كيف تمَّ التقاءْ «يساوي» ببعض الأصدقاءْ؟
الرياضيات >>>> الرياضيات
«+» وَ «-» يُوهَن ﭬيدمان (1462-1498)
كانَ أوّلُ ظهورٍ للرّمزين «+» وَ «-» في كتابِ: Behennde unnd hubsche Rechnug auff Kauffmanschafften، الّذي أعدّهُ الرّياضيّ الألمانيّ يُوهَن ﭬيدمان (1462-1498) Johann Widmann عامَ 1489. ليسَ معروفاً فيما إذا أخَذَهما ﭬيدمان من أحدِ الأساتذةِ في جامعةِ لايبزيغ Leipzig ولكنَّ المعلومَ هو أنّ أحدَ طُلَّابِ ﭬيدمان قد دوّنَهما في إحدى كُرّاساته، وخَشيةَ أن يُنسَبَ الشَّيءُ لغيرِ صاحبهِ فإنّ بعضَ الأساتذةِ حريصونَ على لحظِ أسمائِهم في كُرّاساتِ طَلَبَتهم. أمّا في عصرنا الحالي، عصرِ العولَمةِ، فإنَّه ليسَ غريباً أن نجدَ مُدرِّساً أو غيرَ مدرِّسٍ، كبيراً أو صغيراً واضعاً اسمَه أو أيّ شعارٍ رامِزاً إليه logo على ماقام بنشرِهِ عبرَ الإنترنت للحفاظِ على «مُلكيَّتِه الفكريَّةِ الافتراضيَّةِ».
«=» روبِرت رِكورد (1510-1558):
Image: Syrian Researchers
من كتاب روبِرت رِكورد Whetstone of Witt
حيث وردت إشارة المساواة مطبوعة.
كانَّ الرّياضيُّ-الفيزيائيُّ روبِرت رِكورد (1510-1558) Robert Recorde مِن مقاطعةِ وِلز أوّلَ من اختارَ رمزَ «=» في كتابه: Whetstone of Witte ، أوّلُ كتابٍ في الجبرِ باللّغةِ الانكليزيّةِ وذلكَ عام 1557. ومنَ الجديرِ بالذّكرِ هُنا أنّ البريطانيّينَ أطلقوا لقبَ فنِّ الأشياءِ the Cossic Art على الجبرِ ومِن هنا أصبحَ عالِمُ الجبرِ فنّانًا شامِلًا cossist . برَّر رِكورد اختياره لـ «=» بقولِهِ التّالي: "سأضعُها كما أفعلُ غالبًا في عملي، زوجٌ من الخطوطِ المتوازيةِ وبذاتِ الطّولِ أو خطّينِ توأمين". واستعملَ رِكورد شكلاً أطولَ من الإشارةِ الحاليّةِ «===» ، و لم تظهر بعد ذلكَ هذه الإشارة حتّى عامَ 1631 حين استعملها توماس هيريِوت Thomas Harriot (1560-1621) وَويليام أوترِد William Oughtred (1574-1660).
إنَّ لإشارةِ المساواةِ دلالاتٍ عدّة، كناتجٍ حسابيٍّ: 5=2+3، وكمُطابقة a3-b3=(a-b)(a2+ab+b2)، وكتعويضٍ كما في x=12 ، إلى ما هنالِكَ من دلالاتٍ، أمَّا في لُغاتِ البرمجةِ فإنَّها تُعبِّرُ عن قِيْمةٍ أو عن مُقارَنةٍ بين مُدخَلَين للحصولِ على قيمةٍ بوليانيّةٍ (0 أو 1). كما أنّ دلالاتِها هامّةٌ جدًّا لإدراكِ الأطفالِ للحسابِ والرّموزِ الجبريّةِ، ولقد انتهت معظمُ الأبحاثِ إلى التّمييزِ بينَ نوعين من الدّلالاتِ لرمزِ المُساواةِ، الأوَّلُ بسيطٌ ويعني: «اكتب الإجابةَ هُنا : «write the answer here وَالثّاني مُركَّبٌ ويعني «يساوي بالمقدارِ is the same as».
X للدّلالة على مقدارٍ مجهولِ القيمةِ:
بدأ المصريّون باستعمالِ الرّموزِ للدّلالةِ على المجاهيلِ واستمرَّ الأمرُ على هذا النّحوِ في الكِتاباتِ الرّياضيّةِ عبرَ التّاريخِ حيثُ كان يُرمَزُ للمقاديرِ المجهولةِ بسلاسلَ حرفيّة ورموزٍ مُتعدِّدَةٍ تبعًا لما يُفضِّلُه الكاتبُ والشَّريحةَ المُستَهدَفَةَ. كان عالمُ الرّياضيّاتِ فرُانسوا ﭬيِيت François Viète (1540-1603) أوّلَ رياضيٍّ نظَّمَ استعمالَ الحروفِ للدّلالةِ على الكميّاتِ مجهولةِ القيمةِ. وِفقاً لمنهجِ ﭬيِيت، الحروفُ الصّوتيّةُ تَرمزُ للكميّاتِ المجهولةِ أمّا السّاكنةُ فللقيمِ المعلومةِ.
