مَنْ المسؤولُ عن تنظيمِ درجةِ حرارةِ الجسم؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> منوعات بيولوجية
وبينما كان يَفترِضُ الباحثون سابقاً، أنّ البالعاتِ الكبيرةَ (macrophages) -وهي نوعٌ من كرياتِ الدّمِ البيضاء، لها دورٌ مهمّ في الاستجابة المناعية ضدّ الأجسامِ الغريبةِ كعدوى الأجسام الدقيقة* -تلعبُ دوراً رئيسياً ومهماً في التّوليدِ الحراريّ داخلَ الجسم، إلا أنّ الدراسةَ الجديدةَ تقترحُ أن يكون الدور القياديّ لتوليدِ الحرارةِ الداخليّ للجهازِ العصبيّ الودِّي، الذي يسيطرُ عليه الدماغ بشكلٍ رئيسي.
ركَّزَ الفريقُ البحثيّ بقيادة الدكتور Christoph Buettner على مركباتٍ كيميائيةٍ تسمى catecholamines، وهي مركباتٌ حيويةٌ عضويةٌ، يتمّ تركيبُها في الجسمِ ابتداءً من الحمضِ الآميني تيروزين، ومن أمثلتها الأدرينالين والدوبامين التي تعملُ في الجسمِ كهرموناتٍ أو نواقلَ عصبية**،ويتم إفرازُها من قِبَلِ الجهازِ العصبيِّ الودِّي لتنشيطِ النسجِ الدسمة البنية، وهي نوعٌ من النسجِ يقومُ بحرقِ الطّاقةِ لإنتاجِ الحرارةِ الداخلية، كي تبقى أجسامُنا دافئةً، وهي النسجُ الأساسيةُ التي تمدُّ الرُّضَّع عادةً بالطاقة، والتي تشكّلُ ما نسبته 5% من وزنهم، أما لونه البُني فهو بسبب غِناه بالميتوكوندريا، التي تُعتبرُ مصانعَ الطاقةِ ضمنَ الخلية، ولهذه الأنسجة إمداداتٌ قويةٌ بالأوعية الدموية، وكان يُعتقدَ أنّ هذه الأنسجةَ تنتهي فعلياً من الجسم في مرحلة البلوغ، ولكن الدراسات أظهرت أنّ البالغين لديهم هذا النوع من النسج الدهنية، ويهتمُ الباحثون حالياً بدراسةِ هذا النوعِ من النسج، لأنه يُعتقَدُ أنّ هذه الدهون تُحفِّز حرقَ الدهونِ البيضاء.***
ويمكنُ للـ catecholaminesأن تُحوِّل نسجَ الدهونِ البيضاء -وهو النوع المعروف في البالغين و الذي يُخزّنُ الموادَّ الدهنية في الجسم -إلى أنسجةٍ مماثلةٍ لنسج الدهون البُنّيّة، وفي هذا السياق أيضاً، اختبرَ الباحثون فيما إذا كانت البالعاتُ الكبيرةُ، يمكنها توفيرُ مصدرٍ بديلٍ للـ catecholamines ، كما كان قد اقتُرِحَ في السنوات السابقة.
يُعتبرُ التّوليدِ الحراريّ الداخليّ أحدَ عملياتِ الاستقلابِ الغذائي، الذي يتلقى الكثيرَ من الاهتمام؛ لاعتبارِه هدفاً للأدوية التي تسمحُ للجسمِ بحرقِ الطاقة، وتقليلِ حالاتِ السّمنة، وتحسينِ الحالةِ العامةِ للمصابين بالسُّكّريّ، وتبينَ بعدَ البحث أنّه ليس للبالعاتِ الكبيرةِ دورٌ مهمٌ؛ لأنّها غير قادرةٍ على تركيب catecholamines، وأصبحَ من الواضحِ أنّ الدماغَ هو الذي يقومُ بتركيبِها عبرَ الجهازِ العصبيّ الودِّي، ولهذا من المهم جداً دراسةُ الدورِ الذي يقومُ به كلٌ من الدماغ والجهاز العصبيّ الودِّي لفهمِ عمليةِ الاستقلاب الغذائي بشكلٍ أفضل.
تعدُّ القدرةُ على توليدِ الحرارة الداخلية أمراً بالغَ الأهمية، لبقاءِ واستمرارِ الحيوانات ذات الدّم الحار، بما في ذلك البشر؛ لأنه هو الذي يمنعُ الموتَ عن طريق انخفاضِ درجة حرارة الجسم.
ويقول الدكتور Buettner :" إنّ الضغطَ التطوريّ هو الذي شكَّلَ الخصائصَ الحيويةَ للبشرِ والحيواناتِ ذاتِ الدّم الحار، وقد يُفسّرُ ذلك جزئياً، السبب الذي يجعلُ البشرَ عرضةً للإصابةِ بمرض السُّكّريّ في البيئة التي نعيش فيها.
وحسب ما جاء به الدكتور Buettner فإن الكثيرَ من الجهودِ قد استُثمِرَت في استهدافِ الجهازِ المناعيّ لعلاجِ مرض السُّكّريّ ومقومة الأنسولين، وحتى الآن لا توجد أيّ أدويةٍ مضادةٍ للالتهاب أثبتت فعاليتَها في البشر الذين يعانون من الأمراض الاستقلابية، أما الدراسة الحديثةُ فتشير إلى أنّ مكافحة الآثار المدمِّرةِ لمرض السُّكّريّ والبدانة لدى البشر تتمثلُ في استعادة السيطرة على توليد الحرارة والتمثيل الغذائي من قِبَلِ الدماغ والجهاز العصبي الذاتي.
المصادر:
هنا
هنا
هنا