أساسيّات الرصد الفلكي - الجزء التاسع: أهداف المناظيرِ لفصل الخريف
الفيزياء والفلك >>>> أساسيات الرصد الفلكي
يُعدُّ فصلُ الخريفِ أحدَ أفضلِ الفصولِ لمراقبةِ السماء. ففي هذا الفصلِ تعتَدلُ درجاتُ الحرارةِ وتغرُبُ الشمسُ باكراً، ومن ثَمّ تُتاحُ الفرصةُ للرصدِ لوقتٍ طويلٍ وبدرجاتِ حرارةٍ مقبولة. سنُرشدُكم في هذا المقالِ إلى أهمِّ الكنوزِ السماويةِ التي يُمكن مُراقبتُها في فصلِ الخريف.
العُنقود النجميُّ المغلقُ Globular Cluster M2
لإيجادِ العُنقودِ، ننطلقُ من نجمِ النِّسرِ الطائرِ (Altair). والآنَ علينا إيجادُ نجمٍ جديدٍ يُدعى سَعدَ السُّعودِ "Sadalsuud". نرسمُ خطّاً وهمياً من النسرِ الطائرِ باتّجاهِ الأفُقِ الجنوبيِّ. يَبعدُ سَعدُ السُّعودِ عن النجمِ الطائرِ مسافةَ تسعةٍ وعشرين درجةً تقريباً. سَعدُ السعودِ نجمٌ خافتٌ ولكنّه الألمعُ في مِنطقتِه. علينا الانتباهُ كي لا نخلطَ بين سَعدِ السّعودِ والنجمِ المدعوِّ أنف (Enf)، فالنجمُ أنف ألمعُ من سَعدِ السّعودِ ويلمعُ بلونٍ أصفرَ برتقاليٍّ. وإذا دقّقنا النظرَ سنجدُ أنّ أنف يقع على مستوىً أعلى من مستوى النسرِ الطائر، في حينِ أنّ سَعدَ السّعودِ يلمعُ بلونٍ أبيضَ مُزرقّاً، ويقع على مستوىً أخفضَ من النسرِ الطائر؛ أي أنّه أقربُ إلى الأفُقِ من أنف. بعدَها نرسمُ من سَعد السّعودِ خطاً باتّجاهِ وسطِ السماءِ، وعلى امتدادِ أربعِ درجاتٍ نصلُ إلى هدفِنا المنشود.
الصورةُ التاليةُ توضّح ما ذكرناه سابقاً:
Image: Stellarium.org
خطأ مسييه Messier's Mistake
ويُدعى أيضاً M73. خطأُ مسييه عبارةٌ عن أربعةِ نجومٍ ساطعةٍ، سُميت بهذا الاسمِ لأنّ مسييه صنّفها على أنّها عُنقودٌ، وفيما بعد تبيَّنَ أن هذا العُنقودَ مكوّنٌ من أربعةِ نجومٍ فقط!
