منطقة الجيوغليفات منذ 650 سنة، تراجعَ نموّ أشجارِ النخيل وقلّ انتشارها مرّةً أخرى.
أسرار الجيوغليف:
مع بداية النشاطات البشريّة منذ قرابة 4000 سنة، كانت رسوماتُ الجيوغليف البالغةُ من العمر ألفَي سنةٍ جديدةً نسبيًّا على المشهد الأثريّ، وقد أُنشِئَت الجيوغليفات في الغابة التي كان الناس يغيّرون في مكوِّناتها.
وجدَ العلماء في أبحاثٍ سابقةٍ أنّ نباتات الذرة والقرع قد نمت بالقرب من هذه الرسومات، لكنّ علماءَ الآثار لم يجدوا أيّة أدلّةٍ على وجود القرى أو المساكنِ الدائمةِ هناك، بل وجدوا علاماتٍ على إجراء طقوسٍ مُعيَّنة في المنطقة؛ مثلِ أوانٍ مُزيَّنة ومُحَطَّمة قربَ مداخِلِ بعض الجيوغليفات. ومن الممكن أنْ يكون الناسُ قد قصدوا هذه المواقع على نحوٍ مُتَقَطِّع في أثناء مواسِم الحصاد لجمعِ الطعام.
وخَلُصَت الدراسة إلى أنّ بُناة الجيوغليف قد أزالوا الغابات مؤقّتًا لبناء آثارهم، الأمر الذي دفع الباحثين إلى استبعاد الأثر البيئيّ للجيوغليفات الّتي لا يُقارَن تأثيرها مع قطعِ الأشجار والحرق الذي يهدّدُ الأمازون في وقتِنا الحاليّ.
وقد عُثر على جيوغليفات في جميع أنحاء العالم؛ ومن الأمثلة الشهيرة عليها خطوط نازكا في البيرو، وعشراتٌ من الأشكال الهندسية في كازاخستان، وتصاميمُ عجلة العربات في الأردن، ويمكنكم مشاهدتها في الصور:
Image: source
خطوط نازكا في البيرو
Image: source
جيوغليف في كازاخستان
Image: source
جيوغليف عجلة العربات في الأردن
المصادر:
هنا;
هنا