Image: Syrian Researchers
ومِن ثمّ وبعدَ عدّةِ عقودٍ جاءَ الرّياضيُّ الفرنسيُّ رُينِيه دِيكارت René Descartes (1596-1650) في كتابه:
«الهندسة La Géométrie » عام 1637 رامِزاً بالحروفِ الأبجديّةِ الأولى للمقاديرِ معلومةِ القيمةِ وبتلك الأخيرة للمجهولةِ منها، ولا نزالُ نكتب معادلةَ المستقيمِ بالصّيغةِ الّتي وضعها دِيكارت: ax+by=c؛ وهي طريقةٌ بغاية التّبسيطِ لكي يستطيعَ القارئُ التَّمييزَ بينَ المعاليمِ والمجاهيلِ، ممّا يجعلُ دِيكارت جديراً بالشُّكرِ والثّناءِ.
أمّا هيمنةُ الحرف X للدّلالةِ على الكميّةِ مجهولةِ القيمةِ فلقد كانت على يدِ المسؤولِ عن طباعةِ الكتابِ آنفِ الذِّكرِ، حينَ واجهَ قصوراً في طباعةِ الأحرفِ الصّغيرةِ بسببِ آلةِ الطّباعةِ آنذاكَ، فما كان منه إلا أن سأل دِيكارت فيما إن كانَ هنالك اختلافٌ فيما لو طبَعَ x أو y أو z في بعضِ معادلاتِ الكتابِ فأجابَهُ دِيكارت أنّه ما من اختلافٍ فيما لو استُخدِمَ أيُّ حرفٍ من الحروفِ الثّلاثةِ للدّلالةِ على المجاهيلِ، فاختارَ المسؤول الحرفَ x لأنّ الحرفين y و z أكثر استخداماً من x في اللُّغةِ الفرنسيّة.
∑ للمجموع وَ « i » لـِ وَ ليونهارد أويلر (1707-1783):
كان أوَّلُ ظهورٍ للعددِ التّخيُّليّ (العُقَديّ)i في الكتاباتِ المنشورةِ عامَ 1794 للعالِمِ السّويسريِّ الّذي أثْرى التّاريخَ الرّياضيَّ بأبحاثِ التّحليلِ والتّبولوجيا ونظريّةِ الأعدادِ والفَلَكِ والميكانيكِ وغيرِها، ليونهارد أويلر (1707-1783) Leonhard Euler وهو أوّلُ من استخدم إشارة « ∑ » للدّلالةِ على المجموعِ. وعلى العمومِ يعودُ له أيضًا تعميمُ استخدامِ π و ذلكَ في أحدِ كُتُبِه المنشورةِ عامَ 1737.
Image: Syrian Researchers
إلّا أنّ أوّلَ ظهورٍ لـ π كرمزٍ بمفردِهِ للدّلالةِ على نسبةِ مُحيطِ الدّائرةِ إلى قطرِها يعودُ للرّياضيِّ البريطانيِّ ويليام جون (1675-1749) William Jones. و لاتفوتُنا الإشارةُ هُنا إلى أنَّهُ استُخدِمَ قبلَ ذلكَ من قِبَلِ ويليام أوتِرد لكتابةِ محيطِ الدّائرةِ ولكن ليسَ للدّلالةِ على نسبةِ مُحيطِ الدّائرةِ إلى قطرِها كجون. و يُعتَقَدُ أنَّ اختيارَ جون لـ π للتّعبيرِ عن هذهِ النّسبةِ يعودُ لأنّه الحرفُ الأوّلُ في الكلمةِ اليونانيّةِ perimetron الّتي تعني "قياسَ المسافةِ حولَ الشّكل the measure around the perimeter ".
كباقي النِّتاجِ العلميِّ، إنّ نتاجَ الرُّموزِ الرّياضيّةِ مزيجٌ لأفكارِ مُبدعينَ عرب وأعاجم وهو إن حَمَل مظهرَ الاختصارِ و التّبسيطِ إلّا أنُّه عميقُ الدّلالةِ ويعكسُ أساليباً في التّفكيرِ؛ فكما وجدنا لتوِّنا أنّ بعضَهم من ارتكزَ على استراتيجيّةٍ لغويّةٍ كالحروفِ الأبجديّةِ سواءً من ناحيّةِ التّمييزِ بينَ الصّوتيّةِ منها والسّاكِنَةِ كفرُانسوا ﭬيِيت أو بينَ الأولى والأخيرة كرينيه دِيكارت واعتمدَ آخرونَ على فلسفةِ المعنى وعبّرَ عنها بطريقتِهِ المنطقيّةِ لينقُلها إلينا صراحةً كما فعلَ روبِرت رِكورد حين قال: "سأضعُها كما أفعلُ غالِباً في عملي خطّين توأمين". ويعودُ الفضلُ الأوّلُ والأهمُّ لإبداعاتِ أجدادِنا المصريّينَ الّذين أَوحوا لنا بـ «فنِّ الرَّمز» وتسخيره للتّعبيرِ البسيطِ عمّا هو مُعقَّدٌ والمُختزَلٌ عمّا هو طويلٌ ممّا يجعلنا نُدركُ أنّ لكلِّ رمزٍ رياضيٍّ دلالته الخاصّة الّتي غالباً ما تعادِلُ كلمةً أو أكثرَ.
المصادر:
Robert Recorde, Whetstone of Witte, 1557.
Art Johnson, Classic Math: History Topics for the Classroom Paperback– 31 Dec 1994.
William P. Berlinghoff Fernando Q. Gouvêa, Math through the Ages, Expanded 2nd Edition 2004.
Ian Jones, A Substituting Meaning for the Equals Signin Arithmetic Notating Tasks, 2012, Vol. 43, No. 1, 2–33.