لإيجادِ M73 ننطلق من نجمِ سَعدِ السّعودِ (لتحديدِه راجعِ الفِقْرةَ السابقةَ)، والآنَ نرسمُ خطاً وهمياً باتجاهِ المُنتصفِ بين الأفقِ الغربيِّ والأفقِ الجنوبيِّ. نمدُّ الخطَّ مسافةَ تسعَ عشْرةَ درجةً ونصفَ الدرجةِ تقريباً فنصِلُ إلى نجمِ سَعدٍ الذّابحِ (Dabih). سَعدٌ الذابحُ أخفَتُ قليلاً من سَعدِ السّعودِ لكنّه الألمعُ في مِنطقتِه. لنتأكدَ أنّنا في المكانِ الصحيحِ، نبحثُ عن ألفا الجَدْي (α Cap). ألفا الجَدْيُ أخفَتُ من سَعدٍ الذابحِ، ويقعُ بالقُربِ من سَعدٍ الذابحِ إلى الأعلى قليلاً. عندما نجدُ ألفا الجّديَ، نرسمُ خطّاً يصلُ سَعداً الذابحَ بألفا الجَديِ ونتجه بالخطِّ مُبتعدين عن الأفقِ؛ سنصلُ عندَها إلى النسرِ الطائر. والآنَ وبعدَ التأكُّدِ أننا في المكان الصحيحِ نرسمُ خطاً عمودياً على الخطِّ الواصِلِ بين سَعدٍ الذابحِ والنسرِ الطائرِ ونمدُّ الخطَّ مسافةَ تسعِ درجاتٍ ونصفِ الدرجةِ تقريباً، وعندها سنبْلُغُ الهدفَ المنشود. توضّح الصورةُ التاليةُ ما أتينا على ذكرِه:
Image: Stellarium.org
العُنقودُ النجميُّ المُغلَقُ Globular Cluster M15
لإيجادِ العُنقودِ نعودُ إلى النجمِ أنف (Enf). والآن نرسُم خطاً باتجاهِ النسرِ الواقعِ (Vega). يجب أن يمتدَّ الخطُّ مسافةَ أربعِ درجاتٍ تقريباً. عندَها نكون قد وصلْنا إلى هدفِنا. توضح الصورةُ التاليةُ ما ذكرناه:
Image: Stellarium.org
العنقود النجميُّ Star Cluster M52
لإيجادِ العُنقودِ نحددُ أولاً كوكبةَ ذاتِ الكرسيِّ (Cassiopeia). والآن نحددُ النهايةَ الأكثرَ لمعاناً في كوكبةِ ذاتِ الكرسيِّ (النهايةُ الأخرى تتألفُ من نجومٍ خافتةٍ). ويُدعى النجمان اللذان يشكّلان النهاية باسم ‘كَف‘ (Caph) و ‘صدرِ ذاتِ الكرسيِّ‘ (Shedir). نصل النجمين ببعضِهما بخطٍّ ونمدّدُ الخطَّ عند النجمِ كف لمسافةِ خمسِ درجاتٍ. عندها سنصلُ إلى الهدفِ المَطلوب.
توضح الصورةُ التاليةُ ما ذكرناه سابقاً:
Image: Stellarium.org
مْيُو الجّدي μ Cap
ميو الجدي هو نجمٌ كغيرِه من النجومِ، نجمٌ خافتٌ ووحيدٌ في السماء. ما يميّز هذا النجمَ هو تاريخُه؛ إذ أنّ الكوكبَ نبتون اكتُشفَ بالقُربِ من هذا النجمِ في العامِ 1846. لإيجادِ هذا النجمِ نتّبع ما يلي:
ننطلق من سَعدِ السّعودِ ونتّجه نحو الأسفلِ مباشرةً لمسافةِ إحدى عشْرةَ درجةً ونصفَ الدرجةِ. سنُصادفُ نجماً لمعانُه مماثلٌ للمَعانِ سَعدِ السّعودِ تقريباً. يُدعى ذلك النجمُ ذنَبَ الجَدْيِ (Deneb Algedi). والآن نعود إلى سَعدِ السّعودِ وننطلقُ إلى غربِ النجمِ (أي إلى اليسار) بعدَ عشرِ درجاتٍ، فنصادفُ نجماً لمعانُه مماثلٌ للمعانِ سَعدِ السّعودِ وذنَبِ الجدْيِ، ذلك النّجمُ يُدعى سَعدَ المَليك (Sadalmelik). والآن ننطلق من ذنبِ الجديِ باتجاهِ سَعدٍ المَليك ولمسافةِ درجتين وثلاثِ أرباعِ الدرجةِ تقريباً. عندها سنصلُ إلى الهدفِ المنشود.
وتوضّح الصورةُ التاليةُ الطريقةَ بشكلٍ أفضل.
Image: Stellarium.org
مجرّة المرأة المُسلسلة Andromeda Galaxy
وتُدعى أيضاً M31. قد يكونُ إيجادُ مجرّةِ المرأةِ المُسلسَلةِ أمراً صعباً (أمضيتُ شهراً كاملاً في مُحاولةِ إيجادِها باستخدامِ مِقرابي) ولكنّ مراقبتَها ممتعةٌ وتُنْسي العناءَ المبذولَ في البحثِ عنها. لإيجادِ المجرّةِ نتّبع الآتي:
ننطلقُ أولاً من كوكبةِ ذاتِ الكرسيِّ، والآنَ نحاولُ تحديدَ إيبْسِلون ذاتِ الكرسيِّ (ε Cas). إيبسلون ذاتُ الكرسيِّ هو أخفَتُ نجمٍ في الكوكبةِ وآخرُ نجمٍ في التشكيلة. والآنَ ننظُر إلى الجهةِ المُقابلةِ لكوكبةِ ذاتِ الكرسيِّ (الجهةِ الخارجيةِ) سنُلاحظ وجودَ ثلاثةِ نجومٍ مصطفّةٍ على شكلِ خطٍ مُستقيم. تلك النجومُ هي جزءٌ من كوكبةِ المرأةِ المُسلسلة. يَهمُّنا من تلك النجومِ النجمُ الموجودُ في الوسطِ، مئزَر (Mirach)، والنجمُ الموجودُ في النهايةِ اليُمنى، الفرس ( Alpheratz) ويُدعى أحياناً (Sirrah). مئزَرٌ هو عملاقٌ بُرتقاليٌّ، في حين أنّ الفرسَ نجمٌ أبيض. كِلا النجمين لهما اللمعانُ نفسُه تقريباً. والآن علينا النظرُ بعمقٍ إلى المئزَر. فوق النجمِ بقليلٍ يوجد نجمٌ آخرُ خافتٌ جداً، ذلك النجمُ يُدعى مْيُو المرأةِ المُسلسلة (μ And). والآن نصلُ الفرسَ بإيبْسِلون ذاتِ الكرسيّ. ونصلُ مئزراً بمْيُو المرأةِ المُسلسلة. والآن نُوجّهُ المِنظارَ إلى مِنطقةِ التّقاطع. المجرّةُ تقعُ أسفلَ نقطةِ التقاطعِ بقليل.
الصّورة التّالية توضّح ما ذكرناه سابقاً:
Image: Stellarium.org
هذا كلُّ ما لدينا لنقدمَه إليكم أعزاءنا أصحابَ المَناظير. سنُتابعُ معكم في هذه السلسلةِ لنُعرّفَكم بالمقاريبِ ومن بعدِها لُنرشدَكم إلى أهدافِ المقاريب.
التُقِطَتِ الصورُ التاليةُ بطريقةٍ احترافيّةٍ، وهي للأهدافِ التي ذكرناها في هذا المَقالِ وفي المقالاتِ الثّلاثِ الماضية.
مشاهدةً مُمتعة:
عنقود الثريا
Image: Davide De Martin & the ESA/ESO/NASA Photoshop FITS Liberator
العنقودان النجميان M47 وM46
Image: Sergio Eguivar (Buenos Aires Skies)
سديم الجبار
Image: NASA,ESA, M. Robberto (Space Telescope Science Institute/ESA) and the Hubble Space Telescope Orion Treasury Project Team
مجرة الدوامة
Image: NASA, ESA, S. Beckwith (STScI), and The Hubble Heritage Team (STScI/AURA)
M3
Image: Daniel Duggan & the ESA/ESO/NASA Photoshop FITS Liberator
M81 وM82
Image: ESA/Hubble and Digitized Sky Survey 2
سديم البحيرة
Image: NASA, ESA, J. Trauger (Jet Propulson Laboratory)
عنقود هيرقل
Image: ESA/Hubble and NASA
M4
Image: ESA/NASA
M15
Image: NASA, ESA
مجرة المرأة المسلسلة
Image: NASA, ESA, J. Dalcanton (University of Washington, USA), B. F. Williams (University of Washington, USA), L. C. Johnson (University of Washington, USA), the PHAT team, and R. Gendler.
مصادر المقال:
Stellarium Data Base
Night Watch by Terence Dickinson